السلايدر الرئيسيتحقيقات

هل استغلت إدارة ترمب صيغة مبادرة بيلين- أبو مازن للسلام؟

فادي أبو سعدى

  • إبقاء المستوطنات الكبرى وإلغاء الأونروا والقدس هي أبو ديس والعيزرية
  • حرب: اسرائيل كانت ترغب بالوصول للوضع الحالي وخططت لذلك لأنها لا تؤمن بالسلام
  • الأخطاء المتراكمة للفلسطينيين وتفرد فتح بقيادة المنظمة وغياب ضغط دولي أوصلنا لذلك

– رام الله – قبل عشرين عامًا، وتحديدًا في الثامن عشر من أيلول من العام 1998، ظهرت في الأفق مبادرة حملت اسم “بيلين- أبو مازن” للحل النهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأثارت هذه الوثيقة الكثير من الضجة في حينه، خاصة لأنها تحدثت عن القدس وكأنها “أبو ديس والعيزرية” شرق القدس المحتلة، وكذلك تطرقت إلى قضية اللاجئين وهي القضية الأكثر حساسية بالنسبة لغالبية الفلسطينيين.

يوسي بيلين، الذي كان وزيرا للعمل الاقتصادي في ذلك الوقت، ولم يتقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد آنذاك شمعون بيريز ولا الرئيس الراحل ياسر عرفات هذا الاقتراح بشكل تام، إلا انهما دعما استخدامه كأساس لمزيد من المفاوضات وللتوصل إلى اتفاق سلام نهائي.

وحسب الاتفاق “توافق إسرائيل على إقامة دولة فلسطينية في معظم أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة”. وفي المقابل فان الفلسطينيين سوف يتخلون عن “حق العودة” إلى “فلسطين المحتلة عام 1948” أو إسرائيل حاليًا بشكل ملائم ويشجعون بدلا من ذلك اللاجئين الفلسطينيين على الإقامة في الدولة الفلسطينية الجديدة. وهو ما يعني إلغاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “اونروا” واستبدالها لهيئة جديدة. فيما تكون عاصمة الدولة الفلسطينية هي أطراف القدس المحتلة “أبو ديس والعيزرية” والأماكن المقدسة في القدس تحت السيادة الإسرائيلية حسب وثيقة الفاتيكان.

ويظهر جليًا أونه وبعد عشرين عامًا من ظهور هذه الصيغة للحل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وإن كانت مجرد مبادرة لم يتم الالتفات لها كثيرًا، إلا أنه وعلى الأرض، يمكن للمراقب للشأن الفلسطيني الإسرائيلي أن يتلمس أن أفكار هذه المبادرة هي التي تطبق على الأرض لكن باسم جديد وصيغة خارجية عبر الإدارة الأمريكية وهي “صفقة القرن”.

فالقدس أصبحت خارج الحسابات بعد اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بها عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلادها إليها، لتتبعها بعد ذلك عدة دول. وبالتالي فإن فكرة أن القدس هي العيزرية وأبو ديس باتت أقرب، ثم تقليص مساعدات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين ووقف أعمالها في القدس كمقدمة لإلغائها، ووقف المساعدات الأمريكية لمستشفيات المدينة، يظهر وكأنه كما جاء في وثيقة بيلين أبو مازن.

من جهته قال المحلل السياسي جهاد حرب لصحيفة ، أن الأمور مركبة كثيرًا فيما يخص الحالة الفلسطينية، فمن جهة فإن إسرائيل كانت ترغب بالوصول إلى هذا الوضع الذي نحن عليه اليوم، وبحسب دراسة أعدها مركز يافي الإسرائيلي عن وضع الضفة الغربية وقطاع غزة، فإنه تم وضع ستة سيناريوهات للحل بين إسرائيل والفلسطينيين، من إقامة دولة فلسطينية وصولاً إلى الضم.

أحد هذه الخيارات كان إقامة دولة فلسطينية في غزة، وضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية لإسرائيل، بينما الحكومات الإسرائيلية خططت لذلك لأن جميع الحكومات الإسرائيلية لم تكن تؤمن بالسلام بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.

الأمر الثاني بحسب حرب، فإن الأخطاء الفلسطينية المتراكمة سواء المتعلق بسوء الإدارة وبناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، أو في معارضة حركتي حماس والجهاد الإسلامي والقيام بعمليات تفجيرية خلال الفترة الأولى من اتفاق أوسلو، وتفرد حركة فتح بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية واتخاذ القرارات المتعلقة بعملية السلام.

كما أن غياب ضغط حقيقي من قبل المجتمع الدولي على إسرائيل لتحقيق السلام بين إسرائيل وفلسطين، جميع هذه العوامل أدت بنا إلى ما نحن عليه اليوم على الأرض من وضع السلطة الفلسطينية أو الخطط الأمريكية لتظهر الأمور وكأنها تسير إلى الخلف.

ويرى الكثير من الفلسطينيين أن الأمور على الأرض تبدو وكأن القضية الفلسطينية انتهت، فالمستوطنات الإسرائيلية تمنع فعليًا سيناريو حل الدولتين بالمطلق، وقضية الخان الأحمر ستنهي التواصل بين جنوب الضفة الغربية وشمالها إلى الأبد، وغزة بعيدة كل البعد عن الضفة الغربية وتبدو الأقرب لتكون الدولة الفلسطينية بدون الضفة الغربية، خاصة مع الأحاديث المتكررة عن هدنة طويلة الأمر وتسهيلات كبيرة للقطاع مثل إقامة الميناء والمطار وفتح المعابر.

وفي الضفة الغربية يترقب الفلسطينيون وضع السلطة الفلسطينية بقلق شديد، خاصة بعد الضغط الأمريكي الكبير على السلطة الفلسطينية سواء المالي أو السياسي، وحالة الترقب هذه في محاولة لمعرفة هل ستقوم إسرائيل بضم الضفة الغربية، أو سيذهب السيناريو لكونفدرالية مع الأردن، لأن لا حل ثالث بنظرهم في الأفق حتى الآن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق