أقلام يورابيا

قراءة فيما يدور بالجزائر والاردن والسودان

فادي عيد

فادي عيد

عندما تتأخر ردة فعل السلطة الحاكمة تجاه مطالب الجماهير، يتحول حينها الصدام الذى كان فى الداخل مقتصرا على طرفين (النظام والمعارضة) فقط، الى صراع بين الداخل (النظام والمعارضة) ضد اطراف خارجية.

برغم أن الجزائر والسودان والاردن حظهم قد يكون افضل من دول ربيع 2011 بحكم عدم وجود ادارة باراك اوباما، وبما أن لم يعد للغرب الاهتمام تجاه المنطقة الذى كان عليه فى عام 2011م، أو بالادق تغير نظرة الغرب فى التعامل مع ملفات المنطقة عن نظرته فى 2011، لكن هذا لم يبعدهم عن دائرة الخطر والاستهداف.

ففي الجزائر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة هو ليس الحاكم الفعلي للجزائر بحكم ظروفه الصحية، ويظل سعيد الشقيق الاصغر هو من يدير الامر داخل قصر المرادية على غرار سياسيات احمد عز وجمال مبارك فى مصر قبل 2011، وكانت البداية لما وصلنا له الان بالجزائر بعد الاطاحة بالعقل الاستراتيجي الحقيقي للدولة الجزائرية مدير استخبارتها الاسبق الجنرال محمد مدين أو الجنرال توفيق كما يلقب (من جلس على عرش رئاسة الاستخبارات الجزائرية DRS لما يقرب من ربع قرن) بعد ان فجر لهم مدين قضية فساد سوناطراك الشهيرة.

فما نشاهده فى الشارع الجزائري الان هو نتيجه لما شاهده قصر المرادية من فساد لسنوات طويلة، وهو أمر متوقع، ولكن أن امتد الرئيس الجزائري أو بالادق من حوله فى تعنتهم، قد نرى عواقب وخيمة، ومشاهد قد تكون أشد سواد من العشرية السوداء لا قدر الله.

ولا تنسوا ان لمن يشكل خريطة صفقة القرن ثأر قديم جديد مع الدولة الجزائرية، قديم يعلمه الجميع عبر تاريخ الجزائر العروبي المشرف الداعم لاشقائها العرب فى كافة المواجهات مع الاحتلال الصهيوني، والجديد هو علاقة الجزائر بدول محور المقاومة، ولا يخفى على احد ان الطائرة العسكرية الجزائرية التى سقطت بفعل فاعل قرب قاعدة بوفاريك ابريل الماضي وراح ضاحيتها 257 شخص، هي كانت تحمل عناصر من حزب الله اللبناني وليس جنود جزائريين.

فالجزائر هي الدولة العربية الوحيدة التى تدور خارج فلك الصهيوني بما تحمل الكلمة من معنى، بعد استنزاف كلا من العراق ثم سوريا وليبيا فى الحروب.

اما الاردن فقائد ما يسمى بالمعارضة الاردنية مضر زهران والذى يتخذ من تل ابيب مقرا له، انطلق منذ ايام فى جولة خارجية، يخاطب فيها الراي العام والقيادات السياسية فى الدول الغربية صاحبة القرار لاسقاط النظام الاردني من الاساس وليس شخص الملك عبد الله.

فالهاشمي فى موقف هو الاصعب والأسوأ على مدار تاريخه فالمقدسات المسيحية والاسلامية بالقدس التى منها يستمد شرعيته ودوره التاريخي، كل لحظة تنتهك على يد قوات الاحتلال التى تطعنه عبر دعمها لما يسمى بالمعارضة الاردنية، وفى نفس الوقت يتعرض لظروف اقتصادية طاحنة بسبب تجاهل الخليج له، بعد ان فقد دوره كحلقة اتصال بين دول الخليج ودولة الاحتلال، بعد ان صارت كافة الخطوط مفتوحة بين الخليج وتل ابيب.

ولكن ارى ما هو اسوأ يحضر للنشامي، ومن تل ابيب ايضا، فمشروع “صفقة القرن” التى وصفناها فى جملة واحدة وقت ان تم تصدير ذلك المصطلح للاعلام، وهو : “كيان فى الضفة، دولة فى غزة، ابو ديس عاصمة فلسطين”، ستلقي بهمها الاكبر على الاردن عبر اللاجئين الفلسطنيين اكثر من لبنان ومصر (كما هو مخطط فى عقل جاريد كوشنير).

اما الوضع فى السودان فيبدو ان كل ما اقبل عليه عمرو البشير من خطوات لن تغير فى المشهد شيئ، وسيرحل سيرحل، فالشارع السوداني حسم موقفه من البداية وكعادة كل السيناريوهات بالدول العربية، الجماهير اسرع فى ردة فعلها من القيادات، فالثورة هناك كل يوم تتوسع وتتمدد فى كافة ارجاء السودان، ولكن ما قد يميز السودان عن الحالتين السابقتين (الجزائر والاردن) انه وبدرجة كبيرة حسم أمرها فى مؤتمر ميونخ للامن مؤخرا، وعلى من سيتولى الامور بعد رحيل التعيس عمر البشير، بين مجموعة من دول المنطقة كانت حاضرة قياداتها فى ميونخ.

باحث و محلل سياسى بقضايا الشرق الاوسط

[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق