السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا
البابا فرانسيس يختتم زيارته للمغرب بقداس ضخم ويقول لمسيحي المملكة: لا تبشروا
فاطمة الزهراء كريم الله
– الرباط – من فاطمة الزهراء كريم الله ـ اختتم البابا الفاتيكان فرانسيس زيارته للمغرب أمس الأحد، بقداس ضخم بدأ في كاتدرائية القديس بطرس في الرباط، التي طليت جدران الكنيسة بالأبيض احتفاء بمقدمه، وأحاط بها طوق أمني مشدد. في جو من التصفيقات والتهليل، وكلّلته بإكليل ورد، ورافق دخولَه واعتلاءه مذبَحَ الكاتدرائية صلاة “نادانا الإله جميعا”. وتعالت لدقائق أصوات صلاة جمعت القساوسة والعاملين والعاملات بكنائس المملكة، ومطرانَي الرباط وطنجة، والمهاجرين المسيحيين المستقرين بالمغرب، أنشدت: “نحن جسد المسيح، وكلنا أجزاء من جسده، كل واحد فينا يتلقى نعمة الروح، من أجل خير الجسد بأكمله”.
وعبّر البابا فرانسيس عن فرحه الشديد بلقاء الحاضرين بكاتدرائية الرباط، وقال : إن “المسيح لم يختبر المسيحيين ليكونوا الأكثر عددا، بل ليكونوا حاضرين ويكون حكمه حاضرا، في مهمة “جاء بنا لأجلها إلى المجتمع. مضيفا كلمته التي وجَّهها إلى المسيحيين الحاضرين في كاتدرائية الرباط إن مهمة المسيحيين ليست محددة بمساحة المكان الذي هم فيه أو بعددهم، بل في مجموعة من الأمور، من بينها طريقة عيشهم”.
خطاب مسيحي وصلاة وإنشاد جماعي…
أقام البابا بعد ذلك “صلاة التبشير الملائكي”، كما التقى أطفالا مغاربة كانوا يحملون لوحة حول السلام وصافحهم واحدا واحدا، بعدما كان في طريق مغادرته القاعة التي ضجّت بالتصفيق والتهليل مجدّدا.
وفي كلمة له، قال جون بيير، عميد الكهنة: إن “بعض الآباء موجودون بالمغرب منذ 50 سنة، وإن الجسم المسيحي القاطن بالمغرب قدم من كل القارات، ويعيش تعدّدا، مشيدا بـ”حسن الاستقبال الذي لقوه في هذه الأرض. مذكرا بأن العائلة الفرنسيسكانية ختمت قرنها الثامن بالمغرب، واستحضر أعمال جمعية “كاريتاس” التي تستقبل المهاجرين، وتزور السجناء، وتكوِّن وتدرّس في المدارس الأوليّة والابتدائية”.
بعد ذلك، ترأَّس البابا فرانسيس، قداسا احتفاليا بمركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط، وبعد إلقائه عظة حضرها آلاف المشاركين من مختلف الجنسيات الأوروبية والإفريقية والأمريكية والآسيوية. وسط جوقة منشدين يرددون أناشيد مسيحية، وسط جمهور من جنسيات متعدّدة وتمثيليات رسمية.
وعرف القداس الاحتفالي، على مدار ساعتين، الذي حضره كل من ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، وعبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، وأحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، وسيرج بيرديغو، أمين عام مجلس الطوائف اليهودية بالمغرب، ويوسف إسرائيل، حاخام المغرب الأكبر، وأحمد يسّف، الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، بالإشافة إلى حضور 10 آلاف مسيحي، غالبيتهم من الأجانب يمثلون نحو 60 دولة.صلاة من أجل العائلة الملكية وكل الحكومات، بلغات متعددة، تدعو بإنارة طريقهم للعمل في سبيل البلد، وقيادتهم في الطريق الخالص إلى الهداية والحب، والحوار، والصلاة من أجل الفقراء والمشرّدين، لتبديد الحزن وفتح درب الرجاء مجددا أمام الجميع؛ وهو ما أعقبه توزيع لـ”سرّ التناول”.
كما شهد القداس، تأملات تمّت في صمت، وصلاة جماعية، وإنشادا جماعيا رافق الأناشيد الدينية لجوقة تتكوّن من مئات المنشدين والمنشدات من القارة الإفريقية.
في هذا الصدد، شكر كريستوبال لوبيز روميرو، رئيس أساقفة الرباط، البابا على زيارته التي قال إنها “تؤكد إيماننا ومهمتنا فوق أرض المغرب”، وهي الزيارة التي أتاحت للبابا رؤية جماعة مسيحية تريد العيش بالإنجيل.
وأكد رئيس أساقفة الرباط، أن ما يريده مسيحيو المغرب هو “أن يكونوا جسرا بين المسلمين والمسيحيين، والشمال والجنوب، وأوروبا وإفريقيا، وأن يبنوا جسورا، لا حيطانا وحواجز وحدودا”.
في خطابه الختامي، حذر البابا فرنسيس، مسيحيي المغرب من “القيام بأية أنشطة تبشيرية”. وقال البابا متوجهاً إلى الحاضرين في هذه الكاتدرائية: إن “دروب الرسالة لا تمر من خلال أنشطة التبشير التي تقود دوما إلى طريق مسدود”.
ليؤكد: “رجاء لا تبشير”، قائلا : “رسالتنا كمعمدين وكهنة ومكرسين لا يحددها بشكل خاص العدد أو المساحة التي نشغلها، وإنما القدرة على خلق التغيير والدهشة والتعاطف”.
هذا وجاءت دعوة البابا هاته، في وقت بات يعرف فيه المغرب ما يسمى بظاهرة “التبشير”، إذ بدأت منذ 2017، أقلية من المغاربة من معتنقي المسيحية تطالب علناً بـ”الاعتراف القانوني” بها.
ودعت “تنسيقية المسيحيين المغاربة”، وهي جمعية غير معترف بها رسمياً، السلطات إلى ضمان “الحريات الأساسية التي ما يزالون محرومين منها”، واغتنام زيارة البابا للحوار حول حرية الضمير والدين لجميع المغاربة.