شرق أوسط
هجوم منبج يوجّه صفعة لترامب بعد أسابيع من إعلانه “هزيمة” تنظيم داعش
ـ واشنطن ـ بعد أربعة أسابيع فقط من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هزيمة تنظيم داعش، قتل الأربعاء 16 شخصا على الأقل بينهم مدنيّون وأميركيون في هجوم تبنّاه التنظيم، شكل صفعة لترامب وسلّط الضوء على واقع ميداني مختلف تماما.
والأربعاء فجّر انتحاري نفسه داخل مطعم في وسط مدينة منبج الواقعة في شمال سوريا والخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديموقراطية، وهي ائتلاف مقاتلين عرب وأكراد مدعوم من واشنطن، في أعنف هجوم ضد القوات الأمريكية منذ انتشارها في سوريا في 2015.
وكان الرئيس الأمريكي أعلن في 19 كانون الأول/ديسمبر أن الولايات المتحدة قد ألحقت مع حلفائها “الهزيمة” بتنظيم داعش، وأمر بسحب القوات الأميركية من البلاد.
وفي حين رحّب أمريكيون كثر بقرار الرئيس الأمريكي الانسحاب من سوريا بعد أن ضاق ذرعا بتكاليف نزاعات مستمرة منذ سنوات، قال مراقبون الأربعاء إن ترامب كان متسرّعا جدا في قراره.
وقال تشارلز ليستر، المحلل في معهد الشرق الأوسط إن الهجوم يبيّن أن تنظيم داعش يبقى قادرا على شن هجمات من هذا النوع، بعد ان تراجعت قوته العسكرية وتقلصت سيطرته على الارض بشكل كبير.
وتابع ليستر “بهذه الطريقة تحديدا تمكّن هذا التنظيم الجهادي من التأقلم والعودة للهجوم في السنوات الماضية”.
وأضاف المحلل أن “قرار ترامب كان متهوّرا ومدفوعا بهواجس السياسة الداخلية الأمريكية أكثر منه بالوقائع الميدانية”.
ومن أجل محاولة إثبات ما أعلنه بشأن هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، شدد ترامب على مساحات الأراضي التي خسرها التنظيم منذ إعلانه “الخلافة” في مناطق شاسعة كان سيطر عليها في 2014 في كل من العراق وسوريا.
لكن الجهاديين لا يزالون يسيطرون على جيوب صغيرة في وادي نهر الفرات، وتفيد تقارير بأن الآلاف من مقاتليه لا يزالون في سوريا.
وقال ليستر إن “اعتبار التنظيم مهزوما لعدم سيطرته على أراض هو سوء فهم جوهري لطريقة عمل تنظيم الدولة الإسلامية والمنظمات المماثلة”.
“ليس الآن وقت الانسحاب”
ولم يصدر الرئيس الأمريكي على الفور أي رد فعل على مقتل الجنود الأميركيين، لكن نائب الرئيس مايك بنس أكد ما كان أعلنه ترامب بأن الولايات المتحدة ستسحب كامل جنودها المنتشرين في سوريا والبالغ عددهم نحو ألفي جندي.
وقال بنس إن “الخلافة قد انهارت وتنظيم الدولة الإسلامية قد هزم”، من دون أي إشارة للهجوم في شمال سوريا.
وأحال البيت الأبيض الاسئلة المتعلّقة بالهجوم على وزارة الدفاع.
واعترض أعضاء في الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه ترامب على قرار الرئيس، من بينهم السناتور ليندسي غراهام المعروف بأنه من أكبر مؤيدي سيد البيت الأبيض.
وقال غراهام إن “ما يقلقني في تصريحات الرئيس ترامب هو أنها أثارت حماسة العدو الذي نقاتله”.
وتابع السناتور الجمهوري “آمل أن يفكّر الرئيس مليا في ما هو مقبل عليه في سوريا. أعلم أن الناس يشعرون بالإحباط، لكننا لن نكون ابدا في مأمن هنا ما لم نكن مستعدّين لمساعدة الناس الذين سيتصدّون هناك لهذه الأيديولوجية المتطرّفة”.
بدوره قال السناتور الجمهوري مارك روبيو إن تبنّي تنظيم الدولة الإسلامية للهجوم يشكّل “تذكيرا مأساويا بأن تنظيم الدولة الإسلامية لم يهزم وقد تحوّل إلى تمرّد خطير”.
وقال روبيو على تويتر “الوقت الآن ليس للانسحاب من المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية. هذا الأمر لن يؤدي إلا إلى زيادة عزيمتهم وتقويتهم”.
وفي الأسابيع التي تلت اتّخاذه قراره بالانسحاب وبدء البنتاغون تطبيقه، أدلى ترامب وأعضاء في ادارته بتصريحات متناقضة حول الجدول الزمني لسحب القوات الأميركية من سوريا.
والأسبوع الماضي أعلن مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي جون بولتون أنه يجب توافر شروط من بينها ضمان سلامة الحلفاء الأكراد، قبل انسحاب القوات الأميركية من سوريا.
وجاء إعلان البنتاغون أن الولايات المتحدة قد بدأت “عملية انسحابنا المنظّم” من سوريا، وتأكيده أن العملية تقتصر على سحب عتاد عسكري “غير ضروري” وليس جنودا، ليزيد من الالتباس المحيط بالانسحاب الأميركي من سوريا. (أ ف ب)