العالم

ترامب يتمسك باستراتيجية “كل شيء أو لا شيء” في ملف كوريا الشمالية

ـ واشنطن ـ خالف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال قمته مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون في هانوي الشهر الفائت التوقعات التي كانت سائدة على نطاق واسع بأنه سيكتفي باتفاق موقت حول الملف النووي لنظام بيونغ يانغ، وتمسك باستراتيجيته القائمة على “كل شيء أو لا شيء”.

رغم فشل القمة وأجواء الشك السائدة، يبدو أن الرئيس الأمريكي عازم على الالتزام بالنهج المذكور مراهنا على “الكيمياء” الشخصية مع كيم لإنقاذ الموقف.

والجمعة، أكّد ترامب أن علاقته مع كيم لا تزال “جيدة” بعد أسبوع من فشله في التوصل الى اتفاق ولو جزئي مع الأخير حول تخلي بيونغ يانغ عن ترسانتها النووية مقابل تخفيف العقوبات الدولية.

وقال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأمريكية للصحافيين هذا الأسبوع “لا أحد في الإدارة يدافع عن نهج تدريجي”.

بعبارة أخرى، تريد واشنطن ما وصفه مسؤولو الإدارة بـ “صفقة كبيرة” أو “القضاء الكامل على برنامج أسلحة الدمار الشامل الخاص” بكوريا الشمالية، كما قال مسؤول وزارة الخارجية.

وفي المقابل، ستخفف واشنطن من العقوبات الاقتصادية المؤلمة التي خنقت اقتصاد الدولة الآسيوية المعزولة.

وفي اجتماع استضافه معهد الولايات المتحدة للسلام أخيرا، قال فرانك أوم المستشار السابق للبنتاغون “يبدو أن الإدارة تتبنى الآن بالفعل نهج كل شيء أو لا شيء، … نظام كيم لن يكون سعيدا به”.

وفي الفترة التي سبقت انعقاد القمة بين ترامب وكيم، تجاهلت الإدارة العديد من التلميحات عن استعدادها لاتخاذ نهج تدريجي أكثر في المحادثات.

وقال ترامب مرارا إنّه “لا داعي للاستعجال”، وهو ما أكّده وزير خارجيته مايك بومبيو الذي قال “كنا نعرف دائما أن العملية ستكون طويلة”.

 خلل في الثقة

عندما اقترح كيم تفكيك مجمع يونغبيون النووي مقابل رفع العقوبات الرئيسية، رفض ترامب، ما أسفر عن فشل المفاوضات.

وقال المسؤول الرفيع في وزارة الخارجية الأمريكية “كان من سمات المفاوضات الماضية تبني نهج تدريجي يمتد فترة طويلة. وبصدق تام لقد فشل ذلك في مناسبات سابقة”.

في واشنطن، تم تفسير النهج الجديد على أنه انتصار لمستشار الأمن القومي جون بولتون، أحد الصقور في ملف كوريا الشمالية منذ فترة طويلة، على بومبيو وبيغون.

بالنسبة إلى جيني تاون الباحثة في مركز أبحاث ” 38 نورث” فإن عدم التوصل إلى اتفاق جزئي يعني أننا “فقدنا هذا الزخم” الذي أوجده التقارب العام الماضي.

وقالت تاون “نرى بالفعل أشياء بدأت تتدهور”.

والخميس، أعلن خبراء أمريكيون أن موقعا لاطلاق الصواريخ كانت كوريا الشمالية بدأت تفكيكه في إطار تقاربها مع الولايات المتحدة بات “عملانيا” مجددا بعد أن أعادت بيونغ يانغ أعمال البناء فيه، وذلك استنادا إلى صور جديدة التقطتها أقمار صناعية.

كما ألقت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية باللوم علنا على الولايات المتحدة بسبب فشل القمة.

وقالت تاون في مؤتمر عقد مؤخرا إن نهج “كل شيء أو لا شيء” قد “فشل دائما بسبب وجود لاعبين لا يثقان الواحد بالاخر”.

لطالما نظرت أسرة كيم الحاكمة في كوريا الشمالية إلى الأسلحة النووية كضمان أمني ضد ما تعتبره نوايا الولايات المتحدة العدوانية ضدها.

وقال جوزف يون المبعوث الخاص الأمريكي السابق الى كوريا الشمالية في اجتماع معهد الولايات المتحدة للسلام “ما تحاول هذه الإدارة القيام به هو إظهار عدم وجود نية عدوانية”.

وتابع “لكن هذا أمر صعب إثباته ونحن في شكل ما عالقون في هذه النقطة، ولهذا فإن الكوريين الشماليين يطلبون منا انتهاج سياسة الخطوة خطوة للحصول على أساس أفضل لبناء الثقة”.

 ماذا بعد؟ 

تأمل واشنطن في استئناف المحادثات على مستوى أدنى في أقرب وقت، وكان رد فعلها مدروسا على كشف إعادة بناء موقع اختبار الصواريخ في كوريا الشمالية.

وقال المسؤولون الأمريكيون إن الهدف الرئيسي في الوقت الراهن هو التأكد من أن الكوريين الشماليين لا يستأنفون إجراء التجارب بأي طريقة، بما في ذلك إطلاق المركبات الفضائية.

حتى أن ترامب مستعد لقمة ثالثة، فهو مقتنع، كما هي الحال دوما، بإنّ علاقته الشخصية مع كيم ستحدث فرقا في نهاية المطاف.

ورأى تاون أن وجود ترامب في البيت الابيض يشكل “فرصة” للكوريين الشماليين الذين “يدركون تماما أن هذا رئيس غير تقليدي”، وخصوصا مع إدراكهم أن “ليس لديهم سجل جيد مع الرؤساء التقليديين”. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق