السلايدر الرئيسيتحقيقاتشمال أفريقيا
هل تنهي الاستقالات بالجملة من حزب الرئيس التونسي السابق مسيرته السياسية
– تونس – استقالت أبرز قيادات حزب حراك تونس الإرادة، الذي أسسه الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي أواخر العام 2015، وهو حزب بُني على الاندماج بين حراك شعب المواطنين وهي حركة سياسية تونسية أعلن عنها المرزوقي عام 2014 وبين حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يعد الحزب الذي أوصل المرزوقي إلى منصب رئيس الجمهورية وكان أحد الأطراف الحاكمة في تحالف الترويكا من عام 2011 إلى العام 2014.
استقالات يمكن تسميتها بالحجم الثقيل شملت مؤسسي الحزب وأبرز قياداته وأكثرها حضورا سياسيا في تونس، شخصيات من بينهم أعضاء في الهيئة السياسية وكتاب عامين محليين وممثلين له في العديد من الجهات وفي الخارج ومن بينهم مؤسسون للحزب ومساندون للرئيس السابق منذ عودته لتونس في مسيرته السياسية بعضهم تولى مناصب سياسية واستشارية في مؤسسة رئاسة الجمهورية التونسية عندما كان المنصف المرزوقي رئيسا.
وعاش حزب حراك تونس الإرادة منذ فترة العديد من الانقسامات التي أثرت على حضوره في الساحة السياسية في الآونة الأخيرة والذي يعتبره البعض حضورا غير جدي وغير ذي دور ملموس. وفي بدايات تأسيس الحزب وصفه رئيسه مؤسسوه بأنه سيكون الخيط الناظم الذي يجمع الشخصيات الثورية المتمسكة بالثورة وبأهدافها وكذلك الشخصيات السياسية التي لم تجد الدعم والمساندة ولم تجد فرصة البروز على الساحة السياسية بعد الثورة.
واقع الحال كشف أن حزب حراك تونس الإرادة لم يكن حزبا سياسيا، بما للصفة من معنى ومن مبادئ وشروط، ليكون فاعلا أو جديا بل هو تجمع لعدد من الشخصيات منها الحقوقية ومنها السياسية ومنها التي تحمل أهدافا وطموحات سياسية التفت جميعها حول المنصف المرزوقي في شخصه، من هؤلاء من يؤمن بأن للمرزوقي ما يضيف للساحة السياسية التونسية ومنهم من يدعمه على اعتبار أنه مناضل وحقوقي ومثقف… الأسباب تختلف ولكنها في النهاية تتشابه ومآل الحزب اليوم يبرهن على صحة الحكم بأنه حزب تأسس حول شخصية وبعض الشعارات السياسية وهو رأي يجمع عليه العديد من المحللين والخبراء السياسيين في تونس.
وتعطل عمل الحزب السياسي بسبب الخلافات بين أعضائه وتبادلهم للتهم وتنصل بعضهم من مسؤولياتهم الأمر الذي دفع عددا هاما منهم إلى اليأس من رأب الصدع وحل الخلافات وبالتالي إلى قرار الاستقالة.
وأعلنت ثلة من قيادات الحزب ومن بينهم رئيس الهيئة السياسية للحزب عدنان منصر، والقيادي طارق الكحلاوي، على غرار عدد من أعضاء الهيئة السياسية والمجالس الجهوية واللجنة المركزية للإعلام والانتخابات، ”بعد أن تبين لهم استحالة إصلاح مسار الحزب سياسيا وتنظيميا بناء على جملة من النقاط”، وفق البيان الذي نُشر في الغرض.
وكشف البيان أهم أسباب الاستقالة من الحزب والتي يأتي على رأسها المسافة الفاصلة بين الطموحات الشخصية وجوهر العمل السياسي للحزب وهو ما عبر عليه الأعضاء المستقيلون والموقعون أسفل البيان بالقول ”على العكس تماما من الخط السياسي للحزب الذي يؤكد استقلاليته عن أطراف الحكم والذي لم ننقطع عن التذكير به في هياكل الحزب وبالخصوص في اجتماعات هيئته السياسية المتوالية، أصبح الحزب واقعيا منضويا تحت جناح أحد أطراف الحكم بناء على حسابات انتخابية صرفة متعلقة بالرئاسيات”.
الطموحات الشخصية والطمع في الوصول لسدة الحكم بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2019 تتعلق بمؤسس الحزب المنصف المرزوقي حيث كشف البيان أن طموحه في الوصول لقصر قرطاج مشروع لكن ليس على حساب الاهتمام بالحزب حيث قال النص ”إن التركيز على ذلك وإهمال الحزب، والوقوف أمام أية إصلاحات عميقة داخله ترسخ الالتزام بلوائحه وخطه السياسي كحزب ديمقراطي اجتماعي معارض، وعدم الاستعداد للنقد الذاتي، قد أفقد الحزب شخصيته السياسية وجعل اهتمام قيادته بالتشريعيات مجرد سفسطة لا يؤكدها أي عمل ميداني”.
وليس غريبا ولا مستغربا اتهام المرزوقي بالسفسطة كونها صفة أطلقت عليه منذ توليه الرئاسة وكانت فلسفته والمسافة بين ما يقوله من قبيل التنظير وما أنجزه كرئيس للدولة محل انتقاد وتندر من قبل السياسيين والمتابعين للشأن السياسي التونسي وايضا من جهة المواطنين العاديين وهو ما بدا جليا على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك خلال كل المناسبات التي ظهر فيها المرزوقي كرئيس للجمهورية أو للحزب.
ويؤكد جل ما ورد في البيان أن طموح منصف المرزوقي وطمعه في الوصول إلى الرئاسة ومراهنته على دعم حركة النهضة (التي لم تذكر صراحة) وعلى أصوات ناخبيها هي التي أوصلت الحزب إلى الركود وقتلت مساره السياسي وأبعدته عن تحقيق أهدافه بما يكشف أن تأسيس الحزب في الأصل لم يكن سياسيا بل كان شكليا ووسيلة ليخدم مساعي مؤسسه ورئيسه للوصل إلى رئاسة الجمهورية التونسية.