ـ موسكو ـ من على الخطايبة ـ أنهت فيونا هيل، المُساعدة الخاصة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشؤون المتعلقة بروسيا وأوروبا زيارتها إلى موسكو الأربعاء الفائت والتي لم يُعلن عنها رسمياً إلا بعد عودة المسؤولة الأمريكية إلى بلادها، وأصبح من المعلوم الآن أن هيل أجرت مباحثات مع مساعد الرئيس الروسي لشؤون السياسة الخارجية يوري أوشاكوف ومسؤولين كبار في وزارة الخارجية الروسية، وأن الزيارة استغرقت يومين.
وفي اليوم التالي من مغادرة هيل موسكو أعلن الكرملين رسميا عن عقد قمة بين الرئيس فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في مدينة فلاديفستوك الروسية بنهاية أبريل الجاري، والتي من المحتمل خلالها مناقشة وقف بيونغ يانغ لتجارب الصواريخ النووية مقابل الرفع التدريجي للعقوبات.
أما جدول أعمال المحادثات فقد كان واسعا وشمل الوضع في الشرق الأوسط مع التركيز على الأوضاع في سوريا والقضية الفلسطينية، وملف نزع السلاح النووي في كوريا الشمالية، والأزمة الفنزويلية.
واستنادا لمصادر في الكرملين، أفادت وسائل إعلام روسية بأن محور مباحثات هيل وأوشاكوف كان الترتيب لعقد قمة بين بوتين وترامب بحيث تتم بعد قمة بوتين وزعيم كوريا الشمالية في مدينة فلاديفستوك، واللقاء الذي سيجمع بوتين بنظيره الصيني على هامش منتدى ” حزام واحد، طريق واحد” المزمع عقده في بكين يومي 26- 27 الشهر الجاري.
وإذا ما صدقت التوقعات بأن الكرملين والبيت الأبيض توافقا على رفع جزئي للعقوبات المفروضة على بيونغ يانغ من قبل مجلس الأمن الدولي مقابل إيقاف كوريا الشمالية تجاربها النووية والصاروخية، فإن هذا الأمر يعتبر تقدم ملحوظ في ملف العقوبات الأممية ضد كوريا الشمالية.
كما يعتبر مؤشر إيجابي باتجاه رفع واشنطن التدريجي للعقوبات التي بدأت بفرضها بحق روسيا منذ 2014 على خلفية الأزمة الأوكرانية وضم روسيا لشبه جزيرة القرم، وبداية لحقبة جديدة في علاقات واشنطن وموسكو تتسم بانفراج نسبي بعد ما وصلت إليه من تأزم.
ولا يبدو أن التحضير للقاء قمة محتمل بين الرئيسن الروسي والأمريكي بالأمر السهل بالنسبة للمسؤولة الأمريكية، كما أن الحديث عن النجاح في إمكانية عقده لا يزال مبكرا بسبب استمرار الهيستيريا بين الأوساط السياسية الأمريكية حول فرضية ” تواطئ ترمب مع الكرملين”، وأي اتصال بين ترمب وبوتين يفسر على أساس هذه الفرضية.
ملفات شائكة وثقيلة هي التي فتحتها هيل مع المسؤولين الروس في وقت وصلت فيه العلاقات بين البلدين إلى أسوأ مراحلها، حتى أن بعض المخضرمين من الساسة الروس يصفون هذه المرحلة من العلاقات بأنها أسوأ بكثير مما كانت عليه في حقبة الحرب الباردة.
وبطبيعة الحال لن تسفر زيارة هيل عن نتائج سحرية في إعادة العلاقات بين واشنطن وموسكو إلى سابق عهدها قبل 2008 على الأقل، لكنها في الوقت ذاته تشير إلى أن واشنطن بدأت بتغيير سياستها تجاه موسكو، وربما أن إدارة ترمب قد أيقنت أن التصعيد مع الكرملين غير مفيد ولن يفضي إلا لتعقيد الملفات الدولية المختلف عليها.
من هي فيونا هيل؟
أصولها من انجلترا وهي إبنة لأبوين من الطبقة العاملة، والدها كان يعمل في المناجم ووالدتها ممرضة، وهي تتقن اللغة الروسية وتتحاور بها مع المسؤولين الروس، فقد درست هيل بعد إنهاءها المرحلة الجامعية اللغة الروسية في جامعة موسكو الحكومية للغات خلال فترة البريسترويكا في ثمانينيات القرن الماضي.
وعندما أنهت دراستها في روسيا قررت هيل الذهاب للعيش في الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد حصولها على الجنسية الأمريكية ترأست قسم روسيا وأوراسيا في مجلس الاستخبارات القومي الأمريكي، وفي عام 2013 نشرت هيل كتابا بعنوان : “بوتين مندوب المخابرات في الكرملين”، وحاولت في هذا الكتاب رسم صورة سياسية للرئيس بوتين دون إبداء أي انبهار أو إعجاب بشخصيه، وبعد ستة أشهر من تولي ترمب الحكم عينها مساعدته للشؤون الروسية.