شرق أوسط
نتانياهو ما زال متفوقا لكن العواصف بانتظاره
ـ القدس ـ شهدت الفترة الطويلة لتولي بنيامين نتنياهو منصب رئيس الوزراء نجاحا كبيرا ضد معارضيه نتيجة مناورات قيادية بارعة، لكن رهاناته السياسية الاخيرة باجراء انتخابات مبكرة تثير تساؤلات لدى المراقبين حول مغامرته هذه.
تتجه إسرائيل إلى انتخابات مبكرة في التاسع من نيسان/ابريل بينما تشير استطلاعات الرأي إلى أن نتنياهو سيعود الى الحكم مرة اخرى وأنّ حزب الليكود الحاكم سيبقى في السلطة بفارق كبير.
ونتانياهو غير ملزم بالتنحي إذ وجهت إليه اتهامات رسميا. ولكن الضغوط السياسية ستكون بالتأكيد مكثفًة وسيتعين على أي شريك في التحالف معه مستقبلا أن يقرر ما إذا كان سيلتزم أم لا.
ومن المتوقع أن يعلن المدعي العام أفيشاي مندلبليت عن لوائح اتهام في وقت قريب،ومن غير الحكمة الرهان على سقوطه الآن.
وفي حال فوز نتانياهو، سيكون أول رئيس وزراء يتجاوز الفترة التي أمضاها الأب المؤسس لدولة إسرائيل ديفيد بن غوريون في المنصب لاكثر من 13 عاما، بين 1948 و1963.
ولا شك أن نتنياهو يدرك هذا الإنجاز المهم.
وقال انشيل بيفر من صحيفة “هارتس” إن “لا خطة لدى نتانياهو للاستقالة او التنحي ويعتقد انه قادر على تخطي التهم التي ستوجه اليه”.
وبيفر مؤلف كتاب السيرة الذاتية لنتانياهو التي نشرت مؤخرا تحت عنوان “الحياة المضطربة وزمن بنيامين نتنياهو”.
“أمر لا يصدق”
نتانياهو قوي البنية يبلغ 69 عاما مع تسريحه شعره المالوفة بغرته الرمادية، وقد ترسخ في القمة حتى بات يطلق عليه لقب “الملك بيبي”، وهو الاسم المدلل عندما كان طفلا.
قليلون يشككون في قدراته السياسية، لكن انصاره يقولون ان اسطع دليل على ذلك هو عدم تمكن خصومة من تحدي قيادته وهزيمته.
وساعدت سمعة نتانياهو كـ “رجل أمن” إلى حد كبير في حصوله على شعبية واسعة في صفوف الناخبين.
لقد سعى في كثير من الأحيان لتجنب الحديث عن الفلسطينيين بمعزل عن العمليات الأمنية رغم مرور 51 عاما على احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة.
لم تكن هناك مفاجآت في كيفية اطلاق حملته الانتخابية، مشيرا إلى الضربات الإسرائيلية في سوريا ضد ما يقول إنها أهداف عسكرية إيرانية وعمليات لتدمير أنفاق حزب الله.
وقال”نعمل باستمرار على منع تمركز إيران في سوريا”.
واستعرض نتانياهو أعمال حكومته الحالية وركز على قوة إسرائيل العسكرية، إذ “تحتل إسرائيل المرتبة الثامنة في العالم، وهذا امر لا يصدق”.
كما تحدث عن نمو الاقتصاد خلال فترة رئاسته للحكومة.
ولد نتانياهو في مدينة تل أبيب عام 1949. لديه ولدان من زوجته الحالية ساره، كما أن لديه ابنة من زواج سابق.
ونتانياهو ابن لأستاذ تاريخ ناشط في السياسة اليمينية،وقد امضى فترة من حياته في الولايات المتحدة ما يفسر طلاقته بالانكليزية.
وقد خدم في وحدة النخبة في الجيش الاسرائيلي.
نال نتانياهو من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ابرز الجامعات الاميركية، شهادة بكالوريوس في الهندسة المعمارية وماجيستير في إدارة الأعمال.
تاثر بمقتل شقيقه يوناتان خلال عملية تحرير رهائن إسرائيليين في انتيبي في أوغندا. وقد وصف تلك العملية بأنها “تجربة وطنية مأساوية للغاية”.
ظهر على شاشات التلفزيون خصوصا عندما كان ناطقا باسم الوفد الاسرائيلي في مؤتمر مدريد عام 1991.
“استاذ في السياسة”
كان حزب العمل بمسمياته المختلفة يهيمن على السياسة الإسرائيلية لنحو ثلاثة عقود، الى ان نجح حزب الليكود بقيادة مناحيم بيغن في عام 1977 ما ساعد على انطلاقة المسيرة السياسية لنتنياهو.
بدأت مسيرته بعمله في سفارة إسرائيل في واشنطن، وفي وقت لاحق صار مندوبا لاسرائيل لدى الأمم المتحدة.
أصبح أصغر رئيس وزراء عام 1996 عندما كان عمره 46 عاما، ثم ما لبث أن هزم في انتخابات عام 1999 .
عاد نتنياهو إلى السلطة عام 2009 وما يزال.
وقال شموئيل ساندلر من جامعة بار ايلان، “إنه شخصية مثيرة للاهتمام”.
ويعبر ساندلر عن اعجابه بقدرات نتانياهو على التعلم من الأخطاء المبكرة، واصفا ذلك “بأنه اسلوب أمريكي بحت”.
واضاف أن نتانياهو “يعتبر استاذا في السياسة الان، عندما بدأ كان شابا لم يكن يعرف كيفية التعامل معها”.
لكن بالنسبة للكثيرين، فان سياساته تعمق الانقسام، ويتمهونه باتباع اساليب التخويف، وتأليب الإسرائيليين على أنفسهم من خلال انتقاد أولئك الذين يختلفون عنه بقسوة.
وردا على سؤال حول إرث نتانياهو، أشار بيفر إلى مقطع من كتابه ينص على أن “إرثه النهائي لن يكون أمة أكثر أمنا، بل مجتمعًا إسرائيليًا ممزقًا بشدة يعيش خلف الأسوار”. (أ ف ب)