السلايدر الرئيسيشرق أوسط

2018 عام الصراعات السياسية والعسكرية في العراق

سعيد عبدالله

ـ بغداد ـ من سعيد عبدالله ـ هجمات متتالية لتنظيم داعش في المناطق المحررة واغتيالات في بغداد والمدن الأخرى، وتظاهرات تجتاح البصرة ومدن الجنوب وزيادة نفوذ الميليشيات الإيرانية الإرهابية وانتخابات برلمانية أعقبتها صراعات سياسية على الوزارات السياسية بين الأحزاب والأطراف السياسية، هذه أبرز ملامح الوضع العراقي خلال العام الجاري 2018.
على الرغم من أن الحكومة العراقية أعلنت في نهاية العام الماضي 2017 أنها حررت كافة الأراضي من تنظيم داعش، الا أن العام الحالي الذي أوشكت نهايته شهد هجمات مكثفة لتنظيم داعش شنها على القوات الأمنية العراقية والمدنيين في محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك وفي بغداد وأطرافها، وتمثلت هجمات داعش بنصب الكمائن على الطرق الرئيسية بين هذه المحافظات وزرع العبوات الناسفة والهجوم بالسيارات المفخخة وتنفيذ عمليات الإختطاف وشن هجمات خاطفة على مواقع القوات الأمنية العراقية وأرتال عجلاتها في أطراف المدن وفي الصحراء خصوصا الصحراء التي تفصل العراق عن سوريا.
وكانت محافظة كركوك شمال بغداد، أكثر المدن العراقية التي شهدت عمليات إرهابية في 2018، ومازالت مناطقها الجنوبية والغربية في حدود قضاءي الحويجة وداقوق مسرحا لعمليات داعش وتحركاتها المكثفة، أما الموصل فشهدت هي الأخرى انفجار سيارة مفخخة وسط سوق ناحية القيارة جنوبها في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وانفجار سيارة مفخخة أخرى قرب مطعم أبو ليلى في الجانب الأيمن من الموصل بتاريخ ٨ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، هذا إضافة الى الهجمات اليومية التي يشنها مسلحو التنظيم في أطراف الموصل خصوصا غرب المدينة في قضاء البعاج والمناطق الصحراوية المحاذية للحدود العراقية السورية.
أما محافظة الأنبار فقد شهدت هي الأخرى تحركات مكثفة لمسلحي التنظيم تمثلت في تفجير عبوات ناسفة ومهاجمة قادة عشائريين وشن الهجمات ضد القوات العراقية والميليشيات، الأمر الذي دفع بالقوات الأمنية العراقية الى اعلان الاستنفار وإعادة الانتشار في أطراف المحافظة وتنفيذ عمليات دهم وتفتيش للقرى إضافة الى فرض رقابة جوية على المناطق الصحراوية.
وشهد العراق في 12 آيار/ مايو من العام الحالي انتخابات برلمانية اعتبرت الأقل مشاركة منذ عام 2003، وشابت الانتخابات إشكالات وطعون كثيرة واتهامات متبادلة بين القوائم بالتزوير، وقرر مجلس النواب العراقي إعادة العد والفرز لأصوات نحو 10 ملايين عراقي بعد اكتشاف حالات تزوير وتلاعب بالنتائج وخلال فترة الاستعداد لإعادة العد والفرز اندلع حريق ضخم في مخازن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، وكشف مدير الدفاع المدني اللواء كاظم بوهان في تصريح صحفي خلال إطفاء الحريق في المخازن أن “الحريق استهدف أجهزة العد والفرز وصناديق الاقتراع المحفوظة في المستودعات، بـالإضافة إلى الكاميرات وأجهزة السيرفرات”.
وتزامن مع التجاذبات بين الكتل السياسية العراقية ومحاولات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة في ظل التدخلات الإيرانية، اندلعت في البصرة تظاهرات واسعة من قبل مواطني المدينة مازالت مستمرة حتى اليوم احتجاجا على انعدام الخدمات الرئيسية وارتفاع نسبة الملوحة في مياه شط العرب اثر ضخ النظام الايراني لمياه مبازله المالحة فيه إضافة الى ارتفاع نسبة السموم فيه إثر رمي المصانع الايرانية في إقليم الأحواز لمخلفاتها السامة فيه، وطالب المتظاهرون بتوفير الخدمات وانهاء التواجد الإيراني في العراق، لكن الميليشيات الإرهابية الإيرانية استخدمت الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين وقتلت 22 متظاهرا إضافة الى وقوع مئات الجرحى واعتقال مئات آخرين مازال مصير غالبيتهم مجهولا حتى اليوم، وتوسعت التظاهرات لتشمل مدن عراقية عدة في مقدمتها بغداد الا أنها لم تكن بمستوى التظاهرات التي اندلعت في بغداد احتجاجا على الفساد الإداري المستشري في مفاصل الدولة وتدخلات الأحزاب خلال عام 2017 الماضي، فتظاهرات بغداد كانت ضعيفة ومحاصرة امنيا من قبل الميليشيات الايرانية التي منعت الناشطين من التظاهر في غالبية مناطق المدينة واختطفت العشرات منهم.
وتصاعدت وتيرة الاحتجاجات في البصرة في 7 أيلول/ سبتمبر الماضي، واقتحم محتجون مبنى القنصلية الإيرانية في البصرة وأضرموا النار فيها، وتزامنا مع احراق القنصلية، احرق المحتجون مقرات 12 ميليشيا وحزب تابع لإيران في المدينة، الأمر الذي دفع بالميليشيات والقوات الأمنية العراقية الى اعلان منع التجوال وشن حملة اعتقالات واسعة مازالت متواصلة حتى الان.
وقال الشيخ رائد الفريجي، رئيس مجلس عشائر البصرة لـ “” “لم تهدأ تظاهرات البصرة حتى الآن، وستتواصل خلال العام المقبل لأن الحكومة الاتحادية في بغداد الحكومة المحلية في البصرة لم تف بوعودها، والحكومة الجديدة في بغداد انشغلت أيضا بالتحالفات والتناحرات السياسية وهي معطلة بسبب الخلافات”.
ولم تقتصر عمليات الميليشيات الإيرانية على استهداف المتظاهرين في بغداد والبصرة بل تجاوزته الى تنفيذ عمليات اغتيال في صفوف رموز الثقافة والفن والناشطين المدنيين، ومن أبرز عمليات الاغتيال التي وقعت في العراق خلال عام 2018 كانت اغتيال الناشطة وطبيبة التجميل رفيف الياسري، وخبيرة التجميل رشا الحسن، وتارة فارس وصيفة ملكة جمال العراق السابقة، أما في البصرة فشملت عمليات الاغتيال أربعة من الناشطين المشاركين في التظاهرات وهم كل من الناشطة سعاد العلي، ومحامي الدفاع عن المتظاهرين جبار عبد الكريم، والمعاون الطبي حيدر شاكر، ورجل الدين وسام الغراوي، إضافة الى عمليات الاغتيال التي طالت ضباطا في جهاز مكافحة الإرهاب الذي لعب دورا بارزا في معارك تحرير المدن العراقية من داعش.
وفي 2 تشرين الأول/ أكتوبر انتخب مجلس النواب العراقي برهم صالح رئيساً للجمهورية وفي اليوم ذاته كُلف عادل عبدالمهدي بتشكيل الحكومة الجديدة، وفي 24 أكتوبر صوت المجلس لـ14 وزيرا من وزراء حكومة عادل عبدالمهدي فيما رفض التصويت لصالح 8 مرشحين آخرين.
وصوت مجلس النواب في 18 كانون الأول/ ديسمبر الجاري على ثلاثة وزراء آخرين في حكومة عادل عبدالمهدي وهم وزراء التعليم العالي والثقافة والتخطيط، فيما جرى في 24 ديسمبر التصويت على وزيري التربية والهجرة والمهجرين، لكن وزيرة التربية قدمت استقالتها على خلفية انتماء شقيقها لتنظيم داعش، ومازالت الصراعات السياسية والتدخلات الإيرانية تمنع ترشيح شخصيات مستقلة لنيل وزارات الدفاع والداخلية والعدل.
أما إقليم كردستان العراق فشهد في 30 أيلول/سبتمبر أول انتخابات برلمانية بعد استفتاء الاستقلال الذي أجراه في 25 سبتمبر من العام الماضي 2017. وتصدر الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الاقليم السابق مسعود بارزاني نتائج الانتخابات البرلمانية بحصوله على 45 مقعدا من مجموع مقاعد برلمان كردستان البالغة 111 مقعدا.
وفي 22 تشرين الثاني وصل زعيم الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني إلى بغداد واجتمع مع قادة الأحزاب السياسية ومسؤولي الحكومة الاتحادية. وفي 3 ديسمبر الجاري أعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني، ترشيح نيجيرفان البارزاني رئيساً لإقليم كردستان ومسرور البارزاني رئيساً لحكومة الإقليم عقب انتهاء اجتماع مجلس قيادة الحزب الديمقراطي، وبدأت المفاوضات بين الأطراف السياسية الكردية لتشكيل حكومة إقليم كردستان العراق الجديدة التي تشير مصادر مطلعة الى تشكيلها مع بداية العام المقبل 2019.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق