السلايدر الرئيسيتحقيقات
الوشم… طقوس وعادات عند أمازيغ المغرب تحمل دلالات الجمال والخصوبة وقصص على أجساد تحكي حقبا من التاريخ
فاطمة الزهراء كريم الله
ـ الرباط ـ من فاطمة الزهراء كريم الله ـ في الماضي كان الوشم بالمغرب يعد شكلًا من أشكال الانتماء إلى روح القبيلة ودلالة على الهوية، فمن النادر أن تجد امرأة من الأجيال السابقة يخلو جسدها من وشم، فالوشم طريقة طقوسية قديمة تمتد لعديد الثقافات والحضارات.
كان الوشم على جسد الفتاة بمثابة دعوة صريحة للزواج، وكان علامة للنضج والخصوبة، كما تقوم النسوة برسم ما تعشنه من أفراح وأحزان على شكل أوشام في مناطق مختلفة من أجسادهن، حيث لكل واحدة منهن قصة وحكاية، تتراوح بين حكايات الألم وقصص الأمل.
وبهذا ظل الوشم عبر العصور برموزه وأشكاله وخطوطه من بين أهم وسائل الزينة على جسد المرأة خاصة الوجه واليدين والرجلين.
وعادة ما ارتبط الوشم بالنظام القيمي أو الثقافي لدى المجتمع الأمازيغي، بتقاليده ومعتقداته وديانته، حيث كان معروفا عل الإنسان الأمازيغي أنه كان يعيش في عالم من الرموز والعلامات والقوانين لها علاقة بانتمائه وهويته الأمازيغية المنتشرة في في بلدان شمال افريقيا.
الوشم عند الأمازيغ… جمال وخصوبة ونضج جنسي
ربط باحثون الوشم فوق جسد المرأة بالخصوبة والنضج الجنسي، حيث كانت لا توشم إلا الفتاة المكتملة جسديا التي أصبحت مؤهلة للزواج، لقدرتها على تحمل أعباء الحياة الزوجية كما تحملت آلام الوخز.
وفي هذا الصدد، يرى الباحث المغربي المهتم بالثقافة الأمازيغية، أحمد عصيد، في اتصال مع صحيفة “” أن “الوشم له دلالة جمالية وحسية، فالوشم على جسد المرأة خاصة الامازيغية قصته قديمة قدم التاريخ لا يمكنكاشفا في الوقت ذاته أن الوشم على جسد المرأة الامازيغية بالإضافة إلى كونه يعد أرشيفا وطنيا وهوية الارض وثقافة الأمة ولغتها منذ فجر التاريخ حتى يومنا هذا، فهو يحمل دلالات الجمال والخصوبة”.
غالبا ما تقع الوشوم، في مختلف مناطق الجسد، منها الجبين، وما بين الحاجبين والخد والذقن والوجه والكتف والذراع، واليد كفا ومعصما والركبة، والقدم، والساقين، و لدى بعض النساء يوجد في أماكن حساسة ومستورة من الجسد كالصدر والثديين والفخذين وتحت السرة وأسفل الظهر.
تعددت الرسوم والعلامات الموشومة على جسد الفتاة الأمازيغية كما غنها ليست عبثية، فوشم علامة (+) يعتبر أشهرها، وتعتبر هذه العلامة حرف تاء في الأبجدية الأمازيغية مستلهم من كلمة “تامطوت” بمعنى امرأة والمقصود به في ثقافة الأمازيغ امرأة كاملة الأنوثة والجمال. كما أن هناك أوشام أخرى لها معنى آخر بالكامل، كالأوشام التي وضعت على الصدر، وعلى الجزء الخلفي من اليد، أو فوق الكاحل تدل على الخصوبة.
دلالات وإيحاءات وقصص على أجساد تحكي حقبا من التاريخ…
عادة ما كان الوشم طقسا من الطقوس العريقة التي ارتبطت ارتباطل وثيقا بالأمازيغ وبنظامهم الثقافي ومعتقداتهم والديانات التي كانوا قد اعتنقوها على مر التاريخ. فلم تنفرد النساء فقط بالوشم، بل الرجال أيضا كانوا يمارسون هذه العادات بوضعه وشوما على مستوى الذقن واليدين كرمز للقوة والشهامة والأناقة.
ويحكى أن مثل هذه الطقوس والعادات، كانت تمارس لأغراض مثل إبطال السحر وإبعاد الأرواح الشريرة، وكذا تجنيبهم البؤس و الفقر.
ولطالما اعتبرت هذه الطقوس، تصورات أسطورية نسجها الأمازيغ إيمانا منهم بوجود قوى عليا تحرك العالم وتحكمه، وكأي شعب سعى الأمازيغ للبحث عن هذه القوى والتقرب منها. متأثرين بالمعتقدات الفينيقية والإغريقية والرومانية. يبقى الوشم على جسد المرأة الامازيغية قصة قديمة قدم التاريخ وله دلالات وشفرات بالغة التعقيد البعض منها تم فكها وفهمها من حسب روايات الجدات وكبار السن من المجتمع الامازيغي. ومنها ما ظل غامضا غامضة كونها رموز وحروف تحكي قصة بدايات ولادة “التيفيناغ” التي تعتبر من أقدم الأبجديات التي عرفتها الإنسانية، و التي يرجع وجودها إلى ثلاثة آلاف سنة قبل ميلاد السيد المسيح.
تقول أمي يامنة (97سنة) الأمازيغية تنحدر من جبال الأطلس الكبير : إن “معظم سيدات في هذه المنطقة كانوا يضعن وسط جبينهن نجمة سداسية”، وأمي يامنة كانت تضعها قبل أن تجري عملية جراحية مؤخرا لإزالتها، وأكدت لصحيفة “” أنها كانت تدل الجمال وكانت قد وضعتها قبل بلوغها بشهور قليلة، تعبيرا على اكتمالها جسديا للزواج”.
وتضيف أمي يامنة بأن “الإبر والكحل وبقايا السخام المحروق من المواد الضرورية للقيام بهذه العملي، بالإضافة إل الماء المملّح وبالأعشاب للتعقيم”.
وتردف قائلة، “كنا نلتف حول الواشمة والفتاة التي ترغبُ في الوشم على الأرض، من أجل تقديم الآراء وبعض النصائح للواشمة في جو من البهجة والمرح والاحتفال بالفتاة لنضوجها وتهييئها للحياة الزوجية”.