السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا
تظاهرات بالمدن ضد ترشح بوتفليقة… هكذا قضى الجزائريون يوم الجمعة
نهال دويب
ـ الجزائر ـ من نهال دويب ـ كان البعض منهم يترقب انتهاء صلاة الجمعة على أحر من الجمر، فيما اضطر البعض الآخر الخروج احتجاجا منهم على الخطب الملقاة، لكنهم ساروا كلهم في شوارع مدن الجزائر، احتجاجا منهم لاستمرار بوتفليقة في الحكم لخمس سنوات مقبلة، وتهاطل قطاع عريض منهم بعنابة وبجاية وجيجل وسوق اهراس وتيارت ووراهن وغليزان وغرداية وورقلة وأدرار.
واستفاق الجزائريون، صباح أمس الجمعة، على هدوء حذر وانتشار مكثف لعناصر الدرك والشرطة ومروحيات تحلق برفقة العصافير في سماءها الزرقاء، إذ اتخذت مديرية الأمن الجزائري إجراءات استثنائية ونشرت تعزيزات بكل الساحات الكبرى وأمام المساجد التي كان فيها الخطباء منشغلون بمحاولة إجهاض الحراك تطبيقا لتعليمات وزارة الشؤون الدينية والأوقاف وهو ما تسبب في خروج جماعي من بيوت الله في أحد مساجد ورقلة وبجاية وقطع الصلاة.
في حدود الساعة الثانية بعد الزوال، تهاطل حشد غفير من الجزائريين قطاع عريض منهم من الشباب، انبعث صوتهم في كل مكان وتحولت ساحة أول مايو / آيار في قلب مدينة الجزائر العاصمة إلى ما يشبه بمدرجات الملاعب بسبب أصوات التي صدحت عالية منددة بترشح بوتفليقة لولاية خامسة، وفي الوقت ذاته انطلقت مسيرات مشابهة في حي باب الوادي الشهير وفي بعض الشوارع الرئيسية، رغم أن القانون الجزائري يمنع تنظيم مسيرات بالعاصمة في إطار الإجراءات التي اتخذت سنة 2001.
وعجت بعدها مواقع التواصل الاجتماعي بصور لمظاهرات سلمية في شتى أنحاء البلاد، لم تشهدها منذ سنوات التسعينات حين كان الشارع يشهد صراع حامي الوطيس بين السلطة والمعارضة.
وتفاجأ الرأي العام الوطني والدولي بوجود “حراك شبابي ومدني” أثبت قدرته على تأطير الشارع وإسماع صوته في وقت عجزت المعارضة السياسية عن إصدار موقف واضح وصريح ولم تتمكن لحد الساعة من التوافق على موقف واحد بسبب “نرجسية” الزعامة.
والمثير للانتباه في المسيرات التي شهدتها البلاد “الطابع السلمي” الذي غلب على التظاهرات التي شهدتها الجزائر، فلم تسجل أية أعمال عنف أو تخريب الممتلكات العمومية، كما أن عدد الموقوفين لا يتجاوز الأربعون شخصا، وأعلنت السلطة الجزائرية أنها أوقفت 41 شخصا من بين آلاف المتظاهرين الذين شاركوا في احتجاجات الجمعة ضد ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة في الانتخابات المقررة في 18 نيسان/إبريل.
وجاء في بيان للمديرية العامة للأمن الوطني أن مصالحها سجلت “توقيف 41 شخصا، للإخلال بالنظام العام والاعتداء على القوة العمومية وتحطيم الممتلكات”.
ويؤكد العدد القليل للموقوفين رغم الأعداد الكبيرة للمتظاهرين أن المسيرات والاحتجاجات جرت من دون تسجيل حوادث تذكر، خاصة وأن الشرطة لم تتدخل لمنعها ولا سيما في العاصمة حيث يمنع أي نوع من التظاهر منذ 2001.
ولم يتم تسجيل أي إصابات سواء في صفوف مصالح الأمن أو المتظاهرين، باستثناء بعض الصدامات التي شهدتها العاصمة الجزائرية خلال يوم الجمعة، حيث اكتفت قوات الأمن بمراقبة التطورات عن بعد دون الدخول في مواجهات مباشرة مع المحتجين.
وبادر قطاع عريض من المحتجين إلى تنظيف ساحة الاحتجاج بعد الانتهاء من الوقفة ضد الولاية الرئاسية الخامسة للرئيس بوتفليقة.
واحتفل جزائريون على مواقع التواصل الاجتماعي بـ “نشوة” هذا اليوم ” التاريخي، الذي كتبوه بأحرف من ذهب، وكتب أحدهم قائلا ” علمانيون، إسلاميون، شيوعيون، لا دينيون تجمعنا المواطنة والوطن، نريد دولة مدنية عادلة”، وقال آخر “الشعوب الحرة لا تموت، اليوم بدأ التاريخ يسجل تجربة جديدة في الجزائر أتمنى أن نكون في المستوى، ولا نتركها تتحول إلى فرصة ضائعة”.
وأسقط الحراك الاحتجاجي الذي شهدته الجزائر أمس الجمعة تصريحات رئيس حكومتها أحمد أويحي، الذي قال في تصريحات لـ”فرانس 24″ الإثنين الماضي، خلال القمة الـ 32 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، بأديس أبابا، قال إنه سعيد ومرتاح بترشح الرئيس، مضيفا أن الإعلان كان منتظرا, وهو ما أكده القيادي في حركة النهضة الجزائرية يوسف خبابة قائلا في تصريح لـ “” إن “الحراك الاحتجاجي الذي شهدته الجزائر هي تعبير علني على أن الشعب الجزائري ليس سعيد بترشح الرئيس بوتفليقة”، وتوقع المتحدث إمكانية استمرار الحراك الرافض لولاية الرئيس الخامسة.