السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا
المغرب: مرور ثمان سنوات على انطلاق حركة “20 فبراير” ماذا تغير؟
فاطمة الزهراء كريم الله
ـ الرباط ـ من فاطمة الزهراء كريم الله ـ مر اليوم ثمان سنوات على انطلاق “حركة 20 فبراير”، الحركة التي عرفها المغرب عام 2011، تزامنا مع احتجاجات ما يسمى بالربيع العربي في عدد من البلدان العربية. حينها خرج لأول مرة مئات الآلاف من الشباب المغربي في 54 مدينة وبلدة بصورة عفوية دون تعبئة نقابية ولا حزبية رافعين لافتات تطالب بالكرامة والعدالة الاجتماعية والحرية والديمقراطية، ومرددين شعارات مطالبة بإصلاحات عميقة وشاملة للنظام السياسي، كان الشعار المركزي الذي يختزل مطلب جيل بأكمله محدد في ثلاث كلمات: حرية، كرامة، عدالة اجتماعية.
كانت أهم المطالب السياسية للحركة، هي الفصل بين الثروة والسلطة في المناصب الحكومية واستقلال القضاء وحرية الإعلام وإقامة ملكية برلمانية وإجراء انتخابات نزيهة ووضع دستور جديد.
وإذا كانت مظاهرات 20 فبراير / شباط 2011، التي عمت البلاد جميعها قد مرت في أجواء سلمية وحضارية كما أقرت بذلك وزارة الداخلية، ففي التاسع من مارس / آذار من نفي العام، كان رد العاهل المغربي، الملك محمد السادس على الاحتجاجات الشعبية مستجيبا لمعظم مطالب الحركة. حيث أعلن عن حزمة إصلاحات اجتماعية وأطلق عملية صياغة دستور جديد، من خلال تعيين لجنة استشارية” تتحدد مهمتها في الاستماع إلى مذكرات الأحزاب والنقابات، بخصوص مقترحاتها لإصلاح دستوري مؤطر بخطاب ملكي وفي حدود ما تضمنه. تلتها انتخابات جديدة نزيهة، أفرزت برلمانا عكس حقيقة الاختيار الشعبي، لأول مرة منذ الاستقلال. وتشمل ائتلاف حكومي قاده حزب العدالة والتنمية ذو الاتجاه الاسلامي ابتداءا من يناير/كانون الثاني 2012.
ومنذ ذلك الحين، ظلت “حركة 20 فبراير” حاضرة في وسائل الإعلام، تحتفي بذكرى ميلادها كل سنة وتذكر المغاربة بشعاراتها في الشارع في عدد من المظاهرات.
فبعد مرور ثمان سنوات على الربيع العربي، يرى بعض المراقبين، أن المغرب قطع أشواطا مهمة في مجال الإصلاح، وأن البلاد في حاجة إلى المزيد من الوقت لتعميق هذا الإصلاح، استنادا إلى تجارب عاشتها دول أخرى في التاريخ، فيما يؤكد أخرون، أن المغرب كان بإمكانه تعميق الإصلاح، لكن شريطة توفر إرادة جريئة تصوغ نموذجا تنمويا جديدا.
في حديث عن الموضوع، قال الأستاذ الجامعي، المتخصص في تحليل الخطاب، جمال بن دحمان : “نحن الآن أمام فترة كافية للحكم على مسار هذه الحركة التي كانت مطالبها غير مؤطرة بانسجام مرجعي، أو تحديد لسيناريوهات المآلات الممكنة….ويبدو أن ما وجهها هو سياق ما سمي (الربيع العربي) الذي لم يكن مصيره إيجابيا مما أضعف كل الحركات المماثلة لحركرة” 20 فبراير”…لأن الأمثلة التي أصبحت تذكر أساسها اللااستقرار والمواجهة والتشردم من خلال نماذج ليبيا واليمن وسوريا أو تلك التي دخلت في أزمات سياسية عميقة كما هو حال تونس أو مصر….وبغض النطر عن مدى سلامة هذا التصور فإنه أصبح المرجع لدى من يرفضون القيام بأي حركة غير محسوبة العواقب”.
سلبية مآلات الحركات المماثلة لحركة” 20 فبراير” يضيف بن دحمان، جعلها في وضع ضعف، لكن التحولات التي عرفها السياق الداخلي حتمت البحث عن إطارات أخرى لتصريف المطالب ، واتضح أن الاشتغال خارج الهياكل المؤسسية من أحزاب ونقابات وجمعيات مطلبية وترافعية يمكن أن يقود إلى الانزلاقات المتعددة الأوجه.
فبالرغم من أن الحركة فقدت زخمها الشعبي الذي كان يحركها والذي كان نتيجة انسحاب هيئات وتيارات سياسية وازنة من صفوفها وانخراط عدد من شبابها المؤسس في تنظيمات سياسية تبقى في نظر الكثير من المتتبعين أنها حركة خلصت المغاربة، بدرجة كبيرة من الخوف من السلطة بفضل جرأة مطالبها، واكتسبوا مساحات كبيرة من التعبير الحر عن الرأي وتعزيز الحريات الشخصية وحولوا ظاهرة الاحتجاج إلى مشهد يومي، في شوارع مدنهم مقارنة بعهد الملك الراحل الحسن الثاني.
في هذا الصدد، يستحضر رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أحمد الهايج، في تصريح صحفي، ذلك السياق كما يستحضر الشعارات التي رفعتها الحركة، وقال: “كانت الغاية من ورائها إحداث تغييرات سياسية واجتماعية ودستورية، من شعاراتها القوية محاربة الفساد والدفاع عن الكرامة والحرية”، وهي الشعارات التي “كانت دائما محركة لكل الحراكات التي عرفتها الإنسانية. و يمكن أن نفسر ما يجري اليوم من حراكات في الريف وجرادة وغيرهما دون ربطه بالنَّفس الذي أطلقته 20 فبراير”، على أنها “ستبقى راسخة في الوجدان الجمعي للمجتمع المغربي، وملهمة للمواطنين في كل الأشكال الاحتجاجية التي يخوضونها”.