السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا
السبسي يعلن الطلاق مع “النهضة” بمثل تونسي: لا ترشد من طلقتها على بيت والدها
ـ تونس – خاص ـ وجه الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، في الحوار الذي أجراه مساء الاثنين 24 ايلول/سبتمبر، أكثر من رسالة سياسية إلى مختلف الفاعلين في المشهد السياسي التونسي. أكد أولا على أن الانتخابات الرئاسية القادمة للعام 2019 يجب أن تجرى في موعدها، وشدد ثانيا على أن الأزمة داخل حزب نداء تونس أزمة داخلية يجب أن تحلّ وفق الأطر الحزبية مثل المؤتمر القادم مطلع عام 2019، وأشار ثالثا إلى أن العلاقة بينه وبين حركة النهضة “انقطعت” بطلب من الأخيرة. وكانت الإشارة الأخيرة هي بيت قصيد الحوار.
طرح حوار الرئيس العديد من النقاط الهامة وطرح المشكلات الراهنة في تونس انطلاقا من حدث الفيضانات الأخيرة في محافظة نابل وصولا إلى الانتخابات الرئاسية القادمة للعام 2019 مرورا بتغييرات مقترحة في نص الدستور التونسي الجديد. ويمكن اعتبار علاقته بحركة النهضة وتعليقه عليها من نقطة محورية في اللقاء وهي لا شك الخبر الأكثر إثارة للانتباه وللاهتمام سواء بالنسبة السياسيين الفاعلين ومن بينهم المعارضة وكذلك بالنسبة للرأي العام التونسي والدولي وكذلك بالنسبة للإعلام. فالعملية السياسية التونسية، برمتها، بنيت منذ سنوات على التوافق، والتوافق كان أساسا بين النهضة والنداء، وكان السبسي وراشد الغنوشي يقودان المركب وسط اعتراضات المعترضين من الحزبيْن، فضلا عن بقية الناقدين والمعارضين لتحالف بدا أنه يحمل الكثير من التعسف والإسقاط.
وأعلن الرئيس الباجي قائد السبسي في حواره عن الطلاق بين الطرفين وكعادته بلهجة متهكمة استشهد السبسي بمثل شعبي تونسي مفاده “لا ترشد من طلقتها على بيت والدها” وفحوى ذلك أن الطلاق أو القطيعة بين شخص الرئيس الباجي قائد السبسي وحركة النهضة ممثلة في رئيس الحركة راشد الغنوشي تعتبر نهائية ولا تراجع عنها مؤكدا أن ذلك تم بسعي من الحركة وأنه خلص إلى ذلك بعد لقائه الأخير برئيس الحركة وقد عبر من خلال استحضره للمثل الشعبي أنه لا مجال لتتدخل الحركة في عمله ولا العكس
تصريح السبسي بانقطاع العلاقة بينه وبين النهضة، هو قول مضمر بأن التحالف فشل أو لم يحقق أهدافه، والدليل على ذلك الأزمات المتعددة التي طبعت الواقع السياسي التونسي. كما أن فيه نوعا من الاستشراف مفاده أن لا مستقبل لتحالف بين الحزبين وفق القواعد نفسها. النهضة تدعم بقاء يوسف الشاهد في رئاسة الحكومة لكنها تحاول إثناءه أو منعه من الترشح لرئاسيات 2019، وهي بذلك تحاول هندسة المشهد السياسي وفق رغباتها ومصالحها، لا حسب ما تقتضيه المرحلة التونسية الصعبة.
هذا التركيب النهضاوي للمشهد التونسي هو ما دفع السبسي لإعلان الطلاق السياسي، بصرف النظر عن صدقية أن النهضة طلبت الطلاق من عدمها، خاصة وأن حركة النهضة أكدت في بيانها الصادر اليوم 25 ايلول/سبتمبر 2018، بعد حوار الرئيس التونسي مساء الثلاثاء (بعض المصادر أكدت أن البيان القصير كتب على عجل دقائق بعد بث الحوار) “التزامها بمسار التوافق مع رئيس الجمهورية، وتقديرها لدوره الوطني منذ انطلاق الثورة في إرساء ثقافة التشاور والحوار بين الفرقاء السياسيين في مواجهة خيارات التفرد والإقصاء والمغالبة” وأن “الاختلاف في وجهات النظر حول عدد من القضايا التي تعيشها البلاد وفي مقدمتها الاستقرار الحكومي لا يعني تنكر النهضة للعلاقة المتينة التي تربطنا بفخامة رئيس الجمهورية”.
وبين إشارة الرئيس التونسي إلى إعلان انقطاع العلاقة بينه وبين النهضة، وبين تأكيد الأخيرة على استعدادها لمواصلة مسار التوافق، تتواصل الرسائل الخفية بين الطرفين، وكأن كل طرف يغمز إلى ضرورة تنازل الطرف الآخر عن شروطه ونزوله من عليائه إلى طاولة المفاوضات وفق ما تطلبه الحالة التونسية لا ما تطلبه طموحاته الحزبية.
وأكد الباجي قائد السبسي عديد المرات على أن على يوسف الشاهد رئيس الحكومة الأخذ بنصيحته بعدم الاستقواء بأي طرف سياسي على آخر مؤكدا بأنه فاقد للشرعية وهو ما يجعل ذهابه للبرلمان لنيل ثقته أمر ضروري وملح.
كما حاول الرئيس التبسيط من حدة الصراع بين رئيس الحكومة كشخص رشحه هو للمنصب وبين ابنه كرئيس تنفيذي لحزب نداء تونس الذي أسسه هو. مفيدا بأنه لا يعترض ولا يتمسك عن خروجهما من منصبيهما إذا كان في ذلك الحل الأفضل للبلاد استجابة لمطالب كثيرين في الساحة السياسية التونسية.