شرق أوسط
استشهاد فلسطيني في غزة تزامنا مع إحياء ذكرى “مسيرات العودة” على حدود اسرائيل
ـ غزة ـ بدأ آلاف الفلسطينيين بالتجمع عند السياج الحدودي بين غزة وإسرائيل حيث استشهد فلسطيني السبت بنيران القوات الإسرائيلية تزامنا مع إحياء الذكرى السنوية الأولى لانطلاق “مسيرات العودة” في اختبار لوقف إطلاق النار الهش بين الجانبين.
وفي هذه الأثناء، زار وفد أمني مصري مخيم العودة شرق مدينة غزة وتفقد الأوضاع قبل مغادرته المكان، بحسب ما أفاد مراسل فرانس برس الذي شاهد كذلك رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية لدى وصوله إلى المخيم الواقع في منطقة ملكة شرق غزة.
وسعت مصر للتوسط بين إسرائيل وحماس التي تدير قطاع غزة لمنع اندلاع أعمال عنف جديدة لكن يبدو أن التحذيرات بالابتعاد عن السياج الحدودي لم تجد آذانا صاغية لدى البعض.
وشوهد عشرات الفلسطينيين وهم يقتربون من السياج الحدودي رغم هطول الأمطار بحلول منتصف اليوم شرق مدينة غزة قبل أن يتراجعوا لدى إطلاق القوات الإسرائيلية الغاز المسيل للدموع.وقام المتظاهرون بإلقاء الحجارة وحرق الإطارات.
وأكد المتظاهر يوسف زيادة (21 عاما) الذي لوّن وجهه بألوان العلم الفلسطيني لوكالة فرانس برس شرق جباليا “سنتحرك نحو الحدود حتى لو متنا. لن نغادر سنعود إلى أرضنا”.
وأفاد الجيش الإسرائيلي حوالي الساعة 13,00 بالتوقيت المحلي (10,00 ت غ) “هناك نحو 5500 من مثيري الشغب تجمعوا في عدة مواقع على طول السياج”.
وأضاف أن “بعضهم يلقي الحجارة ويضرم النيران في الإطارات”، مشيرا إلى أن الجنود يردون “باستخدام وسائل مواجهة أعمال الشغب”.
وفي ساعة مبكرة من صباح السبت، قتل الفلسطيني محمد جهاد سعد (20 عاما) جراء “إصابته بشظايا بالرأس من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي شرق غزة” وفق بيان لوزارة الصحة في القطاع.
وقال شاهد عيان لوكالة فرانس برس إن سعد كان مع حوالي ثلاثين آخرين، يتكئ على عكازين إثر إصابته برصاص الجيش في وقت سابق، واقترب حوالي مئتي متر من الحدود عندما أطلق الجنود النار عليه وأصابوه.
ولم يعلّق الجيش الإسرائيلي على الحادثة لكنه أفاد في وقت متأخر الجمعة أن متفجرات ألقيت على السياج الحدودي “طوال الليل”.
وأضاف أن دبابة “قصفت نقطة عسكرية تابعة لحماس في قطاع غزة” ردا على ذلك.
من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية التابعة لحماس إياد البزم في تصريح صحفي إن الوزارة “تنشر 8000 عنصر من كافة الأجهزة الأمنية (…) والخدماتية في محافظات قطاع غزة” في إطار دعمها لإحياء فعاليات “مليونية الأرض والعودة”.
وتتزامن الاحتجاجات مع إعلان مسؤولين من الفصائل الفلسطينية التوصل الى تفاهمات جديدة مع اسرائيل عبر الوساطة المصرية للمحافظة على الهدوء عند السياج الحدودي الفاصل بين قطاع غزة واسرائيل.
تعزيزات
وحشد الجيش الإسرائيلي عشرات المدرعات على طول الحدود، ووضع عشرات القناصة على أهبة الاستعداد، وفق مراسل وكالة فرانس برس الذي شاهد المدفعية والدبابات شرق غزة.
ويتزامن ذلك مع “يوم الأرض” الذي يتم إحياؤه سنويا في 30 آذار/مارس في ذكرى مقتل ستة عرب إسرائيليين على أيدي القوات الاسرائيلية خلال تظاهرات خرجت عام 1976 احتجاجا على مصادرة أراض. ودعت هيئة “مسيرات العودة” الى إضراب شامل السبت.
وبلغت المواجهات ذروتها في 14 أيار/مايو العام الماضي بالتزامن مع نقل الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس، فاستشهد يومها 62 فلسطينيا على الأقل برصاص الجيش إسرائيلي وأصيب المئات بجروح.
ويطالب الفلسطينيون برفع الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ أكثر من عقد، وبحق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم أو غادروا لدى قيام دولة إسرائيل في 1948.
وتأتي المسيرات قبل أسبوعين من موعد الانتخابات الإسرائيلية، وبعد أيام قليلة من اندلاع مواجهة عسكرية جديدة بين إسرائيل وحماس في تصعيد أثار مخاوف من وقوع حرب رابعة بين الطرفين.
وينظم الفلسطينيون في القطاع المحاصر احتجاجات في كل أسبوع تشمل إحراق الإطارات وإلقاء الحجارة وإطلاق البالونات المحملة بمواد حارقة أو متفجرة وحتى محاولة البعض اقتحام السياج الحدودي مع اسرائيل.
ومنذ 30 مارس/آذار 2018 ، استشهد ما لا يقل عن 259 فلسطينياً بنيران القوات إسرائيلية، غالبيتهم عند الحدود فيما قتل جنديان إسرائيليان.
وتبرر إسرائيل عمليات إطلاق النار بأنها دفاع عن حدودها ليس إلا. ويتهمها الفلسطينيون ومنظمات حقوق الإنسان بالإفراط في استخدام القوة.
مفاوضات
وأصاب صاروخ أطلق من غزة يوم الاثنين منزلا شمال عاصمة اسرائيل التجارية تل أبيب ما أسفر عن إصابة سبعة إسرائيليين بجروح. ورداً على ذلك، شن الجيش الإسرائيلي عشرات الغارات الجوية على مواقع حماس قبل أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار بوساطة مصرية.
وفي وقت مبكر من صباح الجمعة قال مسؤول فلسطيني شارك في اللقاءات مع الوفد المصري التي انتهت فجرا لفرانس برس “أبلغنا الوفد الأمني المصري أن الاحتلال وعد بتخفيف إجراءاته ووافق على وقف إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين”.
وأشار إلى “موافقة الفصائل على فرض الهدوء في القطاع، وإبعاد المشاركين بمسيرة العودة المليونية مسافة 300 متر عن السياج الفاصل ووقف إطلاق البالونات الحارقة والمتفجرة”.
وقال هنية في بيان أن حماس مستعدة “لكل السيناريوهات”.
وكان نتانياهو وجه إنذارات عدة باحتمال لجوء إسرائيل الى التصعيد، رغم أن محللين يعتبرون أنه سيكون حذرا في اللجوء الى عملية عسكرية واسعة قبل الانتخابات.
وقال نتانياهو الخميس إن إسرائيل مستعدة لحملة عسكرية واسعة في غزة لكن فقط “بعد استنفاذ كافة الخيارات الأخرى”.
وأضاف “إذا تمّ الدفع باسرائيل لشن حملة واسعة، ستقوم بذلك من موقع قوة”.
من جهته، أشار المحلل المختص في الشؤون الإسرائيلية الفلسطينية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية هيو لوفات إلى أن حماس تحاول استغلال التظاهرات لانتزاع تنازلات من إسرائيل.
وقال “يبدو أن حماس تعتقد أن اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية ورغبة نتانياهو في المحافظة على الهدوء في غزة، منحاها ورقة ضغط إضافية”.
لكنه أشار إلى أن “هذه قد تكون استراتيجية تحمل مخاطر” بالنظر إلى التعزيزات العسكرية الإسرائيلية عند الحدود مع القطاع. (أ ف ب)