السلايدر الرئيسيحقوق إنسان

تقرير جديد لمركز بتسيلم بعنوان عدالة زائفة: مسؤولية قضاة محكمة العدل العليا عن هدم منازل الفلسطينيين وسلبهم

فادي ابو سعدى

ـ رام الله ـ من فادي ابو سعدى ـ كشف مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة “بتسيلم”، إن سلطات الاحتلال ترفض غالبية طلبات البناء التي يقدمها الفلسطينيون في الضفة الغربية، مشيرًا في ذات الوقت إلى أن المحاكم الإسرائيلية تتبنى سياسات الحكومة في موضوع مواجهة البناء الفلسطيني بالضفة الغربية المحتلة.

واتهم تقرير صادر عن المركز تحت عنوان “عدالة زائفة: مسؤولية قضاة محكمة العدل العليا عن هدم منازل الفلسطينيين وسلبهم”، أن الفلسطينيين قدّموا 5475 طلب ترخيص بناء في الفترة الواقعة بين عام 2000 ومنتصف عام 2016، وتمت الموافقة على 226 طلبًا فقط، أي نحو 4% من الطلبات، وذلك وفقًا لمعطيات “الإدارة المدنية الإسرائيلية”.

وهدمت سلطات الاحتلال منذ العام 2006 وحتى نهاية العام 2018، على الأقل 1401 بيت فلسطيني في الضفة الغربية بدون شرق القدس، أسفر ذلك عن تشريد على الأقل 6207 فلسطينيين بينهم على الأقل 3134 طفلًا. وأصدرت الإدارة المدنيّة التابعة للاحتلال 16796 أمر هدم في الفترة الواقعة بين عام 1988 وعام 2017؛ نفّذ منها 3483 أمرًا نحو 20% ولا يزال 3081 أمر هدم نحو 18% قيد المداولة القضائيّة.

وأقامت سلطات الاحتلال في السنوات الخمسين الماضية نحو 250 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة التي يحظر القانون الدولي إقامتها أصلاً، وفي الفترة نفسها أقامت بلدة فلسطينيّة واحدة فقط نُقل إليها تجمّع بدويّ كان قائمًا في منطقة خصّصتها إسرائيل لتوسيع مستوطنة، وهكذا فحتى إقامة البلدة الوحيدة هذه جاءت لخدمة احتياجات إسرائيل.

وهاجم التقرير المحاكم الإسرائيلية، ومحكمة العدل العليا على وجه الخصوص، فيما يتعلق بقرارها في بداية شهر أيلول عام 2018، بعد سنوات من المداولات القضائيّة، والقاضي بقانونية هدم قرية الخان الأحمر، بعد أن ادّعت أن البناء في القرية مخالف للقانون.

وقال المركز أنه “حين تعتبر المحكمة في قرارها أنّ هدم القرية ليس سوى مسألة تتعلّق بـ(تطبيق القانون) فهي تنوب عن الدولة بأمانة تامّة إذ تضع إسرائيل في هذا الإطار مجمل سياستها تجاه البناء الفلسطيني في أنحاء الضفّة الغربيّة طيلة سنين. وعلى مستوى التصريحات تطرح السّلطات الإسرائيلية مسألة هدم المنازل الفلسطينية على أنّها مجرّد مسألة بناء مخالف محض للقانون وكأنّما لا توجد لإسرائيل غايات بعيدة المدى في الضفة الغربية. وكأنّما لا توجد لهذه المسألة إسقاطات وآثار بعيدة المدى على حقوق الإنسان لمئات آلاف البشر وعلى قدرتهم على المعيشة وكسب الرّزق وإدارة حياتهم”.

وتبنّت المحكمة العليا هذه الرؤية في آلاف القرارات والأحكام الصادرة خلال السنين في ملفّات موضوعها هدم منازل الفلسطينيين في الضفة، واعتبر القضاة سياسة التخطيط الإسرائيلية قانونيّة ولا تشوبها شائبة مسلّطين الضوء في جميع الحالات تقريبًا، على الجانب التقنيّ: هل يمتلك من قدّم الالتماس ضدّ الهدم رخصة بناء؟”.

وأكد التقرير أن جهاز التخطيط الذي أقامته سلطات الاحتلال الفلسطينيّين في الضفة الغربية المحتلة، هدفه خلق مظهر زائف لنظام سليم يُدار كما ينبغي ويعمل وفقاً للقانون -الدوليّ والإسرائيليّ، لكنه في الحقيقة هدفه تبرير هدم المنازل ومواصلة التضييق على الفلسطينيين في مجال التخطيط والبناء وإدارة الأراضي. ويعمل جهاز التخطيط الذي أقامته إسرائيل في الضفة الغربية لخدمة سياسة تعميق وتوسيع السيطرة الإسرائيليّة على الأراضي في أرجاء الضفة الغربية.

وتعمل الإدارة المدنيّة التابعة لسلطة الاحتلال على منع أيّ تطوير وتقليص مسطّح البلدات الفلسطينية وتكثيف البناء، والهدف من ذلك إبقاء أقصى ما يمكن من الأراضي احتياطيًا لاحتياجات إسرائيل وعلى رأسها توسيع المستوطنات. أمّا حين يتعلّق الأمر بالمستوطنات – علمًا أنّ إقامتها مخالفة للقانون أصلًا- فأداء “الإدارة المدنيّة” معاكس تمامًا: يعكس التخطيط للمستوطنات احتياجاتها الحاليّة والمستقبليّة ومن هنا السّعي لإدخال أكبر مساحة ممكنة من الأراضي ضمن الخريطة الهيكليّة بهدف السيطرة على أقصى ما يمكن من مورد الأرض – هذا التوجّه في التخطيط يؤدّي إلى الهدر في تطوير البنى التحتيّة وفقدان مناطق طبيعيّة والتخلّي عن مساحات مفتوحة”.

 

وتحقق إسرائيل هذه الغاية من خلال منع الفلسطينيين من البناء في نحو 60% من المناطق المسماة (ج)، والتي تشكّل ما يقارب 36% من مجمل أراضي الضفة الغربية، وذلك من خلال استخدام ما يسمى بـ”التعريفات القانونية” لهذه المناطق، كاعتبارها “أراضي دولة”، أو “مناطق تدريبات”، أو مناطق تابعة لمسطّح مستوطنة، مؤكدًا أن هذه السياسة تهدف إلى تقليص الحيّز المتاح للتطوير الفلسطيني إلى حد كبير.

كما أن إسرائيل غيّرت في قانون التخطيط الأردني السّاري في الضفة واستبدلت كثيرًا من بنوده بأمر عسكري بحيث نقلت كل صلاحيات التخطيط في الضفة إلى مجلس التخطيط الأعلى التابع “للإدارة المدنيّة” وألغت أيّ تمثيل فلسطينيّ في لجنة التخطيط، وهكذا أصبحت “الإدارة المدنيّة” المسؤول الوحيد عن التخطيط والتطوير في الضفة الغربية – سواء في البلدات الفلسطينية أو في المستوطنات”.

ومهد “قضاة محكمة العدل العليا الإسرائيلية مهّدوا الأرضية لسياسة التخطيط الظالمة، حين قاموا بشرعنة عملية تجريد الشعب الفلسطيني من أراضيه”، فيما “واقع النهب والسلب الذي أنشأته إسرائيل والذي سمح به القضاة وسوّغوه وشرعنوه ولا يزالون”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق