السلايدر الرئيسيتحقيقات
حكومة “إلى العمل” تستعدُّ لحصدِ موسمٍ سياحيٍّ واعدٍ… وأنباءٌ عن مليونِ سعوديٍّ يعتزمون السفر للبنان… وهاشتاغ “قسم لن نسافر تركيا” يتصدر
جمال دملج
ـ بيروت ـ من جمال دملج ـ لم تكد تتردَّد أصداء المواقف الانفعاليّة الأخيرة التي هدَّد فيها وزير الداخليّة التركيّ سليمان صويلو بإلقاء القبض على كلِّ سائحٍ أجنبيٍّ لدى وصوله إلى المطار في حال ورود اسمه ضمن اللوائح والملفّات الخاصّة بهويّة الأشخاص الذين ينتقدون بلاده من خارجها، حتّى سارع الناشطون السعوديّون على منصّات التواصُل الاجتماعيّ إلى إطلاقِ حملةٍ واسعةِ النطاق للاحتجاج على هذا النمط الفجّ من التهديدات، قبل أن يتصدَّر هاشتاغ “قسم لن نسافر تركيا” هذه الحملة على موقع “تويتر” ويحظى بدعمِ مئاتِ الآلاف من المتابِعين، ولا سيّما أنّ فجاجة الوزير صويلو، وهو نائب رئيس “حزب العدالة والتنمية” الحاكم، وصلَت إلى حدِّ الإعلان عن أنّ إجراءاته ستُتَّخذ “لكي لا يتجرّأ أحد على معاداتنا”، بحسب تعبيره، والتلويح بأنّ دوائر الشرطة تعمل على إعداد “أكوامٍ” من الملفّات ضدَّ المنتقِدين بغية اعتقالهم على الفور.
وإذا كان اثنان لا يختلفان على أنّ المثل المأثور القائل “ربَّ صُدفةٍ خيرٌ من ألفِ ميعادٍ” سرعان ما تمَّ إسقاطه على التوقُّعات الخاصّة بحركة السياحة السعوديّة المنتعِشةِ باضطرادٍ منذ قيام المملكة مؤخَّرًا برفع الحظر المفروض قبل قرابةَ التسعِ سنواتٍ على سفر رعاياها إلى لبنان، لاعتباراتٍ أمنيّةٍ، فإنّ “تباشير” هذه الصُدفة التركيّة في الأوساط اللبنانيّة سرعان ما تجلَّت بدورها خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية على خلفيّة المعلومات التي تحدَّثت عن احتمال وصول عدد الزائرين السعوديّين للبنان في غضون الأشهُر المتبقِّية من العام الحاليّ إلى ما يُقارب المليون زائرٍ، الأمر الذي يعني بلغة الأرقام أنّ التقديرات التي كانت قد أشارت في السابق إلى أنّ عدد رعايا المملكة الذين يُتوقَّع قيامهم بزيارة لبنان سيتراوَح بين خمسمئةِ وستّمئةِ ألفِ زائرٍ يُمكن أن تتغيَّر إلى الأفضل في أعقاب التهديد التركيّ الآنف الذكر، وخصوصًا إذا ما أحسَن اللبنانيّون من أهل السياسة والحُكم استثمار هذه الفرصة وتوظيفها بعيدًا عن إرهاصات خلافاتهم ومناكفاتهم الكيديّة التي غالبًا ما ظلَّت تترك بصماتها السلبيّة على دورة الحياة الاقتصاديّة في البلد.
ولكن بصرف النظر عن دلالات وأبعاد الإجراءات التركيّة المرتقَبة في ضوء مواقف الوزير صويلو الأخيرة، فإنّ النتائج الأوّليّة لقرار الرياض بشأن رفع التحذير عن سفر السعوديّين بدأت تظهر بالفعل على دورة الحركة السياحيّة في كلٍّ من العاصمة بيروت ومناطق التزلُّج في الجبال، الأمر يشكِّل في المحصِّلة النهائيّة ثمرةً طيّبةً للجهود التي بذلها السفير السعوديّ في لبنان وليد البخاري منذ أن أبلَغ رئيس الوزراء سعد الحريري وكبار المسؤولين اللبنانيّين بقرار رفع التحذير في أعقاب الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة الشهر الماضي، وذلك كخطوةٍ أُولى لإعادة تنشيط العلاقات الأخويّة بين البلدين.
ووفقًا لما تمَّ تداوله اليوم الاثنين من أرقامٍ وبياناتٍ نقلًا عن مصادرَ في نقابة أصحاب الفنادق، فإنّ نِسب الحجوزات ارتفعَت بُعيد الإعلان عن القرار السعوديّ بأكثر من أربعين في المئة، فضلًا عن زيادة الطلب على الخدمات في المرافق السياحيّة الأخرى، وفي مقدِّمتها شركات تأجير السيّارات، الأمر الذي يُبشِّر بسنةٍ سياحيّةٍ نشطةٍ ومثمرةٍ، ولا سيّما إذا ما أضفنا إلى ما تقدَّم، وفقًا للمصادر نفسها، أنّ السائح السعوديّ يحتلُّ المرتبة الأولى في قائمة الإنفاق السياحيّ، إذ يتراوح معدّل إنفاقه بين ألفيْن وألفيْن وخمسمئةِ دولارٍ أميركيٍّ يوميًّا بينما بالكاد يتجاوز معدّل إنفاق السائح الأجنبيّ المئتيْن وخمسين دولارًا في اليوم… وحسبي أنّ الجانب اللبنانيّ إذا ما أحسَن التصرُّف في إدارة هذا الملفّ الهامّ، وقام بتقديم كافّة التسهيلات اللازمة للزوّار، بما فيها الترتيبات الأمنيّة في المطار، فإنّ ذلك سيؤدّي حتمًا إلى رفع معدّل الناتج الوطنيّ بقرابة الثلاث نقاطٍ على الأقلّ، ولا سيّما أنّ الانعكاسات الإيجابيّة لعودة السياحة في لبنان إلى سابق عهدها لا تنحصر بقطاعيْ الفنادق أو المطاعم وحدهما، وإنّما تطال كلّ القطاعات الأخرى، ممّا سيعطي دفعة للدورة الاقتصاديّة بأكملها في البلد، وهو ما يبذل وزير السياحة في حكومة “إلى العمل” الجديدة أفيديس غيدانيان قصارى جهده من أجل تحقيقه على المدى المنظور… والخير دائمًا في الجهد من وراء القصد.