أوروبا
ماي تواجه هزيمة في تصويت تاريخي على اتفاق بريكست في البرلمان
ـ لندن ـ تواجه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي هزيمة ساحقة في تصويت تاريخي في البرلمان الثلاثاء حول اتفاق بريكست الذي توصلت إليه مع الاتحاد الأوروبي، ما يدخل بريطانيا، خامس أكبر قوة اقتصادية “في المجهول”.
وقبل نحو الشهرين من موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي في 29 آذار/مارس، لا تزال بريطانيا مقسمة بشدة بشأن ما يجب أن يحدث لاحقاً، والشيء الوحيد الذي سيكون مفاجئا في التصويت هو حجم هزيمة ماي.
ويبدو أن دعوات اللحظة الأخيرة التي أطلقتها ماي للنواب لم تلق آذان صاغية، والنسبة التي ستخسر فيها التصويت يمكن أن تحدد ما إذا كانت ستجرب مرة أخرى أو ستخسر منصبها أو تؤخر البريكست — أو حتى ما إذا كانت بريطانيا ستغادر الاتحاد الأوروبي.
وسألت ماي النواب عشية التصويت الذي يتوقع أن تصدر نتائجه عند نحو الساعة 2015 ت غ “عندما تُكتب كتب التاريخ، الناس سينظرون إلى قرار هذا المجلس … ويسألون: هل عملنا على تحقيق ما صوتت عليه البلاد بمغادرة الاتحاد الأوروبي”.
“لا اتفاق؟ لا مشكلة”
أجبرت معارضة الاتفاق ماي على تأجيل التصويت في كانون الأول/ديسمبر على أمل الحصول على تنازلات من بروكسل.
ولم يقدم قادة الاتحاد الأوروبي سوى سلسلة من التوضيحات، إلا أن وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في ستراسبورغ الثلاثاء ألمح إلى احتمال اجراء مزيد من المحادثات رغم أنه استبعد إعادة التفاوض الكامل على نص الاتفاق.
وقال “لقد تم القيام بكل شيء في الأسابيع والأشهر الأخيرة للتعبير عن اهتمامنا بالتوصل إلى قرار إيجابي (…) إلا أني أشك في أنه يمكن إعادة فتح الاتفاق للنقاش مرة أخرى”.
والتصويت هو ذروة أكثر من عامين من النقاش داخل بريطانيا بعد نتيجة الاستفتاء على بريكست في 2016، وهي النتيجة التي وجد معظم النواب المؤيدين للبقاء في الاتحاد الأوروبي صعوبة في تقبلها.
وتجمع عدد من المؤيدين والرافضين للبريكست أمام البرلمان مع بدء اليوم الأخير من النقاش عند نحو الساعة 13,00 ت غ.
وحمل بعضهم لافتة كتب عليها “عضوية الاتحاد الأوروبي هي أفضل اتفاق”، بينما كتب على أخرى “لا اتفاق؟ لا مشكلة”.
وستراقب الأسواق المالية كذلك نتيجة التصويت، وحشدت العديد من شركات التعامل بالعملات المزيد من الموظفين بمناسبة التصويت بينما أوقفت شركة واحدة على الأقل التعاملات لتجنب تحركات مفرطة للعملة.
وقالت المحللة في موقع “انتراكتيف انفسيتور” للتعاملات المالية ريبيكا اوكيفي “تصويت اليوم هو نتيجة معروفة ولذلك فمن غير المرجح أن تحدث حركة كبيرة في الجنيه الاسترليني”.
وأضافت “ستبدأ التفاعلات الكبيرة بعد اليوم عندما يتضح ما سيحدث تاليا”، متوقعة أن قرارا بعدم مغادرة الاتحاد الأوروبي سيؤدي الى ارتفاع الجنيه بشكل كبير بينما الخروج بدون اتفاق سيؤدي إلى انخفاضه إلى مستويات قياسية.
احباط
سيثير تصويت الثلاثاء الانقسامات التي أحدثها استفتاء بريكست.
ويقول النواب المؤيدون للبقاء في الاتحاد الأوروبي الذين يشنون حملة لاستفتاء ثان أنهم تلقوا تهديدات بالقتل.
كما أعرب مؤيدو بريكست عن احباطهم المتزايد مما يرون أنه عرقلة برلمانية لتنفيذ تصويتهم الديموقراطي في الاستفتاء.
ويتركز انتقاد الاتفاق على الترتيب الذي يبقي على الحدود مفتوحة مع إيرلندا من خلال تقيد بريطانيا بقواعد الاتحاد الأوروبي التجارية، حتى توقيع لندن وبروكسل شراكة اقتصادية جديدة وهو ما يمكن أن يستغرق العديد من السنوات.
وصرح سامي ويلسون، المتحدث باسم بريكست في الحزب الديموقراطي الوحدوي الايرلندي الشمالي، الذي تعتمد عليه ماي في غالبيتها في مجلس العموم، لهيئة بي بي سي أن حزبه لن يُجبر على دعم الاتفاق بسبب المخاوف بشأن الحدود.
وقال مستذكرا ماضي إيرلندا الشمالية “لقد حاربنا ضد حملة إرهابية من أجل البقاء في المملكة المتحدة”.
وأضاف “لن نسمح للبيروقراطيين في بروكسل بفصلنا عن باقي المملكة المتحدة”.
وأكدت زعيمة الحزب ارلين فوستر “لا يمكننا أن نقبل بشبكة أمان فهي تضر بالوحدة”.
وصرح زعيم المعارضة جيرمي كوربين أن يجب على ماي أن تدعو إلى انتخابات في حال خسرت الثلاثاء، وهدد بطرح إجراء لحجب الثقة عن حكومتها في حال لم تفعل ذلك.
خطر عدم التوصل الى اتفاق
في حال الهزيمة، يجب على الحكومة أن تحدد الخطوات التي ستحدث تالياً بحلول الاثنين.
واختار رئيس مجلس العموم جون بيركو أربع تعديلات يتم التصويت عليها، إلا أنه احبط محاولات الحكومة كسب القلقين من شبكة الامان برفض تعديل يسعى الى فرض سقف زمني لهذه الشبكة.
وتتزايد التكهنات في جانبي القناة بأن ماي ستطلب تأجيل البريكست.
لكن مصدرا دبلوماسيا صرح لفرانس برس أن أي تمديد لن يكون ممكنا بعد 30 حزيران/يونيو عند قيام البرلمان الأوروبي الجديد.
وتشمل خطة الانسحاب خطط للمرحلة الانتقالية بعد بريكست إلى حين اقامة شراكة جديدة مقابل مساهمات ميزانية مستمرة من لندن.
وفي حال عدم الموافقة على الخطة وإذا لم يحدث أي تأخير فإن بريطانيا ستقطع علاقات استمرت 46 عاماً مع أقرب جاراتها دون اتفاق يخفف من وقع الضربة. (أ ف ب)