شرق أوسط

الوزير اللبناني السابق أشرف ريفي لـ (د.ب.أ): إيران تتخذ لبنان ورقة للمساومة… والتقارب العربي مع دمشق لن ينتزعها من “الحضن الفارسي”

ـ القاهرة ـ قال وزير العدل اللبناني السابق والسياسي البارز أشرف ريفي إن إيران تتخذ لبنان “ورقة للمساومة” من أجل تحصين وضعها في ظل ما تتعرض له من عقوبات، واعتبر أن هناك قطاعا كبيرا من اللبنانيين أصابه الإحباط، ليس لاستمرار تعثر ولادة الحكومة الجديدة، وإنما لتيقنهم من أن حزب الله وضع البلاد في يد إيران لتغامر بها دون اكتراث لمصالح البلاد.

وقال ريفي في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب. أ) :”هناك أصوات اليوم تدعو رئيس الوزراء المكلف، رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، إلى مكاشفة الشعب بالطرف المعطل لتشكيل الحكومة … وبرأيي الأمور واضحة ولا تحتاج إلى مصارحة أو مكاشفة، فحزب الله يرهن قرار التشكيل بيد إيران”.

وشدد على أن إيران تبعث بـ “رسالة للمجتمع الدولي والعربي بأنها تمتلك الورقة اللبنانية، ولن تفرج عنها ما دامت تتعرض للعقوبات… أي أن إيران باتت تتعامل مع الدولة اللبنانية كأحد أوراق المساومة وتستخدمها لتحصين وضعها الإقليمي دون أي اكتراث بما سيلحق بتلك الدولة جراء سياساتها ومغامراتها بالمنطقة”.

وقلل ريفي 64/ عاما/ من شأن ما يُطرح عن وجود توتر في العلاقات بين حزب الله وحليفه التيار الوطني الحر، المحسوب على رئيس الجمهورية ميشال عون، على خلفية أزمة توزير ممثل لكتلة “اللقاء التشاوري في الحكومة”، وشدد على أن “الخلاف بينهما هو خلاف على المصالح وليس على المبادئ”.

وأوضح :”هناك مصالح متبادلة بين الطرفين … فالعماد عون، مؤسس التيار، انتُخب رئيسا بقوة التعطيل التي يتقنها حزب الله ومارسها مرارا … والوزير جبران باسيل، رئيس التيار حاليا، استفاد أيضا من التعطيل ليكون وزيرا”.

وتابع :”في المقابل، حصل حزب الله بفعل التفاهمات مع قيادات التيار على تأييد جزء من المسيحيين له وباتوا غطاء لسلاحه ومشروعه”.

وشدد :”بالطبع مصلحة عون اليوم تقتضي بأن يكون على مسافة واحدة من الجميع، بما فيهم حزب الله، لكنه لا يستطيع تطبيق ذلك فعليا لأن الحزب قادر على استعمال أساليب الترغيب والترهيب، فها هو الحزب يقوم بتعطيل تشكيل الحكومة ويشل صلاحيات رئيس الجمهورية، ولا يملك عون في هذا الوضع سوى الاكتفاء بالاستنكار، فيما كان المطلوب اتخاذ قرار بتشكيل الحكومة”.

واعتبر ريفي، الذي يعد من أبرز القيادات السنية التي ليست على وفاق مع “تيار المستقبل”، أن فرص نجاح الحريري في تشكيل حكومة متوازنة يكاد يكون ضعيفا أو معدوما، إلا أنه استبعد اعتذار الحريري عن التكليف.

وأوضح :”الحل لا يكون بالاعتذار، وإنما بمواجهة شروط وتحكمات حزب الله عبر التفاهم بين جميع القوى من أجل العمل على استعادة التوازن وإنقاذ لبنان”.

ودعا الحريري إلى المضي قدما في هذا الاتجاه والتفكير جديا في طرح صيغة حكومة إنقاذ مصغرة من أصحاب الكفاءات، دون الالتفات لأي طرف أو تحالفات أو أي شيء آخر سوى المصلحة الوطنية للبلاد.

وتساءل :”لماذا لا يفعلها وهي من صلب صلاحياته … الاستسلام لتعطيل حزب الله إلى ما لا نهاية أو انتظار الموافقة الإيرانية هو بمثابة انتحار وطني واقتصادي للبنان وشعبه”.

وتابع :”بعد كل هذا التعطيل، ربما تكون حكومة الكفاءات هي خيار جدير بالطرح والنقاش على الطاولة، وليتحمل رئيس الجمهورية عندها مسؤوليته”.

وعبر السياسي البارز عن رفضه لاتهام البعض له بأنه، وعلى خلفية خلافاته التقليدية مع حزب الله، يسعى إلى التضخيم والتهويل من الآثار السلبية التي يتعرض لها الاقتصاد اللبناني في ظل الأزمة الراهنة.

وقال ريفي :”نحن لا نقف وحدنا في التحذير من الانهيار، جميع المطلعين على الأرقام يطلقون ذات التحذيرات، والرئيس عون نفسه قال إن البلد مقبل على كارثة … هناك حديث عن قلق الدول الداعمة والمانحة من جراء التعطيل الراهن … أما إيران، أساس المشكلة برمتها، فهي لا تأبه بهذا كله … البعض يبرر لها ويقول إنها عاجزة عن مساعدة لبنان اقتصاديا بسبب العقوبات، ولكن الحقيقة هي أنها حتى لو كانت قادرة، فهي لن تدفع أموالا إلا لحزب الله لأنه من يمنحها، عبر سلاحه، الوسيلة للهيمنة على مقدرات لبنان”.

كما أعرب عن أسفه لكون “الهيمنة الإيرانية أدت إلى عزل لبنان عن محيطه العربي وعن المجتمع الدولي”، وقال :”لبنان كان يعتمد على علاقاته العربية لتنشيط اقتصاده، والدول العربية ساعدته كثيرا، أما اليوم فبات الجميع يتعاطى معه باعتباره بلدا أسيرا”.

ورفض ريفي الاتهام بأنه وغيره من القيادات السنية يشعرون بالقلق إزاء إمكانية أن تقلب كتلة “اللقاء التشاوري” الأوزان بالساحة السنية وأن تنجح في سحب البساط من تحت أقدامهم، خاصة إذا نجح حزب الله في فرض ممثل لهم بالتشكيل الحكومي. وقال :”مع التقدير الشخصي لبعض أعضاء اللقاء التشاوري، فأنا لا أرى أنه يشكل حركة سياسية قابلة للحياة في البيئة السنية … هذا اللقاء جمعه حزب الله كي ينشئ قوة سنية حليفة له، وأغلب أعضائه غير منتخبين بأصوات السنة … ولذا نقول إنه ليس موجوداً في الوجدان السني ولن يجد له مكانا فيه مهما حاول الحزب مده بالقوة المصطنعة”.

تجدر الإشارة إلى أن عقدة تمثيل النواب السُنّة من خارج “تيار المستقبل”، الذين تَكتَّل ستة منهم بعد الانتخابات النيابية في ما سمي ” اللقاء التشاوري”، شكلت أكبر عقبة في تشكيل الحكومة، حيث يطالب الستة بتمثيلهم بوزير في الحكومة الجديدة، بينما يرفض الحريري، بشكل قاطع، أن يكون لهم وزير من حصة كتلته.

واعتبر ريفي أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب قوات بلاده من سوريا “جزء من تحضيرات ترامب للفوز بولاية ثانية”، وقال :”ترامب يرى الأمر عاملا معززا لفرصه … لكن من الصعب قراءة هذا الانسحاب من زاوية واحدة، والأرجح أن تفاهما أمريكيا روسيا قد حدث، وإسرائيل أيضا ليست بعيدة عنه … لكن المؤكد أن روسيا أصبحت صاحبة الكلمة العليا في سوريا”.

واستبعد ريفي أن يكون لتحسن وضع النظام السوري أي تأثير على الوضع الداخلي اللبناني، وتحديدا على أزمة الحكومة، وقال :”أشك أن يستعيد هذا النظام قدرته على التأثير الذي كان له في لبنان قبل انسحابه عام 2005 ، فهذا النظام نفسه بات أداة للقوى الإقليمية والدولية، وبالنسبة للبنان فقد استُبدلت الوصاية السورية بوصاية إيرانية، بفضل قوة سلاح حزب الله”.

واستنكر ريفي النهج العدائي الذي اتخذه النظام السوري تجاه لبنان مؤخرا، بما في ذلك ما تردد على تضمينه قيادات لبنانية مثل الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بقائمة الإرهاب السورية.

وفي نفس الإطار، وصف ريفي الخطوات التي تتخذها بعض الدول العربية باتجاه إعادة العلاقات مع النظام السوري بأنها “دبلوماسية التعامل مع الأمر الواقع”، مشددا على أن مثل تلك الخطوات “لن تتمكن مهما بلغت من انتزاع دمشق من أحضان الفرس”.

وأوضح: “بعد نجاح روسيا وإيران في منع سقوط النظام السوري، عادت بعض الدول العربية إلى الاعتقاد بجدوى استعادة العلاقات معه … وهناك من يرى أن الخطوات العربية، وتحديدا عبر المشاركة بعملية إعادة الإعمار، قد تكون وسيلة فعالة للحد من التوغل الإيراني على الساحة السورية … ولكن برأيي هذا مجرد وهم”.

وحول الموقف اللبناني في حال تمكن النظام السوري من استعادة مقعده بالجامعة العربية، ومن ثم احتمال دعوته للقمة الاقتصادية ببيروت مطلع الشهر المقبل، أجاب :”هناك رفض لبناني من قوى وازنة لهذه الدعوة، وإن كان قرار الدعوة للقمة الاقتصادية هو قرار الجامعة العربية … وبالطبع لا يمكن أن يتم ذلك إذا لم يستعد النظام عضويته بها أولا … وبالطبع نحن نرفض هذه الخطوة لأنها لن تصب في صالح الشعب السوري الذي مورست بحقه الكثير والكثير من الجرائم على يد هذا النظام”. (د ب أ)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق