قد يبدو غريبا مقالي وانا احاول الكتابة دون أن اذهب أبعد من ذاتي ، وها “أناي” تصنع “كيكة” شهية من البيان معتمدة في مقاديرها على الألم و السعادة وتزيين أطراف قوالبها بفواكه الامل والتمتع بحلاوة مذاقها.
باكرا” أدركت أن السعادة لم تكن يوما” هدية بأشرطة ملوّنة تسقط علينا من السماء أو حبات شوكولا لامعة معلقة بطريقة مغرية في شجرة الميلاد إنما هي اكتفاء ذاتي ينبع من داخلنا وقرار نفسي يمدّ اعصابنا بالقوة والغبطة، كالغبطة التي تغمرنا كلما تناولنا قطعة حلوى.
ولست قادرة على الفصل في قرارة افكاري ما الرابط الوثيق المقدس بين الحلوى والسعادة و مفعول هرموناتها السحرية في المزج بين مشاعرنا الحسيّة والروحيّة.
الحلوى وعلبها المعدنية الساحرة التي تشقّ دروب البهجة في شراييننا وتتركز ملذاتها في ذاكراتنا الطفولية.
علبة واحدة مزّقت وشائج قلبي وبصمت ذاكرتي بأحاسيس متضاربة عايشت فيها الكثير من الحقائق و الامال والشجون.
علبة حلوى حوّلتها امي لتحفظ فيها أدويتها الكثيرة في محاولة احتيال على النفس وخداع للحواس وتحدٍ للوجع وتخفيف صورة ثقل المرض عنها.
لم أتخلص يوما” من نسج ذاكرتي وتخيّل “حبّات الدواء” كساحرات شريرات في قصرٍ من السكاكر.
هل كانت أمي تعي مقولة ارسطو :”إن السعادة تعتمد علينا نحن” وتطبقها في تنشيط خيالها التصويري بإتخاذ علب الحلوى كعقار مضاد للأكتئاب ومسبب للسعادة؟!
كانت تعرف مقدار العذاب الذي تعانيه وتخفي مرارة المرض بابتسامة مطلية بالعسل وهي ترى اوجاعها في عيوننا.
كم بعيدة انا عن تلك الابتسامة اليوم وما احوجني اليها…
ما احوج عالمنا كله لعقارٍ مكثف مركز من حلوى الخيال المعجون بأقراص الفرح من اجل تجميل الواقع و تحسين مزاج الايام.
يخلتف مفهوم السعادة من شخص لآخر كما يختلف مفهوم الألم لأنهما مرتبطان مباشرةً بحالتنا النفسية العاطفية.
سعادة كل شخص تعتمد على ما ينقصه وما يحتاجه بينما الالم يعتمد على قدرتنا في تحمله وتدويره ليصبح املا”.
فلِمَ لا نرشّ سكر الاماني الطيبة على خيالنا وتصوراتنا ونزيد منسوب الحلاوة في اشاراتنا العصبية من اجل تحسين مذاق كيكة الحياة.