السلايدر الرئيسيكواليس واسرار
الصراع بين الشيخة موزة وحمد بن ثامر آل ثاني يطيح بمركز الدوحة لحرية الاعلام
سعيد سلامة
ـ لندن ـ من سعيد سلامة ـ في خطوة غير منتظرة وبقرار سيادي تمّ منذ أيام قليلة إغلاق مركز الدوحة لحرية الاعلام الذي تباهت السلطات القطرية منذ تأسيسه في أكتوبر 2007 بموجب مرسوم أميري قطري أصدره أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بانه “سيساهم في دعم وتطوير حرية الاعلام، واستجابة للاعلان العالمي لحقوق الانسان” وسيعمل على “دعم وتعزيز وتطوير مبادىء حرية الاعلام في المنطقة العربية”.
قرار مخالف للسياق القطري
يجمع كل المتابعين لقرار غلق المركز أنه يأتي معاكسا ليس فقط للبروبغندا التي رافقت تأسيس المركز بل أيضا للسياق القطري حيث ستحتضن الإمارة الصغيرة كأس العالم 2022 التي تفترض شروط تنظيمه دعم حرية الصحافة والاعلام ومؤسساته وهو ما من شأنه أن يدعم موقف الداعين إلى تنظيمه في بلد آخر أو على الأقل تنظميه بالاشتراك مع بلدان أخرى خليجية على غرار الإمارات والسعودية.
كما يأتي القرار في ظلّ طرح رزمة من الإجراءات الداعمة لحرية الصحافة على غرار إنشاء المدينة الاعلامية وفتح النقاش حول تأسيس جمعيّة للصحفيين القطريين، ويجعلها إجراءات للاستهلاك الخارجي لا غير وفاقدة للمصداقيّة ويؤكّد مرة أخرى أنّ مزرعة “تميم وعائلته” فاقدة لأسس الخروج من واقعها كمحطة للغاز والنفط إلى دولة تحترم فيها الحريات والديمقراطية رغم بلايين الدولارات التي تصرف على مدار الأيام والسنوات للتبييض والتزيين وقلب الحقائق.
قرار “ناكر لجميل غير المواطنين”
لقد حققت قطر نهضتها الاقتصادية على سواعد “المهاجرين”: القادمين من كلّ بلدان العالم والذين استطاعوا وحدهم أن يبددوا الرعب الذي عاشه المواطنون القطريون على خلفية الخلاف مع الامارات والسعودية والبحرين ومصر وأنقذوهم من هروب جماعي إلى منتجعات متفرقة في كلّ بلدان العالم، ورغم محاولة سلطات الدوحة الإيهام بردّ الجميل لغير المواطنين والحديث عن التقدم في إلغاء نظام الكفالة، فإن القرار المذكور سيجبر أغلبية الموظفيين والصحفيين العاملين في المركز والقادمين منذ سنوات عديدة من بلدان متفرقة على الطرد التعسفي وتشريد عائلاتهم في ممارسة غير مواطنيّة وفاقدة لكل القيم الإخلاقية والقانونيّة وستصنّف فيه الدوحة فيه وبشكل مستحقّ كعدوّ لحرية الصحافة في العالم، وستؤهل لتكون السنوات القادمة في ذيل ترتيب الدول في تصنيفات المنظمات الدولية العاملة في مجال الحريات الاعلامية.
تصفية حسابات داخل العائلة الحاكمة
تذهب أغلب القراءات إلى أنّ القرار المذكور ما هو إلا تجليات لصراع يتواصل منذ سنوات بين حمد بن ثامر ال ثاني رئيس مجلس إدارة المركز وشبكة الجزرة وموزة المسند حيث يبدو أنّ الاول لم ينس أنّه ” كان كالأطرش في الزفة” في الحكاية حيث لم يعلم بموضوع المركز إلا يوم الإعلان الذي تصدرته الشيخة موزة و “روبير مينار”زعيم” مراسلون بلا حدود أول رئيس للمركز، ودومينيك دو فيلبان رئيس وزراء فرنسا السابق وعضو أول مجلس إدارة المركز، كما يبدو أنّه آلمه الاستثمار الكبير والدولي لإطلاق المركز من قبل الشيخة موزة في موضوع كان يعتبره حقا حصريا له في إطار توزيع القطاعات داخل العائلة المالكة.
ويبدو أنّ حمد بن ثامر كان يقتنص فرصة غفلة الشيخة ليعمل على إضعاف المركز وتقزيمه والذي كانت من نتائجه استقالة سريعة لروبار مينار بعد محاولات متكررة للتدخل في عمله والسعي إلى استعماله كواجهة لتزيين وجه العائلة المالكة دوليا، تلته إقالات تعسفيّة لرئيسي المركز التاليين يان كولن وعبد الجليل العلمي في ضرب لنوازع الإستقلالية التي عملا عليها.
كما عمل حمد على إفراغ المركز من أهم الكوادر التي قادت المركز في سنواته الذهبيّة وتعويضهم بإداريين ومسؤولين يتقاضون أجورا خرافيّة مقابل العمل على القتل السريري للمركز وصولا إلى أغلاقه.
ومنطقيا يبدو أنّ هذه النهاية هي مآل حقيقي وطبيعي لمشروع ولد ميتا في بلد ينظر لحرية الصحافة والاعلام عالميا، ويحتقرها ويذلها محليا ولا توجد فيه أيّ إرادة سياسيّة لدخول عالم الديمقراطيات ولو من بابها الصغير.