شرق أوسط
المئات يفرون من آخر نقاط سيطرة تنظيم داعش في شرق سوريا
ـ قرب الباغوز ـ فر المئات ليل الاثنين الثلاثاء من الكيلومترات الأخيرة تحت سيطرة تنظيم داعش في شرق سوريا، حيث تواصل قوات سوريا الديموقراطية بدعم من التحالف الدولي بقيادة أمريكية المرحلة الأخيرة من هجومها الهادف لانهاء “الخلافة”.
وتخوض قوات سوريا الديموقراطية منذ أيلول/سبتمبر عملية عسكرية ضد التنظيم في ريف دير الزور الشرقي. وتمكنت من طرده من كل القرى والبلدات، ولم يعد موجوداً سوى في بقعة صغيرة لا تتجاوز أربعة كيلومترات مربعة تمتد من أجزاء من بلدة الباغوز وصولاً إلى الحدود العراقية.
وأفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس عن “خروج 350 شخصاً، غالبيتهم نساء وأطفال من عائلات الجهاديين ومن غير السوريين، الثلاثاء من الباغوز”.
ويأتي ذلك بعد ساعات من خروج 600 شخص من البلدة بعد منتصف الليل، وفق ما كان أفاد مدير المركز الاعلامي لقوات سوريا الديموقراطية مصطفى بالي لفرانس برس.
وفي نقطة قريبة من خط الجبهة، شاهدت مراسلة فرانس برس أشخاص يتوجهون سيراً إلى نقاط قوات سوريا الديموقراطية، قبل أن يتوجه مقاتلون وفريق من المسعفين من منظمة دولية إليهم لمعالجة الجرحى بينهم.
وبين هؤلاء نساء أوكرانيات وروسيات وأطفالهنّ، وزع عليهم المقاتلون الخبز والمياه.
وتحدثت إمرأة من القرم في الـ34 من العمر عن أوضاع معيشية صعبة في الكيلومترات الأخيرة تحت سيطرة التنظيم. وقالت “الأطفال خائفون وجياع. ليس هناك طعام”.
ويخضع الخارجون من نقاط سيطرة التنظيم، في منطقة فرز مخصصة لهم، لعملية تفتيش وتدقيق أولي في هوياتهم من قبل قوات سوريا الديموقراطية قبل نقل المشتبه بانتمائهم الى التنظيم إلى مراكز تحقيق خاصة، والمدنيين وعائلات التنظيم الى مخيمات في شمال شرق البلاد.
وفي منطقة استقبال الفارين قرب بلدة الباغوز، التي لا يزال التنظيم المتطرف موجودا في جزء منها، شاهدت مراسلة فرانس برس عشرات العراقيين والسوريين ينتظرون في خيم بعدما قضوا ليلة في البرد القارس في تلك المنطقة الصحراوية.
وبين الفارين منذ منتصف الليل مواطنون من جنسيات مختلفة روسية وتركية وفرنسية وشيشانية، وفق المرصد السوري.
وأعلنت قوات سوريا الديموقراطية، تحالف فصائل كردية وعربية تدعمه واشنطن، السبت بدء هجومها الأخير لطرد مئات الجهاديين المحاصرين في بقعة صغيرة في ريف دير الزور الشرقي، بعد توقف استمر أكثر من أسبوع للسماح للمدنيين بالخروج.
“تقدم بطيء”
وفي نقطة قريبة من خط الجبهة، قال قيادي ميداني من قوات سوريا الديموقراطية لفرانس برس “بعد الهجوم المضاد لداعش، اندلعت اشتباكات عنيفة ونحن حالياً نثبت مواقعنا”، مشيراً إلى أن 20 في المئة من بلدة الباغوز لا تزال تحت سيطرة الارهابيين وهي منطقة مليئة بالألغام.
وأسفر هجوم مضاد لتنظيم داعش الإثنين عن مقتل 12 عنصراً من قوات سوريا الديموقراطية، وفق المرصد.
كما أصيب صحافي ايطالي بجروح أثناء تغطيته المعارك، وفق ما كتب زميل له كان يرافقه على حسابه على تويتر.
وإلى جانب الألغام، تواصل هذه القوات تقدمها ببطء، وفق المرصد، نتيجة عوائق أخرى كالقناصة والأنفاق التي حفرها الارهابيون. ويضاف إلى ذلك، وجود أسرى من قوات سوريا الديموقراطية لدى التنظيم المتطرف.
وأوضح المتحدث باسم التحالف الكولونيل شون راين لفرانس برس الثلاثاء أن “التقدم بطيء ومنهجي مع تحصن العدو بشكل كامل، واستمرار مقاتلي التنظيم في شن هجمات معاكسة”، موضحاً في الوقت ذاته أن التحالف يستمر في “ضرب أهداف للتنظيم كلما كان ذلك متاحاً”.
وقتل 16 مدنياً على الأقل الإثنين بينهم سبعة أطفال جراء غارات للتحالف استهدفت أطراف بلدة الباغوز، بحسب المرصد.
ودفعت العمليات العسكرية أكثر من 37 ألف شخص الى الخروج من آخر مناطق سيطرة التنظيم منذ مطلع كانون الأول/ديسمبر، غالبيتهم نساء وأطفال من عائلات الارهابيين، بينهم نحو 3400 مشتبه بانتمائهم الى التنظيم، وتم توقيفهم، وفق المرصد.
وشاهد فريق فرانس برس الإثنين امرأتين فرنسيتين بين الفارين، قالت إحداهما “لا يزال هناك العديد من الفرنسيين، والعديد من المهاجرين، ويحاول آخرون الخروج لكن التنظيم لا يسمح بذلك”.
وتقدر قوات سوريا الديموقراطية وجود أكثر من 600 من مقاتلي التنظيم في المنطقة المحاصرة، وفق بالي الذي رجح ألا يكون زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي موجوداً فيها.
عمليات تطهير
منذ بدء الهجوم في العاشر من أيلول/سبتمبر، وثّق المرصد مقتل 670 من قوات سوريا الديمقراطية مقابل 1298 من التنظيم المتطرف. كما تسببت المعارك والقصف بمقتل 417 مدنياً بينهم 151 طفلاً.
ومني التنظيم الذي أعلن في العام 2014 إقامة ما سماه “الخلافة الاسلامية” على مساحات واسعة سيطر عليها في سوريا والعراق المجاور تقدر بمساحة بريطانيا، بخسائر ميدانية كبرى خلال العامين الأخيرين. وبات وجوده حالياً يقتصر على مناطق صحراوية حدودية بين البلدين.
وبعد انتهاء المعارك، يبقى أمام قوات سوريا الديموقراطية وحلفائها وفق راين “اجراء عمليات تطهير” بعدما “تعمّد التنظيم ترك عبوات مفخخة خلفه لقتل المدنيين الأبرياء”.
وتوقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاثنين الفائت استعادة المناطق التي لا تزال تحت سيطرة التنظيم المتطرف خلال أسبوع. وقال أمام التحالف الدولي في واشنطن إنّ “الجنود الأمريكيّين وشركاءنا في التحالف وقوّات سوريا الديموقراطيّة حرّروا على الأرجح كامل المناطق التي يُسيطر عليها تنظيم داعش في سوريا والعراق”.
وفاجأ ترامب في 19 كانون الأول/ديسمبر حلفاءه الغربيين والمقاتلين الأكراد بإعلانه قراره سحب جميع قواته من سوريا والتي يقدر عددها بنحو ألفي جندي.
وأبدى الأكراد خشيتهم من أن يسمح القرار الأمريكي لتركيا بتنفيذ تهديداتها بشن هجوم على مواقع سيطرتهم، حيث تخشى أنقرة أن يقيموا حكماً ذاتياً قرب حدودها. (أ ف ب)