شرق أوسط
ولي العهد السعودي يبحث عن حلفاء وعقود في آسيا
ـ اسلام اباد ـ بدأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأحد في باكستان جولة آسيوية تشمل ثلاث دول يأمل في الحصول على عقود مهمة فيها، وليؤكد أنه ما زال لاعبا سياسيا مهما على الساحة الدولية بعد خمسة أشهر على كشف قضية الصحافي جمال خاشقجي.
ووصل ولي العهد السعودي بعد ظهر الأحد إلى العاصمة الباكستانية حيث سيبقى حتى الإثنين، وقد استقبله في المطار رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان بحسب مشاهد بثّها التلفزيون الرسمي الباكستاني.
وتأتي زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى باكستان في أجواء من التوتر الإقليمي الشديد. وتتهم الهند وإيران المتجاورتان إسلام أباد بالتورط في هجومين انتحاريين أسفرا عن سقوط قتلى خلال الأسبوع الجاري على أراضي الدولتين.
ورفضت إسلام آباد في بيان الأحد “الادعاءات العبثية” التي أطلقتها نيودلهي، مؤكدة رغبتها في “تطبيع العلاقات مع الهند”.
وبعد باكستان يتوجه ولي العهد السعودي إلى الهند حيث سيلتقي رئيس الوزراء ناريندرا مودي ويناقش مسألة النفط مع وزير البترول والغاز الطبيعي دارميندرا برادان. وسيزور الصين الخميس والجمعة.
وألغيت السبت محطتان كانتا مقررتين الأحد والإثنين المقبلين في إندونيسيا وماليزيا، بدون ذكر أي توضيحات.
وتأتي هذه الجولة بعد خمسة أشهر ونصف شهر على مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلده في اسطنبول، في قضية أثارت استياء كبيرا وأساءت لصورة السعودية وخصوصا ولي العهد.
وبعدما أنكرت قتل خاشقجي، طرحت الرياض روايات عدة لما حصل لكنها باتت تؤكد أن الصحافي قتل خلال عملية نفذها “عناصر خارج إطار صلاحياتهم” ولم تكن السلطات على علم بها.
وصرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة أن بلاده لم تكشف بعد عن جميع العناصر التي بحوزتها في التحقيق في مقتل الصحافي السعودي الذي لم يتم العثور على جثته بعد وكان من أشد منتقدي الأمير محمد الذي ينفي تورطه في القتل.
“ليس منبوذا”
لكن المحللين يرون أن هذه الجولة الآسيوية لولي العهد السعودي هي أهم ظهور له على الساحة الدبلوماسية منذ مشاركته في قمة العشرين في الأرجنتين في كانون الأول/ديسمبر.
ورأى جيمس دورسي الباحث الملحق في معهد راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة أن ولي العهد “يريد أن يظهر أنه ليس منبوذا على الصعيد الدولي”.
وأضاف إنه يريد أن يبرهن أنه ما زال قادرا على “العمل على الساحة الدولية بصفته أعلى ممثل للسعودية بعد الملك” سلمان بن عبد العزيز.
وقال لي غووفو الخبير في شؤون الشرق الأوسط في معهد الصين للدراسات الدولية، مركز الأبحاث المرتبط بالحكومة الصينية، إن قضية خاشقجي لا تزال تثير جدلا في البلدان الغربية “إلى درجة جعلت من غير المريح إطلاقا لولي العهد أن يتوجه إلى الغرب”.
وأضاف أن “عدم الذهاب إلى الغرب لا يعني أنه لا يستطيع القدوم إلى الشرق”، مشيرا إلى أن المملكة “تقوم بعمليات تصحيح استراتيجية والدبلوماسية السعودية تلتفت حاليا باتجاه آسيا”.
وتابع أن “الدول الآسيوية لديها سمة خاصة ومهمة هي أننا لا نتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى”.
“إرجاء” زيارة طالبان
وقال دورسي إن جولة ولي العهد تتضمن شقا اقتصاديا أيضا، موضحا أن “الصين هي الزبون الرئيسي للخام السعودي وكل الزبائن الرئيسيين الآخرين آسيويين: الهند واليابان وكوريا الجنوبية”.
وأكدت المحللة في مجموعة “أميركان انتربرايز اينستيتوت” كارين يونغ أن “آسيا تشكل مصدر استثمارات في الطاقة والبنى التحتية في الخليج، والنمو المقبل للاقتصاد العالمي سيسجل في آسيا”.
وتأمل إسلام أباد التي أدى عجزها الخارجي إلى انكماش الاقتصاد، في أن تقدم لها حليفتها منذ فترة طويلة مساعدة لإنقاذه. وقد يتخذ ذلك شكل استثمارات بمليارات الدولارات في مصفاة أو في مجمع نفطي في جنوب البلاد.
وقد زار رئيس حكومتها عمران خان السعودية مرتين منذ انتخابه الصيف الماضي.
وفي بيان أصدرته الأحد أعلنت طالبان “إرجاء” زيارة كان من المقرر أن يجريها وفد من الحركة إلى إسلام أباد.
وكان من المفترض أن يلتقي وفد طالبان رئيس الوزراء الباكستاني ومسؤولين أميركيين لإجراء محادثات جديدة بشأن أفغانستان، وهو ما لم تؤكّده واشنطن أو إسلام أباد.
وكانت وسائل إعلام أشارت إلى إمكانية حصول لقاء بين ولي العهد السعودي وممثلي الحركة.
وبرّرت طالبان إرجاء الزيارة بعقوبات دولية مفروضة على بعض من مفاوضيها ما يجعلهم “غير قادرين على السفر”.
وتساهم باكستان والسعودية إلى حد كبير في المفاوضات الطويلة لإنهاء النزاع في أفغانستان. (أ ف ب)