أقلام يورابيا

قراءة فى معركة تحرير طرابلس

فادي عيد

* فادي عيد

فى بيان حاسم أعلن المتحدث بأسم القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية اللواء احمد المسماري اطلاق عملية تحرير طرابلس، كي يعلن بداية معركة هي الاهم على الصعيدين السياسي والعسكري.
معركة طال أنتظارها وصبر عليها الليبيين الشرفاء كثيرا جدا، ولكن جائت اللحظة، فكيف جأئت تلك اللحظة الحاسمة، وما وراء كواليس ذلك المشخد التاريخي، فلكم قرأئتنا التحليلية.
اولا ما لا يعرفه الكثيرين ان الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة بلقاسم حفتر، عمل على تطويق طرابلس منذ اسابيع، فكل يوم كان يقترب منها الى أن عمل على تطويقها، وبداية تحرير طرابلس كانت مع اطلاق الجيش الليبي عملية تحرير الجنوب بمنتصف يناير الماضي، والتى حققت فيها الرجمة (مقر القيادة العامة للجيش الليبي) مكاسب سياسية على الصعيد الدولي أكثر من المكاسب العسكرية بالميدان، بعد أن اعلنت كافة قبائل الجنوب تضامنها مع الجيش الليبي ضد الارهابيين والمرتزقة.
ومنا هنا قدمت المؤسسة العسكرية الليبية نفسها للخارج كلاعب سياسي بارع يجيد حل أعقد الامور بالخطاب بعد ان دخل الجيش العديد من المناطق بالجنوب دون اطلاق رصاصة واحدة، وكعسكري نظامي منضبط يستطيع فرض الحسم العسكري عند الضرورة والوقت فى أي معركة مسلحة، وهو الامر الذى تفتقده كل الكيانات العسكرية بطرابلس، والتى هي بالاساس مليشياوية لا جيوش نظامية.
وهى النقطة التى أجبرت دول وانظمة غربية كانت ترى فى بقاء العصابات فى الحكم على طرابلس ومن ثم ليبيا ضمان لاستمرار مصالحها فى ليبيا، ولكن الامور أثبتت العكس بعد ان تحولت طرابلس وما حولها الى أكبر مورد للمهاجرين الغير شرعيين لدول جنوب اوروبا.
وفى خطاب المسماري نستشف بوضوح على عدم اعتراض المبعوث الاممي غسان سلامة لما يقوم به الجيش الوطني الليبي، وهذا غير مفاجئ فنحن نتذكر كيف تغير تعامل الامريكي فى الملف الليبي مع حضور السفيرة الامريكية ستيفاني ويليامز كي تفرض حضور بلادها بجوار الحضور الفرنسي والايطالي فى ليبيا، ومن ثم توجيه غسان سلامة نفسه.
كذلك كان ضروريا فى ذلك التوقيت فى ظل ما يحدث بالجزائر الملاصقة لحدود ليبيا الغربية اطلاق عملية تطهير الغرب الليبي، استباقا لأي سيناريو قد يحدث بالجزائر مستقبلا فى ظل ما تشهده بلد المليون شهيد من حرب تكسير عظام فى الكواليس سواء بين اجنحة الداخل (رجال اعمال، جنرالات سابقين وحاليين، معارضة، اسلاميين)، أو الصراع الذى يتطور كل يوم بين المستمعرين القدامى ودول اقليمية.
ولا ننسى أن ليبيا تمثل تحدي هام لثلاثي العربي “مصر، الامارات، السعودية”، فهي حلبة مبارزة شرسة بين ذلك الثلاثي من جانب وقطر وتركيا من جانب أخر.
ولذلك بالاسبوع الماضي جاء لقاء الملك سلمان والامير محمد بن سلمان مع المشير خليفة حفتر فى قصر اليمامة بالرياض، بالتزامن مع لقاء الرئيس السيسي والشيخ محمد بن زايد فى الاسكندرية، وهي الزيارة الى شملت جولة لقاعدة محمد نجيب العسكرية الواقعة بالقرب من الحدود الليبية.
فشمال افريقيا يفرض نفسه على جدول اولويات الثلاثي العربي، بحكم ما يحدث فى ليبيا والجزائر من تطورات، وبحكم ان الامر فى الشام بات مقتصر على معادلة لا احد يستطيع تغييرها او تعديلها الا برضا الكبار فقط (الامريكي والروسي) وكل من سيحاول السير عكس تلك المعادلة سواء كان الايراني او التركي سيدفع الثمن غالي جدا.
ولا يفوتنا ان الامور فى شمال افريقيا لن تتوقف عند ليبيا والجزائر فقط، بل ستمتد لموريتانيا ايضا التى تستعد لاجراء انتخابات فى يونيو القادم قد تكون هى الاكثر سخونة فى ظل ما اقدم عليه قادة التحالف الانتخابي للمعارضة الموريتاني من تشكيك فى مصداقية الانتخابات الرئاسية المقررة في يونيو القادم، بعد انتقادهم الناري للجنة المستقلة للانتخابات، كي ننتظر صراع بين ثلاثي “المعارضة، الاسلاميون، مرشح المؤسسة العسكرية ولد الغزاوني”.
أخيرا وليس أخرا أوجه سؤالاً للمدعو فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني أو بالادق حكومة الصخيرات.
الم تشكو دوما يا رئيس حكومة الوفاق من ان طرابلس مختطفة من قبل العصابات والمليشيات الاهرابية واللصوص؟
اذا لماذا اعلنت النفير العام ضد الجيش الوطني الليبي الذى سيحرر طرابلس من تلك العصابات والمليشيات؟!
الا وان كنت انت نفسك جزء من تلك العصابات.
عموما طرابلس حان وقتها يا حكومة الفرقاطة، ولا عزاء لكم غير فى نفس سرادق عزاء حزب العدالة والتنمية التركي، وبتاكيد ستتكفل الدوحة بمصاريف العزاء الذى لن يحضره احد سوى ما تبقى من قيادات التنظيمات الارهابية بسوريا والتى تم شحنها ونقلها سريعا فى الساعات القليلة الماضية من سوريا الى ليبيا لانقاذ ما يمكن انقاذه من نفوذ الدول الراعية للارهاب بالاقليم.

باحث ومحلل سياسي بشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق