شرق أوسط
دفعة جديدة من الخارجين من الجيب الأخير لتنظيم داعش في شرق سوريا
ـ قرب الباغوز ـ تخضع دفعة جديدة من الخارجين من آخر جيب لتنظيم داعش في شرق سوريا الثلاثاء إلى عمليات تفتيش وتحقيق من جانب قوات سوريا الديموقراطية التي تنتظر خروج من تبقى من المدنيين لتوجيه ضربتها القاضية للارهابيين المحاصرين.
وفي الأيام الأخيرة، خرج آلاف الرجال والنساء والأطفال بينهم عدد كبير من الأجانب من المنطقة الأخيرة الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش في بلدة الباغوز والتي تقدّر مساحتها بنصف كيلومتر مربع.
وأفادت صحافية في وكالة فرانس برس عن خروج مئات الأشخاص بينهم نساء وأطفال ورجال من آخر جيب يخضع لسيطرة الارهابيين في 11 شاحنة الثلاثاء، في رابع دفعة من نوعها في غضون أسبوع. وكانت 46 شاحنة على الأقل خرجت الاثنين من جيب الارهابيين.
وتقدّر قوات سوريا الديموقراطية المؤلفة من فصائل عربية وكردية أنّ بضعة آلاف من المدنيين هم بشكل أساسي أفراد عائلات مقاتلي التنظيم، لا يزالون داخل الجيب.
وتنتظر قوات سوريا الديموقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن إجلاء آخر المدنيين لشنّ هجومها على الارهابيين المتحصنين في أنفاق ومواقع محددة مزروعة بالألغام، بحسب ما كرّر مسؤولون في هذه القوات خلال الأيام الماضية.
عند نقطة الفرز الواقعة على بعد أكثر من عشرين كيلومتراً شمال بلدة الباغوز، خضع الثلاثاء رجال ونساء وأطفال إلى عمليات تفتيش وتدقيق في هوياتهم لتمييز من يشتبه بأنهم مقاتلون في التنظيم المتطرف.
وشاهدت مراسلة فرانس برس في نقطة الفرز مئات الأشخاص غالبيتهم نساء وبعضهم كان يبحث عن طعام بالإضافة إلى عدد كبير من الأطفال. ووقفت نساء في طابور طويل ليخضعن للتفتيش على أيدي مقاتلات من قوات سوريا الديموقراطية.
وقال بعضهنّ إنه تمّت مصادرة هواتفهنّ النقالة فيما كانت أخريات تنتظر دورهنّ لأخذ خبز وحليب وحفاضات للأطفال من نقطة استحدثها مقاتلو قوات سوريا الديموقراطية.
وصباح الثلاثاء، تم تسجيل وصول 300 مصابا بين الواصلين الجدد غالبيتهم نساء جراء تفجيرات أو عمليات قصف أو انفجارات ألغام. ومن بين الجرحى، فتاة تبلغ 11 عاماً مبتورة الساق وطفل يبلغ ثلاثة أعوام يده مكسورة يرافق والدته الحامل والمصابة أيضاً.
وقالت نساء إنهن تأخرن بالخروج لعدم توفر الأموال لديهنّ للدفع للمهربين. وأضافت إحداهنّ من دون الكشف عن اسمها “كل ما في الداخل جوع”. وكان طفل يبحث عن والدته، فيما غمس اثنان آخران أيديهما في علبة مربى.
وشاهدت مراسلة فرانس برس امرأتان تمشيان وسط الحشود وتسألان متى سيتمّ توزيع الطعام.
مقاتلون أجانب
ومنذ كانون الأول/ديسمبر، خرج نحو خمسين ألف شخص من الجيب الخاضع لسيطرة التنظيم، غالبيتهم نساء وأطفال من عائلات الارهابيين، بينهم أكثر من خمسة آلاف مشتبه بانتمائهم إلى التنظيم، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
واعتقلت قوات سوريا الديموقراطية خلال المعارك التي خاضتها ضد التنظيم المتطرف، المئات من المقاتلين الأجانب غير السوريين والعراقيين من جنسيات عدة أبرزها البريطانية والفرنسية والألمانية. وطالبت هذه القوات الدول المعنية باستعادة مواطنيها.
ويتمّ نقل النساء والأطفال إلى مخيم الهول شمالاً بينما يُرسل الرجال المشتبه بانتمائهم للتنظيم المتطرف إلى مراكز اعتقال.
ويثقل تدفق المزيد من الأشخاص كاهل الإدارة الذاتية الكردية ومنظمات الإغاثة.
وأعلن مصدر حكومي عراقي الاثنين أن العراق تسلّم 14 مقاتلاً ارهابياً فرنسياً من قوات سوريا الديموقراطية. وقال الرئيس العراقي برهم صالح الاثنين من باريس أن العراق سيحاكم الارهابيين الفرنسيين الذين يتم تسليمهم للسلطات العراقية بعد اعتقالهم في سوريا. وقد حكم العراق سابقاً على مئات المقاتلين الأجانب بالإعدام أو بالسجن المؤبد.
“يجب عدم إعلان النصر”
ومُني التنظيم الذي أعلن في العام 2014 إقامة “الخلافة الاسلامية” على مساحات واسعة سيطر عليها في سوريا والعراق المجاور تقدر بمساحة بريطانيا، بخسائر ميدانية كبرى خلال العامين الأخيرين بعد سنوات أثار فيها الرعب بقواعده المتشددة، وأصدر مناهجه الدراسية وعملته الخاصة وجنى الضرائب من المواطنين.
وبات التنظيم في الوقت الراهن محاصراً في نصف كيلومتر مربع داخل بلدة الباغوز في ريف دير الزور الشرقي حيث تشن قوات سوريا الديموقراطية هجوماً ضده منذ أيلول/سبتمبر. ولا يزال ينتشر في البادية السورية المترامية المساحة، بينما تنفذ “خلايا نائمة” تابعة له هجمات دامية في المناطق التي تم طرده منها.
وحذّر الجيش الأمريكي في تقرير من أن التنظيم قد يكون قادراً خلال ستة أشهر أو عام على أن “يعود من جديد” و”يستعيد مناطق محدودة”، في حال توقف عملية مكافحة الإرهاب.
على جبهة أخرى في سوريا، قُتل عشرون عنصراً من قوات النظام السوري والمسلحين الموالين لها خلال ثلاثة أيام في هجمات نفذتها هيئة تحرير الشام ومجموعة حراس الدين بالقرب من “المنطقة العازلة” التي تم الاتفاق عليها برعاية روسية في شمال غرب سوريا، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الثلاثاء.
ويُعدّ هذا التصعيد الذي ترافق مع قصف كثيف للنظام وأسفر أيضا عن مقتل عدد من الارهابيين ونزوح المئات من السكان في محافظة إدلب والمناطق المحاذية، بين أسوأ الهجمات في المنطقة منذ توقيع روسيا وتركيا في أيلول/سبتمبر اتّفاقاً ينصّ على إقامة منطقة منزوعة السلاح على أطراف إدلب.
وقال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة الإقليمي للأزمة السورية ديفيد سوانسون من عمان لوكالة فرانس برس الثلاثاء إن “الأمم المتحدة لا تزال تشعر بقلق عميق حيال سلامة وحماية آلاف الأشخاص الذين نزحوا من خان شيخون عقب تصعيد الأعمال العدائية في المنطقة”، مشيرا الى أن عددهم بلغ 7033 شخصا بينهم نساء وأطفال ورجال في الفترة الممتدة من الأول حتى 21 شباط/فبراير. (أ ف ب)