أقلام يورابيا

كفيلي ” نعنع “

ادهم عامر

في بداية رحلة اللجوء، سكنت عند عائلة ألمانية رائعة تتألف من أب، و أم، و فتاتين صغيرتين، و قِطٍّ سمين اسمه نعنع ( Mintzer )

تعامل معي ( نعنع ) بريبة و حذر منذ البداية، فلم يعجبه هذا الوافد الجديد، و كان يقضي جُل يومه مثلي، مضطجعاً على الكنبة والكراسي، منتظراً وجبته التالية، ولعل الفارق الوحيد بيننا، هو أني لم أكن أترك وبراً على الكنبة.

عندما حان موعد ذهاب العائلة في رحلتهم السنوية خلال عطلة المدارس، أوكلوا لي مهمة الإعتناء بنعنع، وكانت مهمتي تتلخص بإطعامة ثلاث وجبات من المعلبات الجاهزة يومياً.

في أول أيام عملي ك ( بْسَاسْ Sitter ) فتحت علبة الطعام وانحنيت لأفرغ محتوياتها في الصحن المخصص، ففاحت رائحة زكية من اللحم المُبَهّر، والمطهو بعناية وفق مقاييس صارمة، جعلتني أشتهي أن أُفرغ محتواها في رغيف من الخبز العربي وألوكها على مهل، محاولاً إقناع نعنع بمحاسن ” الصيد، و السباحة، و ركوب الخيل “، ثم تذكرت معمل تابع لأحد فروع عائلة الأسد كان يصنع مرتديلا لحوم الحمير، الذي ساهم بشكل حاسم في حملة ( التطويع الجمعي ) التي أدّت في النهاية، إلى نقل معظم خصال ذوات الأربع لنا .. مما سهل لعائلة الأسد، و رفاق دربهم، ركوبنا طوال ٥٠ عاماً بسلاسة، و دون مشاكل تُذكر.

تقدم نعنع وأنا أهمُّ بإفراغ محتوى العلبة بالصحن، وأقحم رأسه تحتها، فأبعدته بيدي الثانية، وأفرغت قليلاً منها عندما أقحم رأسه مرة ثانية، فخفت أن ينسكب بعض اللحم على ” قرعته الأورانجية ” فيوسخ الأثاث عندما ( يتمغّط ) على الكنبة، .. كظمت غيظي و أبعدته ثانية، لكنه هجم وأقحم رأسه من جديد، عندها وضعت العلبة على حافة المجلى، و صفعته على رقبته صفعة، جعلته يجفل وينظر إلى عيني باندهاش ولسان حاله يقول :

” أنا قلبي كان ناقزني منك من الأول .. يلعن أبو ميركل اللي فرجتنا هالأشكال يا زلمة “

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق