السلايدر الرئيسيتحقيقات
البطالة تبدد أحلام خريجي غزة وتدفعهم للعمل بمهن شاقة
– غزة – تعد البطالة من أكثر المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها سكان قطاع غزة، وخاصة فئة الشباب رغم أن غالبيتهم يحملون شهادات جامعية تتنوع بين الدبلوم المتوسط والبكالوريوس والماجستير، ويبلغ عدد الخريجين سنوياً من جامعات قطاع غزة ما يقارب 30 ألف طالب وطالبة، ينضمون إلى صفوف البطالة نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي، وندرة فرص العمل.
ويلجاً المئات من الخريجين في قطاع غزة إلى العمل بمهن تختلف عن تخصصاتهم الجامعية؛ فمنهم من يعمل بالأسواق والمحال التجارية، وبيع المشروبات الباردة والساخنة على عربات متنقلة، وأخرين اتخذوا من المهن الشاقة مصدر دخل لهم، لتحدٍ البطالة لتوفير قوت يومهم، ومساعدة عائلاتهم.
وتجاوزت معدلات البطالة في قطاع غزة 49%؛ في حين وصلت معدلات البطالة بين الخريجين خلال عام 2017 إلى 72% بحسب مركز الإحصاء الفلسطيني.
محاولات فاشلة
بدأ أمجد مقداد ( 26 عاماً) فور تخرجه من جامعة الأزهر تخصص”ميكروبيولوجي”، بالبحث عن فرصة عمل في المختبرات والدوائر الحكومية، ومؤسسات المجتمع المدني؛ ولكن كافة محاولاته باءت بالفشل، فتطوع بإحدى المؤسسات الطبية لأكثر من عام بدون مقابل لاكتساب خبرة عملية.
فلم يستطيع الخريج الجامعي الاستمرار بالعمل دون مقابل، فاضطر إلى البحث عن عمل أخر بعيداً عن تخصصه الجامعي “ميكروبيولوجي” وهو “علم الأحياء الدقيقة”، والتخلى عن حلمه الذي انتظر أن يحققه طيلة الأربع سنوات التي قضاها بالجامعة، فعمل في مجالات عدة منها البناء، وببيع الخضروات وأخيراً عمل على عربة متحركة لبيع الشاي والقهوة.
مهنة مختلفة
“ميكروبيولوجي” هو الاسم الذي أطلقه على عربته، فرغم تخليه عن حلمه ولجوءه إلى العمل بمهنة تختلف عن مجال دراسته؛ إلا أن ابتسامته لا تغادر محياه، وهو يجر عربته ليذكر المارة من حوله بأنه “لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة”
وقال في حديثه لـ” “: ” قررت افتتاح هذا المشروع الصغير ليكون مصدر رزق لي بعد انسداد كافة الأفق أمامي، والهدف من تسميته بهذا الاسم، الإشارة إلى اسم الكلية التي تخرجت منها، ليعلم الجميع معاناة الخريجين، وأننا لا نستطيع العمل في مجال دراستنا، ونلجأ إلى العمل في مجالات أخرى بعيدة عن تخصصاتنا الجامعية”.
مصاعب الحياة
لم يجد الشاب محمد أبو مهادي(27 عاماً)، باباً إلا وطرقه للبحث، عن فرصة عمل بعد تخرجه من كلية الهندسة بالجامعة الإسلامية، دون الحصول على فرصة عمل تتناسب مع تخصصه الذي اجتهد ودرس للعمل في نفس المجال، فحاول البحث عن مهنة أخرى لتوفير مصروفه اليومي، والتغلب على مصاعب الحياة، فعمل في بيع الملابس على مفترقات الطرق وفي الأماكن العامة.
قال في حديثه لمراسل ” “: ” ظروفي الاقتصادية جعلتني أفكر بالعمل في أي مهنة كانت لتوفير قوت يومي ومساعدة عائلتي، فقررت التغلب على البطالة بالعمل بمهنة بيع الملابس، التي لم أتوقع أن أعمل بها يوماً من الأيام؛ ولكن الظروف كان أقوي مني”.
أردف قائلاً،”قبل تخرجي من الجامعة كنت أظن أني سوف أجد الوظيفة بانتظاري فور حصولي على الشهادة، وكنت أحلم أصبح مهندساً مدنياً؛ ولكن تبين لي أنه لا يوجد متسعاً لتحقيق الأحلام والأمنيات، في هذه المدينة المحاصرة”.
دخل بسيط
وبين الشاب أبو مهادي أنه دخله من بيع الملابس لا يتجاوز الـ (30 شيقلاً ) يومياً، أي ما يعادل (9 دولار أمريكي)، وهذا المبلغ يعتاش منه هو وأسرته المكونة من سبعة أفراد، لافتاً إلى أن هذا الدخل المادي البسيط أفضل من لا شيء.
وليس بعيدا عن حالة مقداد وأبو مهادي عمل خريج كلية التجارة عبد الرحمن سرور في مهنة الحدادة على مدار خمس سنوات حتى أصبح من أمهر الحدادين، يوفر قوت يومه دون الحاجة إلى أحد.
مهنة شاقة
وبعد أن يئس سرور البالغ من العمر (30 عاماً)، من كثرة التقدم بطلبات للتوظيف، قرر العمل في أي مجال بعيداً عن تخصصه الجامعي، فعمل في هذه المهنة الشاقة، معتبراً حاله أفضل من جيش الخريجين العاطلين عن العمل، دون أمل في الحصول على فرصة عمل في أي مجال كان.
وأكد ماهر الطباع مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية الفلسطينية أن ارتفاع معدلات البطالة بين أوساط الخريجين في قطاع غزة، يعود إلى عدم وجود وظائف في القطاع الحكومي نتيجة للانقسام الداخلي بين حركتى فتح وحماس، وانخفاض الإنتاجية بالقطاع الخاص بفعل الأزمات الاقتصادية”
وقال الطباع في تصريح لـ”” يشهد قطاع غزة ركوداً اقتصاديا غير مسبوق، وذلك بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض منذ أكثر من اثنى عشر عاماً، والخصومات على رواتب موظفي السلطة، وموظفي حكومة حماس، وقد يصل مستوى العمل لدى الشباب إلى أدنى المستويات، و في حال استمرت الأوضاع الاقتصادية على هذا الحال، يجب أن تكون هناك جهة حكومية رسمية، لمساندة هذه الفئة وكافة شرائح المجتمع.”
ولفت، إلى ازدياد أعداد الخريجين العاطلين عن العمل في قطاع غزة، دفع الشباب إلى الهجرة خارج القطاع، وهذا ينذر بكارثة كبيرة حيث أن غزة فقدت طاقات شبابية، مشدداً على ضرورة العمل لإنهاء الانقسام الفلسطيني للنهوض بالواقع الفلسطيني، وإنقاذ واقع الشباب والخريجين الذي يتدهور شيئاً فشيء.