لا أريد أن أستبق الأحداث فيما يجري في السودان منذ صباح الخميس الموافق 11 / 4 / 2019 ، لكني اتخوف من سوابق حدثت في بعض الدول العربية ان تتكرر في السودان والجزائر .
ان الاعتقالات او التحفظات التي تمت على بعض رؤوس الحزب الحاكم في السودان وأتباعه لا تبعث على الطمأنة ، أو”ان وراء الاكمة ما وراءها”، تقول المعلومات الواردة من السودان ان الجيش اقتحم مقر الحركة الاسلامية الداعمة او القريبة من الحزب الحاكم وهذا مؤشر سلبي .
يقول السودانيون ان اي اسم من الاسماء التي سأذكرها ادناه كان له يد او منصب قيادي في الحكومة الانتقالية سيكون مثبطا للآمال اذكر منهم مع حفظ الالقاب (عوض بن عوف النائب الاول للبشير ووزير الدفاع ، صلاح قوش رئيس جهاز الامن والمخابرات، حميدتي قائد قوات التدخل السريع او كمال عبد المعروف رئيس هيئة اركان القوات المسلحة) .
هذه الاسماء يستوحش منها الشعب السوداني واذا اتوا في مجلس الحكم الانتقالي كلهم او بعضهم فإن الحال السوداني يحتاج الى اعادة توصيف واكثر الظن انه ” انقلاب عسكري ” يشبه الانقلاب العسكري الذي تم على حسني مبارك في مصر من قبل القوات المسلحة واتت بالمجلس العسكري الانتقالي الذي مهد وامتص نقمة الشعب المصري بانتخابات اتت بقيادة مدنية تمثلت في حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي في حركة الاخوان المسلمين في مصر ومن ثم تم الانقلاب عليها قبل ان يكتمل عامها الاول .
الحراك الجاري في عالمنا العربي مخيف ، مصر تعيش تحت حكم عسكري جبار والبطش بالشعب المصري تحت شعار محاربة الارهاب والإرهابيين لم يتوقف بل في تصاعد ، هيمنة العسكر على كل شيء بما في ذلك عوامل الانتاج الاقتصادي بكل انواعها والفقر يعصر غالبية الشعب المصري ، والبطالة ترتفع معدلاتها في كل يوم ، والفساد يعشش في كل مفاصل الدولة وبعلمها .والدبلوماسية المصرية فقدت هيبتها في محيطها العربي والدولي .
اذا نظرت الى ليبيا وما يجري على صعيدها فلا بد من اعادة النظر في دور مصر ودول الثورة المضادة ،حركة الجنرال المتقاعد خليفة حفتر وحملته العسكرية على العاصمة طرابلس الغرب لم تكن تلقائية، جاءت بعد زيارات حفتر لبعض دول الامداد والتموين ووفود الى مصر .دول الثورة المضادة هالها ما حدث في الجزائر وسبب لها الرعب نتيجة للانجاز الجماهيري في الجزائر الذي تكلل باسقاط رأس النظام الرئيس عبد العزيز بو تفليقة فكان لا بد من اشغال ذلك الانجاز الجماهيري بحدث يجذب اهتمام العالم في خاصرة النظام الجديد في الجزائر ليكمل الجيش مهمته فكانت تحركات مليشيات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر نحو العاصمة طرابلس .
وأخشى ان ينقلب الانجاز في الجزائر الى فشل ذريع ويعبث العابثون ” فرانكفونيون ونفطيون من الخليج العربي ” بأمن وسلامة واستقلال وحياة الجزائر وشعبها العظيم ، عندي ثقة عالية بوعي الشعب الجزائري وجيشه ، لكن التصرف الذي حدث في اليومين الماضيين من قوى الامن الجزائرية باستخدام خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع ضد المتظاهرين المطالبين بإعادة تفسير المادة 102 من الدستور والتي مؤداها “في حال شغور منصب رئيس الجمهورية يحل محله رئي البرلمان” وهذا في الحالات الطبيعية .
في الجزائر شغور منصب رئيس الجمهورية جاء بموجب مطالب شعب الى جانب عجزه طبيا لإكمال مهمته، وهنا اساتذة القانون الدستوري في الجزائر هم الاقدر على تكييف هذه المادة طبقا لصالح الشعب .
الجزائريون الذين يطالبون بسقوط النظام بكامل اركانه ، وهنا في تقدير الكاتب تدخل الجيش مطلوب لحل هذه المعضلة (معضلة ان يكون الرئيس الانتقالي هو رئيس البرلمان رغما عن ارادة الشعب) والمخرج الاتيان برجل مدني توافقي يقوم بهذه المهمة دون ابطاء .
وكما نقرأ ونلاحظ ونقارن لن يقبل الشعب الجزائري بغير تغيير المؤسسة المدنية التي كانت تسوس البلاد .لا نريد ولا نتمنى ان ينزلق جيش الشعب الجزائري العظيم في التجربة (السيسية) في مصر فإنها ستجر البلاد الى كارثة لا يعلم نتائجها إلا الله.
قبل ان أنتهي من كتابة مقالي هذا وبعد ترقب من فجر يوم الامس الخميس الباكر للبيان الذي اعلن الجيش السوداني انه بصدد اعلانه ، صدر البيان المنتظر بعد طول انتظار وتابعت تعليقات قادة الرأي السودانيين على ذلك البيان وكلهم يجمعون على انه ” مخيب لتطلعات السودانيين ” جاء في البيان حل جميع مؤسسات الدولة وتولي مجلس عسكري حكم البلاد لعامين تمهيدا لوضع دستور جديد ” على اثر ذلك جرى تعطيل العمل بالدستور الحالي وإعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة اشهر . والحق ان هذه الاجراءات مارسها الجيش المصري سابقا مما ادى الى خراب مصر .
فهل يعقل ان يعيش السودان فترة قلق قادمة في ظل حكم الطوارئ ولمدة عامين تحت حكم مجلس عسكري امني انتقالي بعد كل هذه التضحيات؟!.
آخر القول :
شريط مخيف يطوق الوطن العربي غربا يقوده العسكر من مصر مرورا بالسودان وعبر ليبيا وصولا الى الجزائر، وخشيتي تزداد على استقرار تونس.
اللهم إنك المستعان فأعنا وارحمنا من العابثين بالمال العربي وهيمنة العسكر علينا ، اللهم لا تسلط علينا من لا يخافك ولا يرحمنا.
[email protected]
الشرق القطرية