مشعل السديري
مدينة جدة من أحب المدن إلى قلبي، وقد عشت فيها أطول أيام حياتي بحلوها ومرّها، ولي فيها حوادث وذكريات، بعضها يكتب بماء الورد، وبعضها يكتب بدمع العين. بعضها يستحق جائزة الشرف، وبعضها يستحق أن يقام عليه الحد.
إذا سافرت وابتعدت عنها سابقني الشوق والحنين إليها، وإذا عدت إليها شعرت وكأنني عدت إلى حضن أمي التي لا أعرفها، لهذا أنا أحبها. ومع حبي لها أغار عليها وأخاف عليها وأغضب من أجلها وعليها؛ خصوصاً إذا وجدت من بعض القائمين عليها إهمالاً ما، أو جهلاً ما، أو قصر نظر ما.
أعرف تماماً أن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، غير أن هناك كثيراً من الأمور الحسنة يتمناها المرء ويدركها، وهناك كثير من الأمور الخاطئة يستطيع المرء أن يتلافاها أو يصححها. وحسناً ما فعلته أمانه العاصمة المقدسة مكة المكرمة، عندما أوقفت زراعة شجرة «البزروميا»، لما تسببه من أضرار سلبية على البيئة والبنى التحتية.
صحيح أن هذا القرار أتى متأخراً جداً، ولكن أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً. وللعلم بالشيء، هذه الشجرة (الشيطانية) جُلبت أول مرّة من جنوب أفريقيا، وكانت تزرع هناك من أجل مصدات الرياح في المزارع فقط، وأتت بها أول مرّة مصلحة الطيران، لتجعلها سياجاً حول مطار جدة. وحيث إنها سريعة النمو ودائمة الخضرة، تهافت عليها الناس، والآن قلما يخلو بيت أو مصلحة حكومية أو شارع إلا وتجد هذه الشجرة السرطانية لها الكعب المعلى، فأوراقها وبذورها تملأ الأرض التي تحتها، وحتى الحيوانات لا تأكلها، ورائحتها سيئة، وجذورها تمتد عشرات إن لم تكن مئات الأمتار، وعاثت بالشوارع وحطمت الأرصفة والأسوار، بل إن تلك الجذور وصلت إلى خزانات وبيارات المنازل، وسدت (بلاليع) المجاري. وأعرف رجلاً وصلت جذور تلك الشجرة إلى حمامات منزله في الدور الثاني والثالث كذلك عبر المواسير.
ولا يكفي منع زراعتها فقط؛ بل لا بد وبأسرع وقت من القضاء عليها. وأعتقد أن هذه المشكلة – ولا أقول المعضلة – لا تفوت على أمين مدينة جدة، صالح التركي؛ لأنه من طلاب النجاح، في كل مجال ومسؤولية تحملها باقتدار. وللمعلومية، مدينة مثل دبي تمنع زراعة هذه الشجرة، وكأنها تمنع زراعة شجرة القات، وشوارعها تمتلئ بمختلف الأشجار الصديقة للبيئة؛ خصوصاً شجرة «البنسيانا» التي تفتح النفس، لما تتمتع به من جمال أخاذ بأزهارها المتعددة الألوان.
ورحم الله الشاعر حمزة شحاتة، عندما قال متغزلاً في حبيبته وحبيبتي جدة:
النُّهى بين شاطئيك غريقُ
والهوى فيك حالمٌ ما يفيق
إذا سافرت وابتعدت عنها سابقني الشوق والحنين إليها، وإذا عدت إليها شعرت وكأنني عدت إلى حضن أمي التي لا أعرفها، لهذا أنا أحبها. ومع حبي لها أغار عليها وأخاف عليها وأغضب من أجلها وعليها؛ خصوصاً إذا وجدت من بعض القائمين عليها إهمالاً ما، أو جهلاً ما، أو قصر نظر ما.
أعرف تماماً أن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، غير أن هناك كثيراً من الأمور الحسنة يتمناها المرء ويدركها، وهناك كثير من الأمور الخاطئة يستطيع المرء أن يتلافاها أو يصححها. وحسناً ما فعلته أمانه العاصمة المقدسة مكة المكرمة، عندما أوقفت زراعة شجرة «البزروميا»، لما تسببه من أضرار سلبية على البيئة والبنى التحتية.
صحيح أن هذا القرار أتى متأخراً جداً، ولكن أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي أبداً. وللعلم بالشيء، هذه الشجرة (الشيطانية) جُلبت أول مرّة من جنوب أفريقيا، وكانت تزرع هناك من أجل مصدات الرياح في المزارع فقط، وأتت بها أول مرّة مصلحة الطيران، لتجعلها سياجاً حول مطار جدة. وحيث إنها سريعة النمو ودائمة الخضرة، تهافت عليها الناس، والآن قلما يخلو بيت أو مصلحة حكومية أو شارع إلا وتجد هذه الشجرة السرطانية لها الكعب المعلى، فأوراقها وبذورها تملأ الأرض التي تحتها، وحتى الحيوانات لا تأكلها، ورائحتها سيئة، وجذورها تمتد عشرات إن لم تكن مئات الأمتار، وعاثت بالشوارع وحطمت الأرصفة والأسوار، بل إن تلك الجذور وصلت إلى خزانات وبيارات المنازل، وسدت (بلاليع) المجاري. وأعرف رجلاً وصلت جذور تلك الشجرة إلى حمامات منزله في الدور الثاني والثالث كذلك عبر المواسير.
ولا يكفي منع زراعتها فقط؛ بل لا بد وبأسرع وقت من القضاء عليها. وأعتقد أن هذه المشكلة – ولا أقول المعضلة – لا تفوت على أمين مدينة جدة، صالح التركي؛ لأنه من طلاب النجاح، في كل مجال ومسؤولية تحملها باقتدار. وللمعلومية، مدينة مثل دبي تمنع زراعة هذه الشجرة، وكأنها تمنع زراعة شجرة القات، وشوارعها تمتلئ بمختلف الأشجار الصديقة للبيئة؛ خصوصاً شجرة «البنسيانا» التي تفتح النفس، لما تتمتع به من جمال أخاذ بأزهارها المتعددة الألوان.
ورحم الله الشاعر حمزة شحاتة، عندما قال متغزلاً في حبيبته وحبيبتي جدة:
النُّهى بين شاطئيك غريقُ
والهوى فيك حالمٌ ما يفيق
الشرق الأوسط