شمال أفريقيا
فضيحة انتهاكات مدرسة الرقاب الدينية في تونس تسيطر على نقاشات البرلمان
ـ تونس ـ سيطرت تداعيات فضيحة مدرسة الرقاب الدينية التي كشفت عن اعتداءات جنسية وانتهاكات ممهنجة ضد أطفال على نقاشات البرلمان التونسي اليوم الاثنين.
ولا تزال آثار فضيحة المدرسة التي جرى إماطة اللثام عنها في تحقيق صحفي ومن ثم من قبل السلطات الأمنية والهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص، تثير جدلا بشأن دور السلطات في مكافحة الارهاب ومسألة رعاية الدين في الديمقراطية الناشئة.
كانت الهيئة كشفت في وقت سابق عن أوضاع مأساوية وصادمة لـ42 طفلا تأويهم مدرسة تابعة لجمعية قرآنية، حيث عاينت أطفالا يلبسون عباءات أفغانية ولا يقوون على المشي بسبب الضرب المبرح وقد تعرض أحدهم إلى خلع في الكتف، بينما أثبتت فحوص طبية تعرض عدد منهم إلى الاغتصاب في المدرسة التي وصفتها بـ”ثكنة” تجنيد للجهاد.
وقال النائب عن حزب حركة نداء تونس محمد عبد اللاوي “الأطفال يتدربون في أوضاع قاسية لإعدادهم للصعود إلى الجبال.. وجدت المدرسة حاضنة سياسية وهدفها ضرب التعليم العمومي والدولة الوطنية”، واتهم النائب السلطات بالتغاضي عن تنفيذ قرار بغلق المدرسة.
وقال النائب عن الجبهة الشعبية المعارضة عمار عمروسية :”لا يتعلق الخلاف بالقرآن أو الاسلام. هذا محتشد للإرهاب والارهابيين”.
واتهم عمروسية التحالف الحكومي الذي قادته حركة النهضة الاسلامية ابان فوزها بانتخابات 2011 بالتراخي في مكافحة التطرف.
وقالت النائبة هاجر بالشيخ عن الائتلاف الوطني :”ليس لدينا قانونيا مدارس قرآنية، يجب إبعاد القرآن عن المزايدات، هناك مدارس وروضات أطفال تقوم بتحفيظ القرآن، لكن هذه المدرسة (الرقاب) تعلم التطرف وهي معسكر دمغجة لتدريب الأطفال على القتال”.
وتابعت بالشيخ “هناك تخاذل ومتاجرة بالبشر، محاربة الارهاب يجب أن تنطلق من محاربة أوكار الارهاب، وما تم ارتكابه هو إجرام بالقانون والقوانين الدولية، هناك اعتداء جنسي واستغلال اقتصادي والأكثر فظاعة ما اقترفه أولياء الأطفال من اهمال واتجار بالبشر”.
وأرجع وليد البناني النائب عن حركة النهضة الاسلامية الانتهاكات الحاصلة في مدرسة الرقاب، الى عدم اعتناء الدولة بالشكل المطلوب بالقرآن وتحفيظه.
وقال البناني :”لم نلمس هذا على أرض الواقع يجب أن نعطي أهمية لحفظ القرآن”.
وتابع البناني :”هناك دعوات مبطنة لفصل حياة المجتمع عن القرآن، نحن عمليون ونريد تعلم العلوم ولكن نريد أن نكون متوازنين وأن نربي جيلا على القيم الاسلامية، والنأي بذلك عن خصومات الأحزاب”.
من جهتها ، اتهمت النائبة عن تيار المحبة، ريم الثائري الحكومة بتوظيف حادثة الرقاب سياسيا عبر الكشف عنها بالتزامن مع ذكرى اغتيال النائب شكري بلعيد ومع الإعلان عن تكوين حزب جديد لرئيس الحكومة (حزب تحيا تونس).
وقالت الثائري:”خيوط المسرحية واضحة، المدرسة موجودة من 2012 وصدر بحقها قرار بالغلق وهو بيد الحكومة”.
ووصفت النائبة الحادثة بالعودة إلى الاستقطاب السياسي والايديولوجي والسعي إلى معالجة التطرف بالتطرف عبر قرار غلق المدارس القرآنية.
وبدأت السلطات القضائية بفتح تحقيق ضد صاحب مدرسة الرقاب، وعدد من الموقوفين في جرائم ترتبط بالاتجار بالأشخاص والعنف والاغتصاب بجانب شبهة الارهاب.
ويشمل التحقيق القضائي أيضا فيما إذا كان أولياء الأطفال طرفا في المأساة.
وجرى نقل 42 طفلا ينحدرون من عدة ولايات من ضحايا الاعتداءات في مدرسة الرقاب، إلى مركز متخصص في العاصمة لرعايتهم بعيدا عن عائلاتهم، ويعاني أغلبهم من مشاكل صحية ومتاعب نفسية حادة.
وانتشرت بعد انتفاضة عام 2011 المدارس والجمعيات القرآنية بشكل واسع مستفيدة من مناخ الحرية، غير أن الحكومة بدأت بحملة تعقب للجمعيات ذات التمويل المشبوه أو المتورطة بنشر التطرف، وأمر القضاء بإغلاق بعضها بعد سلسلة من الهجمات الارهابية الدامية التي تعرضت لها البلاد.
وتنشط اليوم في تونس 1130 جمعية قرآنية حاملة لتراخيص قانونية، بحسب ما ذكرته هيئة مكافحة الاتجار بالأشخاص. (د ب أ)