شرق أوسط

اعتصامات في سوريا وتنديد واسع باعتراف واشنطن بسيادة إسرائيل على الجولان

ـ دمشق ـ شهدت عدة مدن سورية الثلاثاء اعتصامات منددة بإعتراف واشنطن بسيادة اسرائيل على هضبة الجولان، تزامناً مع استمرار صدور المزيد من المواقف الشاجبة لهذا القرار المخالف لقوانين الأمم المتحدة.

ووقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاثنين إعلاناً يعترف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية التي احتلتها اسرائيل عام 1967 وضمتها العام 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.

ووصفت الحكومة السورية الإثنين هذا القرار بأنه “اعتداء صارخ على سيادة ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية”.

وبثّ التلفزيون السوري الرسمي مشاهد مباشرة تظهر تجمعات شعبية وإعلامية وحقوقية في دمشق ومدن عدة في حمص (وسط) وحلب (شمال) والسويداء ودرعا والقنيطرة (جنوب) وبلدة عين التينة المطلة على الجولان جنوباً والحسكة (شمال شرق) واللاذقية (غرب) ودير الزور(شرق) وحلب (شمال).

وحمل المعتصمون صوراً للرئيس بشار الأسد ولافتات كتبوا عليها شعارات عدة بينها “الجولان أرض سورية” و”لا تنازل لا استسلام” و”تسقط المؤامرات يسقط ترامب وأذياله الضعفاء”. كما رفعوا الأعلام السورية والفلسطينية.

وقال وزير الإعلام عماد سارة خلال وقفة احتجاجية للإعلاميين في ساحة الأمويين في دمشق “هذا الانحياز الفاضح للولايات المتحدة الى جانب اسرائيل لن يغير من هوية الجولان” مؤكداً أن “الجولان السوري هو سوري الانتماء والهوية”.

ونظم المحامون والقضاة وقفات احتجاجية في المحاكم في مدن عدة أبرزها دمشق واللاذقية وطرطوس. وفي قصر العدل في دمشق، تلا رئيس فرع نقابة المحامين بياناً نقله التلفزيون الرسمي، أكد فيه أن القرار الأمريكي هو “اعتداء فاضح على سيادة سوريا ووحدتها” معتبراً أنّ “الولايات المتحدة هي العدو الأساسي للعرب”.

وفي ساحة عبدالله الجابري في مدينة حلب، تجمع المئات من المعتصمين. وقال محمد شعبان لفرانس برس “نحن هنا لندين قرارات ترامب” مضيفاً “الجولان عربي سوري شاء من شاء وأبى من أبى”.

في مدينة حماة (وسط)، قرر مجلس فرع نقابة المحامين وقف المرافعات أمام المحاكم لمدة ساعة واحدة تنديداً بإعلان ترامب، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الرسمية “سانا”.

“أرض محتلة”

أثار اعتراف ترامب عدة ردود فعل منددة حيث حذّرت روسيا، حليفة النظام السوري، الإثنين من “موجة توترات جديدة” في الشرق الأوسط بعد اعتراف واشنطن بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان.

من جهته اتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني الثلاثاء نظيره الأمريكي باتباع نهج “استعماري”.

وأعلنت السعودية، التي تدعم المعارضة السورية والحليف الأساسي للولايات المتحدة في المنطقة، الثلاثاء “رفضها التام واستنكارها” مؤكدة أن الجولان “أرض عربية سورية محتلة”، وفق بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية (واس).

كما اعتبرت الإمارات أن الخطوة ” تقوض فرص التوصل إلى سلام شامل وعادل في المنطقة”، مؤكدة على “عدم إمكانية تحقيق الاستقرار والسلام طالما تواصل إسرائيل احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية”.

ودانت قطر والكويت والبحرين القرار الأمريكي.

من جهته، أكد الرئيس اللبناني ميشال عون خلال لقائه الثلاثاء مع رئيس مجلس الدوما الروسي فياتشيسلاف فولودين في موسكو أن قرار ترامب ” يوم أسود يشهده العالم، وعمل تعسفي يناقض الشرعية الدولية التي ترعى الحدود بين الدول”.

ودانت وزارة الخارجية الفلسطينية القرار الأمريكي الثلاثاء، معتبرة إياه “تمادياً في انقلاب الإدارة الامريكية على مواقف وسياسة الإدارات السابقة، وعدواناً صريحاً على الحقوق العربية، وانتهاكا صارخاً للشرعية الدولية وقراراتها”.

وكان ترامب اعترف العام الماضي بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتمّ نقل السفارة الإسرائيلية من تل أبيب الى القدس، في إجراء رفض الإقدام عليه الرؤساء الأمريكيون السابقون، وأثار تنديدا عربيا واسعا. وقد توتر العلاقات الفلسطينية الأمريكية منذ ذلك الوقت.

ورفض الأردن الاثنين قرار ترامب، وأكد أنه “لا يغير حقيقة أن الجولان المحتل أرض سورية”.

وأكد وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم الثلاثاء على حسابه على “تويتر”، أن الجولان المحتل “أرضا سورية أصيلة، لا بدّ من إرجاعها للسيادة السورية كاملة وحسب قرارات مجلس الأمن، ونرفض ضمها الى الكيان الصهيوني تحت أي مبرر”.

ودان الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط الاثنين “بأشد العبارات” الاعتراف الأمريكي معتبرا انه “باطل شكلا وموضوعا”.

وكانت تركيا وصفت الاثنين اعتراف الرئيس الأمريكي بأنه “هدية انتخابية” لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو.

في المقابل، وصف نتانياهو الاعتراف الأمريكي بـ”التاريخي”، وقال إن مرتفعات الجولان ستظل إلى الأبد تحت السيطرة الإسرائيلية، مضيفا “لن نتخلى عنها أبدا”.

ويعد الجولان منطقة استراتيجية لكلا البلدين كونها غنية بالمياه وتطل على الجليل وبحيرة طبريا من الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل.

وقالت بريطانيا وفرنسا، حليفتا واشنطن، إنهما ستواصلان اعتبار مرتفعات الجولان “محتلة من قبل إسرائيل” فيما حذر خبراء من تبعات اعتراف واشنطن أحاديا بوضع نتج عن غزو عسكري.

 مشاورات اممية

وأعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك الاثنين أن الوضع القانوني للجولان “لم يتغير” بعد قرار الرئيس الأمريكي.

ويجري مجلس الأمن الدولي الأربعاء مشاورات مقررة منذ مدة حول قوة الأمم المتحدة المنتشرة في مرتفعات الجولان.

والثلاثاء، من المتوقع أن يتيح الاجتماع العلني الشهري للمجلس حول الشرق الأوسط للدول الاعضاء مناقشة القرار الأمريكي.

ويبلغ عديد “قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك” حوالى ألف رجل من قوات حفظ السلام بكلفة سنوية تبلغ نحو 60 مليون دولار. وهذه القوة مكلفة منذ عام 1974 مراقبة منطقة عازلة منزوعة السلاح في مرتفعات الجولان.

في الأمم المتحدة، يحظى القرار الذي يجدد ولاية هذه القوة سنويا بخصوصية فريدة في عمليات السلام، وهي صياغته بشكل مشترك من قبل واشنطن وموسكو. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق