شرق أوسط

قتل وتهجير واتفاقات… حصاد عام 2018 في سوريا

ـ بيروت ـ لم يكن العام 2018 عابرا بالنسبة لسوريا، بل مثل نقطة تحول كبيرة من نوع آخر، فبعد العام 2017 الذي حققت قوات الحكومة تقدما واسعا فيه على حساب تنظيم داعش، كان التقدم في عام 2018 عام على حساب فصائل المعارضة السورية، الإسلامية منها والمقاتلة.

ووفقا لتقرير أعده “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، مقره لندن، تركز هذا التقدم في وسط وجنوب سوريا، حيث أنهت القوات الحكومية والروسية سيطرة الفصائل بشكل كامل من العاصمة دمشق ومحيطها ومن ريف دمشق بغوطتيه والقلمون الشرقي وريف دمشق الشمالي الغربي وشمال حمص وجنوب حماة وكامل الجنوب السوري.

ووثق المرصد مقتل 19799 شخصا على الأراضي السورية على مدار عام 2018 بالكامل، ليصبح الأقل دموية في سوريا منذ انطلاق الثورة السورية في عام 2011، فيما كان العام 2014 الأكثر دموية على الإطلاق.

كما وثق المرصد مجازر شهدها العام 2018، والتي بلغ مجموعها 268 مجزرة ارتكبت من قبل أطراف مختلفة وراح ضحيتها 3833 مدنيا بينهم 999 طفلا.

وثمة حيرة في توصيف العام 2018، فهو عام الخسارات المتتالية للفصائل الإسلامية والمقاتلة و”الارهابية” وتنظيم داعش، وعام توسعة النظام لسيطرته في مساحات واسعة متصلة، وهو عام التهجير وتصاعد الانتهاكات واستمرارها ، وعام القرارات الدولية والاتفاقات الإقليمية.

وبدأ ذلك بعملية عسكرية تركية في 20 كانون ثان/يناير في منطقة عفرين بأقصى شمال غرب سوريا، على الحدود مع الجانب التركي ولواء اسكندرون، والتي تسببت في تهجير أكثر من 350 ألف شخص، منهم من توجه نحو مخيمات النزوح والمناطق المجاورة، كما قتل نحو 400 مدني، فضلا عن انتهاكات يومية من سلب ونهب آلاف المنازل والاستيلاء على المئات منها وعلى مزارع ومحاصيل زراعية.

ثم تبعت ذلك عمليات قوات الحكومة في محيط دمشق وأطرافها والغوطة الشرقية وجنوب دمشق، انتهت بسلسلة من “المصالحات والتسويات”، والتهجير، حيث رصد المرصد السوري خروج عشرات آلاف المدنيين إلى مراكز الإيواء، فيما خرج عشرات آخرين من الأطفال والمواطنات والرجال وعوائل المقاتلين إلى الشمال السوري ومحافظة إدلب، بعد اتفاقات “مصالحة” جرت في المنطقة.

كما جاءت عملية الجنوب في أعقاب توافق على سحب إيران وحزب الله لقواتهما نحو 40 كلم بعيدا عن الحدود مع الجولان السوري المحتل، وتبعتها عمليات انضمام عشرات آلاف الشبان والرجال وتجنيدهم أو تطوعهم في خدمة التجنيد الإجباري وصفوف قوات الحكومة وحلفائها.

وفي منتصف أغسطس من العام 2018، توصلت روسيا وتركيا، بعد إبعاد إيران من دائرة التوافقات حول الحاضر والمستقبل السوري، إلى اتفاق للهدنة ضمن المحافظات الأربع وهي إدلب وحماة وحلب واللاذقية.

وأعقب ذلك اتفاق في النصف الثاني من أيلول/سبتمبر يقوم على إقامة منطقة منزوعة السلاح، جرى تبديل شروطها بعد التوافق الأولي بحيث أجبرت تركيا وروسيا الفصائل على سحب سلاحها الثقيل، على أن تبقي قوات النظام سلاحها الثقيل ضمن المنطقة العازلة بضمانة روسية لعدم استخدامه بشكل نهائي، ومغادرة “الارهابيين” للمنطقة لاحقا وتسيير دوريات مشتركة تركية وروسية.

إلا أن الفصائل “الارهابية” والإسلامية والمقاتلة التفت على الاتفاق وسحبت جزء من السلاح الثقيل، فيما أبقت على القسم الآخر ضمن المنطقة منزوعة السلاح.

وفي 19 كانون أول/ديسمبر ، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن قرار سحب القوات الأمريكية من شرق الفرات والأراضي السورية، الأمر الذي تزامن مع عملية عسكرية تلوِّح تركيا بها منذ أسابيع، ضد قوات سوريا الديمقراطية والوحدات الكردية بشكل خاص، في منطقة شرق الفرات ومنطقة منبج.

وتطلب الأمر جولات ماراثونية من اللقاءات والاجتماعات بين قوات سورية الديمقراطية والنظام السوري والروس وقيادة التحالف الدولي وضباط رفيعي المستوى من القوات الأمريكية للتوصل لحل نهائي حول هذه التهديدات ومستقبل مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.

وقدر المرصد العدد الحقيقي للقتلى في هذا العام في سوريا بما يزيد بنحو 3 آلاف شخص عن الأعداد التي تمكن من توثيقها.

ويأتي هذا التقدير لأعداد القتلى نتيجة التكتم الشديد على الخسائر البشرية من قبل الأطراف المتقاتلة، ووجود معلومات عن قتلى مدنيين لم يتمكن المرصد من التحقق من مقتلهم لصعوبة الوصول إلى بعض المناطق النائية في سوريا. (د ب أ)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق