السلايدر الرئيسيشرق أوسط
اقتصاد غزة في حالة انهيار وشح السيولة يعرض الخدمات الاساسية للخطر
فادي أبو سعدى
- المعونات الأجنية هبطت هبوطًا مطردًا ولم يعد بالامكان تعويض التدهور الاقتصادي
– رام الله – وجه البنك الدولي تحذيرًا من تردي الاوضاع الاقتصادية في فلسطين وأن الأمر بات مثيرا للقلق، مع دخول قطاع غزة مرحلة الانهيار الاقتصادي، فيما تتعرض الخدمات الاساسية المقدمة للسكان الى الخطر في ظل شح السيولة، وسيقدم التقرير الى لجنة الارتباط الخاصة بالمساعدات الانسانية للشعب الفلسطيني المقرر في نيويورك، ويُسلِّط الضوء على التحديات الخطيرة التي يواجهها الاقتصاد الفلسطيني، ويُحدِّد الاحتياجات في الفترة القادمة.
وقال التقرير “إن الوضع الاقتصادي في قطاع غزة آخذ في الانهيار تحت وطأة حصار مستمر منذ عشر سنوات، وشح السيولة في الفترة الأخيرة، وذلك على نحو لم تعد معه تدفقات المعونة كافية لحفز النمو”، واضاف “كل هذا اسفر عن وضع مثير للقلق، حيث يعاني شخص من كل اثنين من الفقر، ويصل معدل البطالة بين سكان قطاع غزة الذين يغلب عليهم الشباب إلى أكثر من 70%.”
وعلقت مارينا ويس المديرة والممثلة المقيمة للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة، على التقرير بقولها “لقد تكالبت عوامل الحرب والعزلة والصراعات الداخلية، تاركةً اقتصاد غزة في حالة من الشلل تفاقمت معها المحن الإنسانية. إنه وضع يعاني فيه الناس الأمرين لتلبية متطلبات الحياة الأساسية، ويكابدون أحوال الفقر المتفاقمة، واشتداد البطالة، وتدهور الخدمات العامة مثل الرعاية الصحية والمياه والصرف الصحي، وضعٌ يتطلب حلولا عاجلة وحقيقية ومستدامة”.
واشار التقرير إلى أن الاقتصاد في غزة “في حالة انهيار شديد، إذ بلغ معدل النمو سالب 6% في الربع الأول لعام 2018، والمؤشرات تنبئ بمزيد من التدهور منذ ذلك الحين”. ومع أن الحصار الذي مضى عليه عشرة أعوام هو المشكلة الرئيسية، ثمة مجموعة من العوامل أثَّرت في الآونة الأخيرة على الوضع في غزة، منها التقليص التدريجي لبرنامج معونات الحكومة الأميركية الذي يتراوح بين 50 مليون و60 مليون دولار سنويا، وتخفيضات لبرامج وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، ومع أن الوضع في الضفة الغربية ليس بهذا القدر من السوء في الوقت الحالي، فإن النمو الذي كان يحركه الاستهلاك في الماضي آخذ في التداعي، ومن المتوقع أن يتباطأ النشاط الاقتصادي بشدة في الفترة المقبلة.
ويرى البنك الدولي في تقريره انه “لم يعد ممكنا الآن التعويض عن التدهور الاقتصادي في غزة والضفة الغربية بالمعونات الأجنبية التي هبطت هبوطاً مطرداً، ولا بنشاط القطاع الخاص الذي لا يزال يواجه عراقيل بسبب القيود على الحركة، والحصول على المواد الأساسية، والتجارة، علاوةً على ذلك، فإن تدهور أوضاع المالية العامة لا يدع للسلطة الفلسطينية مجالاً يذكر لمد يد العون، ومع انخفاض التمويل الذي يُقدِّمه المانحون، وعجز عام كامل في الموازنة قدره 1.24 مليار دولار من المتوقع أن تبلغ الفجوة التمويلية 600 مليون دولار، وفي ظل هذه الظروف، ثمة احتمال للتعرض لخسارة كبيرة من جراء التشريع الإسرائيلي الذي صدر في الآونة الأخيرة ويقضي بحجب إيرادات المقاصة (الضرائب وضريبة القيمة المضافة التي تحصلها إسرائيل لحساب السلطة الفلسطينية) التي تقدر بنحو 350 مليون دولار سنوياً”.
وقالت ويس “الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في غزة آخذة في التدهور منذ أكثر من عشرة أعوام، لكنها تدهورت بشدة في الأشهر الأخيرة، ووصلت إلى نقطة حرجة، ويغذي تزايد مشاعر الإحباط وخيبة الأمل التوترات المتزايدة التي بدأت تتسع رقعتها بالفعل وتتحوَّل إلى اضطرابات، وتعرقل التنمية البشرية لشريحة الشباب الكبيرة في القطاع”.
واعتبر البنك الدولي “إن رأس المال البشري الفلسطيني، الذي يغلب عليه الشباب ويتمتع بحظ وافر نسبيا من التعليم، يمكن أن يكون مصدرا لإمكانات هائلة، ومن شأن تجديد التأكيد على أهمية خلق الوظائف أن يؤتي ثماره بدرجة كبيرة من حيث التنمية الاقتصادية. لقد حان الوقت الآن لكافة الأطراف المعنية أن توحد صفوفها وتعمل معا على تهيئة بيئة مناسبة تتيح الفرص لهؤلاء الشباب”.
وفي السياق أكد سفير السعودية في الأمم المتحدة في جنيف عبد العزيز الواصل، أن المملكة العربية السعودية أخذت على عاتقها دعم جميع القضايا العربية والإسلامية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني يحتاج من المجتمع الدولي أن يترجم التضامن معه إلى واقع ملموس حتى ينعم بالأمن والحرية والسلام.
وقال الواصل في كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان حول الأوضاع في فلسطين، “إن موقف المملكة تجاه القضية الفلسطينية من الثوابت الرئيسية في سياسة المملكة، وأن المملكة تدعم القضية الفلسطينية وتساندها في جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك من منطلق إيمانها الصادق أن ما تقوم به من جهود تجاه القضية الفلسطينية إنما هو واجب تمليه عليها عقيدتها الإسلامية وضميرها الإنساني تجاه قضية عادلة وشعب يعاني منذ عقود من انتهاك حقوقه واغتصاب أراضيه”.
وأعاد التأكيد، على أهمية البند السابع في أعمال مجلس حقوق الإنسان، وهو البند الخاص بالأوضاع فلسطين بوصفه بنداً أساسياً في أعمال المجلس، وأن وجوده مرتبط باستمرار الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والأراضي العربية المحتلة الأخرى، مشيراً إلى أنه منذ عام 1967م لم يكن احتلال إسرائيل لهذه الأراضي احتلالاً مؤقتاً، بل يأتي في سياق استراتيجية استيطانية تهدف إلى الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية والموارد الطبيعية قدر الإمكان والتي زادت وتيرتها خلال الخمس سنوات الأخيرة، وهذا يعني بالنسبة للشعب الفلسطيني استمرار الظلم والقهر والسيطرة اليومية على معظم شؤونه ومقدراته، في انتهاك خطير للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.
ودعا السفير الواصل، المجتمع الدولي إلى مناصرة القضية الفلسطينية والضغط على إسرائيل بالانسحاب الكامل من كافة الأراضي العربية المحتلة عام 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القـدس الشريف، طبقاً لمبادرة السلام العربية وقـرارات الشــرعية الدولية ذات الصـلة، معرباً عن دعم المملكة الكامل لكافة المبادرات والجهود الدولية التي تهدف لإنقاذ عملية السلام ودعم حل الدولتين.
وأكدت السعودية، أن الحصار الذي تفرضه إسرائيل على الشعب الفلسطيني هو بمثابة عقاب جماعي بحق هذا الشعب، مما أثر على حقوقه اليومية في جميع نواحي الحياة كالصحة، والتعليم، وغيرها، مطالبة جميع الدول والمنظمات بالضغط على إسرائيل من أجل رفع الحصار فوراً وإنهاء الاحتلال.