السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا
المغرب: استمرار الجدل وردود الفعل بسبب العرض الفني الذي جمع بين الأذان مع ترانيم مسيحية ويهودية أمام العاهل المغربي وبابا الفاتيكان
فاطمة الزهراء كريم الله
– الرباط – من فاطمة الزهراء كريم الله ـ لا زالت ردود الفعل متواصل بسبب الجدل المثار حول العرض الفني الذي تم تقديمه أمام الملك محمد السادس والبابا فرانسيس، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب جمعه بين كلمات الأذان وترانيم مسيحية ويهودية، خلال حفل أقيم بمعهد تكوين الأئمة والمرشدين، بمناسبة زيارة البابا إلى المغرب التي اختتمت الأحد الماضي.
ففي الوقت الذي عبر فيه بعض المدونين عن إعجابهم بالعرض حيث اعتبروه “مزيجا فنيا غير المسبوق بين ترانيم مسيحية وابتهالات إسلامية، في حدث سلط أضواء العالم على التجربة المغربية في مجال التعايش الديني”. واعتبروه “نموذجا للتعايش والحوار بين الأديان، بعيدا عن التعصب والأفكار المتطرفة المنتشرة في العديد من البلدان”. عبر أخرون عن امتعاضهم من “خلط الأذان مع ترانيم مسيحية”.
وكان أهم المنتقدين، محمد الكتاني الذي قال: “اللهم إنا نبرأ إليك من رفع الأذان وكلمة التوحيد مع الموسيقى وسط ترانيم النصارى وتبرّج النساء”، و”ليت أمهاتنا لم تلدنا حتى نرى شعار التوحيد يُعبَث به أمام الدعاة والمرشدين”.
وإلى جانب ذلك أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين اعتبر فيه مزج الأذان بالترانيم والأناشيد الكَنَسيَّة “تلفيقا وأمرا مرفوضا لا يليق بعقيدة التوحيد”. فيما أصدرت “رابطة العلماء المسلمين” بيانا وصفت الأمر بـ”التلفيق بين الأذان وشعائر الكفر”.
وردا على المنتقدين كتب الناشط الصحفي، انس رضوان على صفحته، وقال : “رجوعاً لجدل مزج بعض الجمل الواردة في الآذان، بترانيم مسيحية وأخرى يهودية، مع خلفية موسيقية.. شخصيا (وأنا لست بفقيها أو مفتيا)، أستغرب لهذاً الجدل الكبير (دون الحديث عن السخط لدى البعض من استقبال شخصية دينية مسيحية، مع العلم أن أكثر البلدان التي يمارس فيها المسلمون حريتهم الدينية هي الدول الأوروبية – المسيحية)…مراراً تردد نفس العبارات مرفوقة بخلفيات موسيقية (دف، ناي، كمان..) من طرف منشدين مسلمين للأناشيد الدينية مثلا فرقة الإخوة أبو شعر للإنشاد، وحتى فرق مغربية، ولم يحرك أحد ساكنا، ولم ينتقد، مع العلم أنه في الحالتين معاً تردد نفس العبارات، دون جمل النداء للصلاة..”.
مسألة أخرى للأسف، يضيف أنس رضوان” كُثر ممن انتقدوا تلك اللوحة الفنية، لم يُشاهدوها أصلاً، أو شاهدوا جزءاً بسيطا منها..”.
فيما قال ناشط آخر :” عجب أن ينزعج البعض من ذكر الله على صيغة الآذان الذي هو ليس كلام الله في لوحة روحية تجسد قيم و مقاصد عقيدة المسلمين خاصة و هي التآخي و التعايش و الحوار.. كما لو تمت دعشنة عقول هؤلاء البعض الذين يتظاهرون بالغيرة على الدين.. جهل و غلو! المغرب كان وسيبقى أرض التسامح و التلاقي و السلم”.
في سياق الجدل الدائر، خرج السلفي المغربي السابق، والباحث في الاسلاميات، محمد عبد الوهاب الرفيقي، بتدوينة له يقول فيها: ” هذه الأصوات التي تولول وتصيح وتستنكر ما تضمنته اللوحة الإبداعية الجميلة التي قدمت أمام الملك محمد السادس والبابا فرانسيس، بحجة تعارض ما فيها مع عقائد المسلمين، ولأن الأذان لا يمكن أداؤه بطريقة غنائية أو خلطه بما هو فني، هؤلاء ينطلقون في كل ذلك برأيي من أصلين أساسيين، الأول، :عقدة التفوق، واعتقاد بطلان كل العقائد سوى ما يؤمنون به، وجزمهم بأن من لم يكن على عقيدتهم فهو من أصحاب النار خالدا مخلدا فيها أبدا، ولا يخفى ما في ذلك من عنصرية استنكرها القرآن على أهل الكتاب أنفسهم: ” وقالت اليهود ليست النصارى على شيء، وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب” ثم قال: “كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم”، كما استنكر على أهل الكتاب اعتقادهم أفضليتهم على غيرهم: ” وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق”، وكل هذه الآيات نصوص موجهة للمسلمين ختى لا يقعوا فيما وقع فيه من قبلهم” .
والثاني يضيف الرفيقي، “عداؤهم التاريخي للفن، فكيف تريد ممن يعتبر مجرد سماع معزوفات موسيقية دون كلمات منكرا ولهوا من الحديث، ويستحق سامعها صب الرصاص في أذنه يوم القيامة، أن يستسيغ سماع كلمات مقدسة تؤدى بألحان موسيقية، كيف وهو يرى الفن رجسا ودنسا أن يقبل بخلطه بالمقدس؟ كيف تريد ممن لا يعرف للفن قيمة ولا دورا في الحياة ولا علاقته التاريخية بالأديان أن يوافق على ترنيم جزء من الأذان؟ علما أنه لا يدري أن ما يسميه بعلم ” تجويد القرآن” ليس إلا ترنيما للقرأن وتوظيفا للمقامات الغنائية التي لم يعرفها المسلمون في قرونهم الأولى؟”.
ويسترسل محمد عبد الوهاب الرفيقي، تدوينته، بالقول”طبيعي، أن يكون رد الفعل بهذه الانفعالية والصخب، وإن كان الغريب المضحك أن هؤلاء أنفسهم من يتحدث عن التسامح ، وهم أنفسهم من هللوا لحضور النيوزيلنديين مراسيم صلاة الجمعة، فالتسامح برأيهم هو تسامح الآخر معهم لا تسامحهم مع غيرهم. ثم بعد كل هذا يقال من أين أتت داعش، ومن أين لها بهذه الأفكار المتطرفة، وأنها مؤامرة على الإسلام والمسلمين”.