ـ تونس ـ من سناء محيمدي ـ اعلن وزير الداخلية التونسي هشام الفوراتي، عن إطلاق خطة هجومية استثنائية خاصة بمحافظات القصرين والكاف وجندوبة ( والتي تعرف بمثلث الموت) تقوم على الاستباق والتوقي والهجوم كبديل للخطة الدفاعية الحالية، بهدف توفير ضمانات النفاذ إلى مخابئ المجموعات الإرهابية المتحصنة بالجبال الحدودية وملاحقتها والقضاء عليها، وإحكام مراقبة مداخل المدن ومخارجها ودعم الأجهزة الاستخباراتية.
ووفقا للخطة المعلن عنها، سينطلق العمل بها في مرحلة اولى بمحافظة القصرين( وسط غرب تونس)، بانتظار ان تشمل في مرحلة مقبلة محافظتى الكاف وجندوبة ( شمال غربي البلاد)، حيث سيتم تعزيز الموارد البشرية في تلك المناطق عددا وعدة، وتدريبها بالشكل الذي يضمن تحقيق الأهداف المحددة والمتعلقة بتعزيز مقومات الأمن والاستقرار.
وبحسب الداخلية التونسية، فان الخطة الاستثنائية التي ينتظر بدء العمل بها في هذه المناطق، فرضتها جملة من الظروف الطبيعية والأمنية، من بينها تمركز المجموعات الارهابية في تلك المناطق واعتمادها عنصر المباغتة، اضافة الى عدم بلوغ المعدات الخاصة والنوعية المتوفرة إلى الأهداف التي تضمن الوصول إلى تلك المجموعات في مخابئها والقضاء عليها.
الى ذلك، تتميز هذه المناطق بخصوصية جغرافية للجهات الحدودية وما تتسم به من جبال وغطاء نباتي كثيف، تستوجب سيارات وتجهيزات ذات خصوصية عالية، وهي عوامل سيتم العمل عليها في إطار هذه الخطة الإستراتيجية.
من جهته، اعتبر الخبير الامني التونسي علي زرمديني في حديثه مع ، بان هذه الخطة غير جديدة اذ يتم العمل بها منذ 3 سنوات تقريبا، من خلال العمليات الاستباقية التي تقوم بها قوات الامن التونسي لملاحقة المجموعات الارهابية في جحورهم واوكارهم.
واشار الخبير الامني التونسي الى ان القوات الامنية والعسكرية بادرت منذ السنوات الفارطة في تضييق الخناق على الجماعات الارهابية، عبر عمليات التمشيط والتوغل في المناطق الجبلية التي يحتمون بها، ملفتا الى ان الخطة الجديدة ستدعم بشكل افضل لسد ثغرات من خلال احزمة امنية خصوصا في المناطق الحمراء للارهاب( القصرين، الكاف، جندوبة).
وشدد الزرمديني بقوله ان هذه المناطق التي تحظى بخصوصية جغرافية تعد من ابرز مسالك التهريب وينشط فيها الارهاب بدرجة اعلى، فضلا عن ان الارهاب يتغذى من التهريب مما جعلها من المناطق السوداء وتستحق اجراءات استثنائية، للتصدي للعمليات الارهابية من خلال العمليات الاستباقية.
وبحسب تقرير لمركز كارنيغي للشرق الاوسط، فان طبيعة الصراع الدائر في شمال غرب تونس يختلف عن التحديات الأمنية الأخرى التي تعانيها البلاد، فبنظرهم هذا الصراع هو أقرب إلى تمرد منه إلى حملة إرهابية متمادية، فالغالبية الساحقة من الهجمات تستهدف قوات الأمن والعسكر، فيما تحافظ المجموعات على وجودها الدائم على الميدان، وتعمل على حشد الدعم في أوساط السكان المحليين، يضاف إلى ذلك أن كل مقاتلي المجموعات تقريباً هم تونسيون جرى تجنيدهم من مختلف الجهات التونسية.
ويعتبر التقرير المذكور والذي صدر في اغسطس/ اب 2018 ان الصراع والأشد عنفا في تونس هو الذي تدور رحاه في المحافظات التونسية الشمالية الغربية، حيث يخوض الجيش التونسي وقوات الحرس الوطني والشرطة منذ سبع سنوات معارك ضارية ضد مجموعتين ارهابيتين هما: كتيبة عقبة بن نافع التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وجماعة جند الخلافة في تونس الموالية لتنظيم الدولة الإسلامية.
وقد أسفر هذا الصراع عن مقتل ما لايقل عن 127 متشدّدا و118 جنديا وعنصرا في قوات الحرس الوطني وضابط شرطة في شمال غرب البلاد، وإصابة أكثر من 200 عنصر من طاقم الأمن والدفاع ويشمل هذا الرقم غالبية الخسائر التي تكبّدتها هذه القوات منذ نشوب الثورة التونسية.
واوصى التقرير بضرورة انتهاج حكومة تونس مقاربة لا تركز حصرا على القضاء على المتشدّدين، وانما ما اسمته بكسر شوكة التمرد الدائر في الشمال الغربي يقتضي بوضع رؤية استراتيجية لمعالجة الظروف التي سمحت لكل من كتيبة عقبة بن نافع وجند الخلافة في تونس بالازدهار، وإلا فسيظلا يهددان استقرار البلاد.