شرق أوسط

تعديلات في مناصب عليا في السودان والاحتجاجات مستمرة

ـ الخرطوم ـ  عيّن الرئيس السوداني عمر البشير رئيسا جديدا للوزراء السبت في إطار تغييرات في المناصب العليا في الدولة في وقت رفض قادة الاحتجاجات قراره فرض حالة الطوارئ في أنحاء البلاد لمواجهة التظاهرات.

وهز شهران من الاحتجاجات التي فشلت حملة أمنية دامية في إخمادها حكم البشير المتواصل منذ ثلاثة عقود. والجمعة، أعلن فرض حالة الطوارئ في أنحاء البلاد وحل الحكومة على المستوى الاتحادي وحكومات الولايات.

وتعهد الرئيس في خطاب متلفز بتشكيل حكومة كفاءات للتعامل مع مشاكل السودان الاقتصادية المزمنة، التي اعتبرت المحرك الأساسي للاحتجاجات.

وأقال البشير السبت نائبه وحليفه القديم بكري حسن صالح وعيّن مكانه وزير الدفاع الفريق أول ركن عوض بن عوف.

وفي مرسوم منفصل، عيّن محمد طاهر ايلا، الذي كان الحاكم السابق لولاية الجزيرة الزراعية، رئيسا للوزراء.

لكن منظمي الاحتجاجات وأنصارهم في المعارضة السياسية قللوا من أهمية التعديلات. ورأوا أن حالة الطوارئ تعكس الضعف الذي طرأ على حكم البشير مشيرين إلى أن لا حل سوى تنحيه.

وقال “تحالف الحرية والتغيير” المنظم للاحتجاجات والذي يضمّ أحزاباً معارضة و”تجمّع المهنيين السودانيين” في بيان إن “إعلان حالة الطوارئ يعكس حالة الهلع داخل النظام”.

وأضاف “سنواصل التظاهرات والاحتجاجات السلمية حتى نصل إلى هدفها في تنحي رأس النظام وتصفية مؤسسات النظام”.

من جهته، رأى حزب الأمة الذي كان زعيمه صادق المهدي رئيس وزراء السودان المنتخب عندما انتزع البشير السلطة في انقلاب دعمه الإسلاميون عام 1989 أن التظاهرات ستتواصل إلى حين تنحي الرئيس.

وجاء في بيان الحزب أن “حل الحكومات وفرض الطوارئ هو تكرار للفشل الذي ظل حاضرا خلال ثلاثين عاما”. وأضاف أن “الشارع الثائر لن يرضى إلا بتحقيق مطالبه برحيل النظام”.

احتمال التعافي “أقل” الآن

ويشير محللون إلى أن حالة الطوارئ جاءت كتحرك يائس في وجه الغضب الشعبي.

وقال إريك ريفز المختص بالشأن السوداني في جامعة “هارفارد” إن “إعلان حالة الطوارئ يقلل من احتمال إعادة إحياء الاقتصاد”.

وأضاف أن “النظام لم يفهم أبداً شيئاً في الاقتصاد ولهذا السبب هم(المتظاهرون) بهذه الأعداد الكبيرة”.

ويعاني السودان من نقص حاد في النقد الأجنبي للدفع للواردات، وهي أزمة ازدادت سوءا منذ انفصال جنوب السودان في 2011 الذي تسبب بتقلص عائدات النفط بشكل كبير.

وتسبب النقص في السلع الأساسية بزيادة معدلات التضخم، ما دمّر القوة الشرائية للسكان والمستوى المعيشي للمواطنين السودانيين انطلاقا من العمال في مجال الزراعة ووصولا إلى المهنيين من الطبقة المتوسطة.

وشكّل قرار الحكومة في كانون الأول/ديسمبر رفع أسعار الخبز بثلاثة أضعاف السبب المباشر لانطلاق التظاهرات.

لكن رقعة الحركة الاحتجاجية اتسعت سريعا بينما قاد “اتحاد المهنيين السودانيين” — وهي مجموعة ينضوي تحت مظلتها أساتذة وأطباء ومهندسين — الحركة الاحتجاجية عبر تنظيم تظاهرات يومية باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

وانضمت المعارضة السياسية لاحقا إلى الحراك لتتحالف مع “اتحاد المهنيين السودانيين”.

وبحسب المحلل لدى “مجموعة الأزمات الدولية” موريثي موتيغا، “يشير فرض حالة الطوارئ للأسف إلى أن الأمور ستسوء قبل أن تتحسن”.

ورأى الباحث أن فرض حالة الطوارئ “يركّز السلطات في أيدي البشير ويفتح الباب أمام مواجهة مع الحركة الاحتجاجية التي قد تتجه إلى مزيد من العنف”.

 اعتقال رئيس تحرير صحيفة 

وتقول الحكومة إن 31 شخصا قتلوا في أعمال عنف على صلة بالتظاهرات، فيما تفيد منظمة “هيومن رايتس ووتش” أن عدد القتلى بلغ 51 على الأقل من انطلاق التظاهرات في 19 كانون الأول/ديسمبر.

واعتقل جهاز الأمن والمخابرات الذي يخشاه السودانيون مئات المتظاهرين وقادة المعارضة والناشطين والصحافيين.

وبعد وقت قصير من إعلان فرض حالة الطوارئ، اعتقل رئيس تحرير صحيفة “التيار” المستقلة عثمان ميرغني على خلفية تصريحات أدلى بها في مقابلة تلفزيونية حيث انتقد الخطوة.

وأما البشير، فأكد للسودانيين أنه يدرك حجم الأزمة الاقتصادية التي تواجهها البلاد.

وقال “التحديات الاقتصادية لا بد من التصدي لها بكفاءات مقتدرة ولذا سأكلّف حكومة مهام جديدة بكفاءات مقتدرة”.

ويتعهد التحالف المنظم للحركة الاحتجاجية الذي يضم كذلك أجنحة سياسية لمجموعات متمردة من مناطق النزاع الثلاث في السودان، بإصلاحات جذرية تتضمن وضع حد للإنفاق العسكري الضخم على النزاعات. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق