مهاجرون

خبيرة بريطانية لـ DW: للنساء دور متميز في مكافحة التطرف

ـ برلين ـ باتت البريطانية سارة خان واحدة من أبرز الوجوه النسائية في مكافحة التطرف في المملكة، فهي تترأس لجنة مكافحة التطرف في وزارة الداخلية في لندن. خان تحدثت لـDW عن تجربتها في مكافحة التطرف وكيف أصبحت نفسها هدفا للمتطرفين.

DW : رئيسة الوزراء تيريزا ماي عينتك رئيسة للجنة مكافحة التطرف في وزارة الداخلية. كيف تَسعين لمكافحة ظاهرة التطرف في بريطانيا؟

سارة خان: يجب النظر إلى ظاهرة التطرف كمشكلة شاملة ما يتطلب حلا مجتمعيا شاملا أيضا. وللجميع دور في المواجهة: المدارس والحكومة والمجتمع المدني والقيادات الدينية. لكننا لم نجد بعد هذا الحل المجتمعي الشامل للمشكلة وعليه، فإننا نبحث عن هذا الحل. واللجنة  مازالت حديثة العهد ونسعى حاليا لترسيخ الوعي بهذه المشكلة أولا.

ـ ما هي الأهداف الملموسة لعملك؟

ـ أولا نخرج للملأ ونتواصل مع الناس. لقد قمت بزيارات ميدانية لثلاثين بلدة وقرية في انجلترا وفي ويلز. لقد تحدثنا مع آلاف الأكاديميين ومجاميع المجتمع المدني وممثلي الحكومة وكان الهدف دوما تعميق فهمنا للمشكلة.

كشف تكتيكات المتطرفين

الهدف الثاني هو وضع دراسة، فلحد الآن لا تتوفر لدينا مسوحات ميدانية واسعة التي تعيطنا صورة شاملة عن المشكلة. نسأل كيف ينظر الراي العام إلى المشكلة ونريد أن نسلط الضوء على تكتيكات المتطرفين وعلى الخسائر التي يتسببون بها. ولأجل تحقيق ذلك وفرنا مركزا للاستشارات. والمهم في الموضوع هي الأجوبة الممكنة أو المحتملة على التساؤلات. ونريد أن نقدم النصح ونضع برنامجا لذلك.

ـ ما هي التحديات التي تواجه بريطانيا فيما يتعلق الأمر بالمتطرفين؟

ـ هناك أنواع مختلفة من التطرف في بريطانيا. لكن بعض الأنواع تكون متميزة وتشكل خطرا أكثر من غيرها. نحن نلاحظ حاليا تنامي ظاهرة التطرف اليميني، خصوصا في العامين الماضيين. لكن التطرف “الإسلاموي” لا يزال يشكل موضوعا كبيرا.. في عام 2018 وقعت خمسة اعتداءات إرهابية، اربعة منها كانت على خلفية التطرف “الإسلاموي”، وواحد منها ذهب لحساب التطرف اليميني. ولكن هناك متطرفون في المعسكر اليسار ايضا غلى جانب متطرفين في جماعات السيخ الهندية أو بين صفوف اليهود.

الاعتقاد بأن الإرهاب ظاهرة خاصة بالإسلامويين خطأ تماما. فالتطرف خطر ينبثق من أوساط كل الديانات ويمكن أن يستهدف اية مجموعة  في العالم. وهناك زيادة في عدد وحجم أنواع التطرف، سواء أكان تطرف النازيين الجدد في ألمانيا أو تطرف جماعات القوميين الهندو الهندية أو تطرف الأصوليين الإسلامويين.

ـ ما هو القاسم المشترك بين كل هذه الأنواع من المتطرفين؟

ـ الكثير من المتطرفين يدعمون فكراً يتمثل بـ “نحن” ضد “فكر الآخرين”. وهكذا يتم إثارة الكراهية ضد المجاميع الأخرى وينشرون العنصرية. المتطرفون لا يؤمنون بقيم حقوق الإنسان الكونية. فهم يهاجمون أناسا لأنهم فقط مغايرون لهم. المتطرفون لا يرغبون رؤية التنوع في المجتمع. ولهذا السبب علينا أن ندافع عن هذه القيم، قيم حقوق الإنسان والمساواة بين الناس والتنوع في المجتمع.

ـ ما هو دور النساء في هذا الصراع؟

ـ تقوية النساء لها نتائج إيجابية لعموم البلاد. فالنساء عادة يكنَ الطرف الأقوى في الكفاح ضد التطرف، لأن النساء لها القدرة على رؤية نتائج التطرف في داخل العائلة الواحدة أكثر من غيرها. فأنا ألتقي دوما نساء قويات وشجاعات.

حماية الأطفال من تأثير الإيديولوجيا

كانت لدينا برامج خاصة للنساء المسلمات تخص نماذج ردود مضادة لحجج المتطرفين. مشاركة المرأة لها تأثير على عموم المجتمع. في عام 2015 عندما اعلن تنظيم “الدولة الإسلامية” دولة الخلافة، اطلقنا حملة مضادة للدعاية الداعشية، ولعبت النساء والأمهات دورا مهما فيها. لقد وفرنا للنساء أدوات فعالة لحماية أطفالهن من الإيديولوجية “الداعشية”. فعندما يلتقين النساء بإمام مسجد ينشر الكراهية في خطبه، لا يجوز تجاهل الأمر، بل يجب التدخل وفعل شيء ما.

ـ كان هناك 850 بريطانيا التحقوا بتنظيم “الدولة الإسلامية”، فيما عاد نصف هؤلاء مجددا إلى بريطانيا. لماذا يتوجه الشباب في بريطانيا نحو التطرف؟

ـ هناك أسباب كثيرة، منها ما هو فردي أو لظروف اجتماعية. لكن الأمر غالبا ما يتعلق بالإيديولوجية، بدعاية من المتطرفين ويتعلق بالهوية وبالانتماء. وحتى لو يكن هناك حجة مضادة، لكن ذلك يلعب دورا. كما لوسائل التواصل الاجتماعي دور حاسم. فبريطانيا لا تختلف في ذلك عن دولة أخرى. فهناك اليوم نقص كبير في احترام الآخرين كما أن المجتمع منقسم بشكل كبير. دخول الحوار والاستماع إلى آراء ووجهات نظر أخرى له تأثير إيجابي كبير.

ـ ماذا تعتقدين، كيف سيبدو المستقبل؟ هل ستنتهي ظاهرة تنامي التطرف قريبا؟

ـ نعيش حاليا في عصر التطرف والذي يبدو، إذا ألقينا نظرة على الوضع العالمي، قاتما ومثيرا للقلق. ولا اعتقد أن الوضع سيتحسن قريبا. علينا جميعا أن نفعل كل ما هو ممكن لوقف موجة التطرف.

العمل بات مهما جدا ولا يجوز التوقف عنه

وتقع على عاتق الدول مهمة ضمان المساواة والتنوع وحقوق الإنسان لكل المواطنين. هذه القيم مهمة والدفاع عنها مهم ايضا، لأنها مهددة من قبل المتطرفين.

ـ هل كنت بنفسك هدفا للمتطرفين؟

ـ إنه جزء من عملي وقد ألفت ذلك مع الوقت. ويحدث ذلك فقط، عندما لا يريد المتطرفون أن نفعل ما نفعل. وهذا يعني بالنسبة لنا أنه يجب أن نواصل العمل. ويجب تجاهل هذه المخاطر التي نتعرض لها. فالعمل هذا بات مهما ولا يجوز التخلي عنه. لأن لذلك تأثير كبير علينا جميعا.

سارة خان كانت  قد أسست في عام 2008 منظمة نسائية تحت اسم “Inspire“بهدف مواجهة التطرف والنضال من أجل المساواة بين المرأة والرجل. وتمكنت المنظمة بواسطة اشرطة فيديو من دحض دعاية “داعش” بحجج مضادة مقنعة حققت مشاهدات واسعة تقد بالآلاف على الشبكة العنكبويتة. وكانت سارة خان تعمل بشكل خاص من أجل الوصول إلى النساء الشابات والأمهات وحثهن على مكافحة التطرف. كما أصدرت سارة خان، وهي بريطانية من أصل باكستاني، كتابا حول التطرف في الإسلام وقضايا الهوية.

أجرت الحوار: نرمين إسماعيل/ حسن ع. حسين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق