ـ الجزائر ـ من نهال دويب ـ “الصدمة” في الجزائر … هذا ما يمكن اقتباسه من كلام الجزائريين الذي تردد خلال الساعات الماضية في ساحاتها وشوارعها التي شهدت أمس الثلاثاء حراك غير مسبوق بعد تولي عبد القادر بن صالح مقاليد الحكم في البلاد بعد تقديم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة استقالته رسميا بتاريخ 2 أبريل/نيسان الماضي.
النصر الذي حققه الحراك الشعبي في الجزائر لم يكتمل، ويبدو أن معركة الجزائريين لم تحسم بعد، فتحركات الأوضاع تجري عكس التيار بعدما أعلن نواب البرلمان بغرفتيه رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح رئيسا انتقالية للبلاد لمدة 90 يوما، وراحوا كعادتهم يهللون ويصفقون ضاربين عرض الحائط مطالب الحراك الثائر الذي يرفض بن صالح رئيسا في جلسة شهدت توترا ملحوظا كادت تخرج الأمور عن السيطرة إثر رفض عدد من النواب حضور الجلسة احتجاجاً على ترأس بن صالح الجلسة.
ويتخوف جزائريون كثيرا بعد لجوء قوات الشرطة الجزائرية لإطلاق القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه لتفريق مظاهرات حاشدة نظمها الطلبة وناشطون ومتظاهرون وسط العاصمة الجزائرية، رفضاً لتولي رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح رئاسة الدولة، من انزلاق المسيرات والمظاهرات الشعبية التي لم تتوقف منذ 22 فبراير/شباط الماضي.
واحتشد عمال مختلف القطاعات وآلاف الطلاب، صبيحة اليوم الأربعاء، أمام ساحة البريد المركزي التي تحولت إلى إحدى قلاع الشعب الجزائري لإسقاط نظام بوتفليقة، وامتدت المظاهرات إلى الشوارع المحيطة بها على غرار نهج باستور وساحة موريس أودان وساحة أولى ماي، وبسبب السيول البشرية التي تدفقت على هذه الساحات استخدمت مصالح الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفرقتهم ويعتبر هذا الأسلوب الأمني الجديد مغايرا تماما لذلك الذي انتهجته القوات الأمنية الجزائرية خلال الأسابيع الستة منذ بداية الحراك حيث فسحت المجال أمام المتظاهرين للوصول إلى ساحات العاصمة الجزائرية، وحمل المتظاهرون شعارات ويافطات بيضاء كتب عليها ” سنسير سنسير حتى يحدث التغيير ” و ” جيش شعب خاوة خاوة “.
وحذرت قوى سياسية معارضة ونشطاء في الحراك “الثائر” وحقوقيون من “الثورة الشعبية المضادة”، وقال الحقوقي مقران آيت العربي إن “الثورة المضادة دخلت مرحلتها العملية ضد الشعب”، وكتب في صفحته الرسمية على فيسبوك، أنه بوصول بن صالح إلى قصر المرادية، وبقاء نور الدين بدوي في قصر الحكومة، والطيب بلعيز على رأس المجلس الدستوري، تدخل الثورة المضادة لإرادة الشعب مرحلتها العملية، واعتبر أن تنظيم الاستحقاق الرئاسي تحت قيادة مهندسي التزوير والفساد، وفي ظرف 90 يوما سيؤدي لا محالة إلى بقاء النظام لمدة جيل على الأقل، وختم موقفه قائلا “لا لسرقة الثورة الشعبية، كما حدث في العام 1962، ولا لتحويل السيادة الشعبية من طريق التدليس، ولا لنظام الفساد”.
وكان أكثر شيء خيب آمال الجزائريين، التصريح المقتضب الذي أدلى به قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح من منطقة وهران، وقال إن ” الجيش الجزائري سيقوم بضمان اطمئنان الشعب على حاضره ومستقبله، وأن المؤسسة العسكرية ستبقى منسجمة مع الحق الشرعي للعشب، دون إشارته إلى تعيين عبد القادر بن صالح رئيسا للدولة الجزائرية الذي يعتبر من ابرز الشخصيات المرفوضة شعبيا.
وبرر متتبعون للمشهد السياسي في البلاد الصمت الذي يلتزمه قائد أركان الجيش برفض التدخل في الشأن السياسي للبلاد، ويقول في الموضوع القيادي في حركة مجتمع السلم الجزائرية (أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد) سعيدي عبد الرحمان في تصريح لـ”” إن المؤسسة العسكرية في البلاد لا تريد أن تتحرك أو تتصرف خارج الإطار الدستور تفاديا لتعرضه لانتقادات حادة ويصبح “انقلابي” في مفهوم بعض عواصم القرار.
وهو نفس الموقف الذي عبر عنه القيادي في حركة النهضة الجزائرية، يوسف خبابة في تصريح لـ “” قائلا “لا يريد قائد الأركان ان يظهر كرئيس الأوركسترا، تفاديا لاتهام الجيش بالانقلاب خاصة من قبل جهات خارجية تبحث عن ذرائع الحشر نفسها في الشأن الجزائري”، ودعا المتحدث إلى مواصلة الضغط لدفع بن صالح إلى الاستقالة.