ـ بغداد ـ من سعيد عبدالله ـ لم يقتصر الاحتلال الإيراني للعراق على الجانب العسكري فحسب بل تجاوزه الى الاحتلال الثقافي الذي بدأت طهران بتنفيذه خلال عهد رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي ومازالت مستمرة به من خلال فرض مناهج تعليمية ومدارس إيرانية على العراقيين.
مدارس ومراكز تدريب ومؤسسات ثقافية ومطابع تمثل جميعها الغزو الثقافي الإيراني للعراق الذي يشكل الى جانب الاحتلال العسكري الإيراني أبرز ملامح السيطرة الإيرانية على العراق التي بدأت ابان سقوط نظام حزب البعث في العراق عام 2003.
وأثارت التغييرات التي أجرتها وزارة التربية العراقية على غالبية المناهج الدراسية حفيظة العراقيين الذين وصفوها بالمناهج التي تبث السموم في عقول أطفالهم، فدعوا خلال الأسبوع الماضي الى اضراب عام عن الدراسة احتجاجا على هذه المناهج، لكن الميليشيات الإيرانية منعت الكوادر التدريسية وذوي الطلبة من الإضراب وهددتهم بالقتل فيما إذا استجابوا لتلك المطالبات.
وقال محمود الدليمي، معلم في احدى مدارس مدينة بغداد لـ””: “المناهج التعليمية تحريضية وتزرع في نفوس الأطفال الإرهاب والتطرف مقابل المكونات الدينية الأخرى وهي ضد التعايش السلمي الذي بني عليه العراق الجديد بعد عام 2003″، مشيرا الى أن استمرار طبع هذه المناهج تهدد العراق وتجعله في مواجهة جيل من الإرهابيين مستقبلا.
ورغم رفض عدد من الكتل السياسية في مجلس النواب العراقي لطباعة المناهج في إيران بعد عام 2003 الا أن الأحزاب الحاكمة في العراق الموالية لطهران اتفقت مع النظام الإيران على انشاء مطابع إيرانية داخل العراق يشرف عليها عناصر فيلق القدس التابع لميليشيا الحرس الثوري الإرهابية لطباعة كافة المناهج الدراسية في العراق وفقا لما تقرره إيران لفرض سيطرتها الفكرية والعقائدية على العراقيين.
ولطالما نفت وزارة التربية العراقية في تصريحاتها الرسمية ما يتداوله الشارع العراقي من سيطرة إيرانية على التربية والتعليم في العراق، لكن مسؤولا في الوزارة أكد لـ””: “هناك العديد من المدارس الإيرانية التي افتتحتها ميليشيا الحرس الثوري الإيراني الإرهابية في مدن العراق المختلفة، وجميع كوادرها التدريسية من عناصر الحرس الثوري وتشرف السفارة الإيراني في بغداد على إدارة هذه المدارس”، مبينا أن نظام ولي الفقيه الحاكم في إيران افتتح أكثر من 50 مركزا تعليميا وتدريبيا على شكل مدارس شرعية ومراكز تدريب تستهدف تجنيد العراقيين في صفوف الحرس الثوري والميليشيات التابعة لها في العراق ولبنان واليمن وسوريا والدول الأخرى التي تسعى إيران الى ضرب استقرارها واثارة الاضطرابات فيها.
وبحسب معلومات حصلت عليها “” تستخدم إيران الى جانب المؤسسات التعليمية مؤسسات خيرية ودينية لتوسيع هيمنتها كمؤسسة (إعمار العتبات) الإيرانية التي يشرف عليها حسن بلارك، القيادي في فيلق القدس، التي تنشط في العراق بقوة من خلال صرف مبالغ هائلة ببناء فنادق ومراكز تجارية وتأسيس هيئات دينية وتوظيف رجال دين تابعين لها، إضافة الى هذه المؤسسة يعمل مركزي الكوثر والمبين المختصين بشؤون العراق، داخل العراق تحت غطاء إعمار الأماكن الدينية أيضا ويشرف على قيادته ضابط برتبة عميد في فيلق القدس يُدعى منصور حقيقتجو، أما بالنسبة لمركز المبين فينفذ عملياته تحت غطاء المشاريع الثقافية والتراثية مثل افتتاح المراكز الرياضية والثقافية والمكتبات، ويُشرف على قيادة هذا المركز ضابط آخر في فيلق القدس يُدعى العميد أبطحي.
وتشير المعلومات الى أن مركز المبين أكثر من مائة مكتبة ومجموعة من القنوات الفضائية وأكثر من مائة مؤسسة تحت اسم دار القرآن، ونحو مائة أستوديو لإنتاج وطبع الأقراص الليزرية، ويشرف هذا المركز أيضا على شبكات عدة للنساء والشباب والجامعات والمساجد المنتشرة في جميع مناطق العراق، ومن أبرز المؤسسات التابعة لهذا المركز مؤسسة الأمين، ولجنة إمداد الخميني والهلال الأحمر الإيراني.