السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا
رغم الصيام والحر… الجزائريون يغزون الشوارع للمطالبة برحيل وجوه نظام بوتفليقة ومرحلة انتقالية
نهال دويب
ـ الجزائر ـ من نهال دويب ـ رغم الحرارة الشديدة ومتاعب الصيام، إلا أن الجزائريين لم يخلفوا مسيرتهم الثانية عشر من الحراك الشعبي الذي وصل إلى منعرج حاسم للغاية بالنظر إلى حالة الانسداد الذي تشهده الساحة بسبب التصلب والتشدد في المواقف، للتأكيد على إصرارهم على تلبية كامل مطالبهم دون استثناء بما فيها رحيل رئيس الدولة الجزائرية المؤقت عبد القادر بن صالح ورئيس وزراءه نور الدين بدوي.
وكالعادة انطلقت المسيرات في الجزائر العاصمة مبكرا، وقدم الآلاف من المتظاهرين من كل حدب وصوب للمشاركة في الجمعة الثانية عشر التي وصفها البعض بـ”جمعة الصمود” للتأكيد على أن المطالب التي رفعوها منذ بداية الحراك الشعبي الذي انطلق في 22 فبراير/شباط الماضي لم يتحقق منها إلا القليل وبقي الكثير.
وتجمع المتظاهرون في حدود الساعة التاسعة والنصف صباحا بالتوقيت المحلي في ساحة البريد المركزي التي تلقب بـ “أيقونة” الحراك الجزائري تماما مثل نظيرتها في مصر “ميدان التحرير”، أيقونة الثورة المصرية ضد حكم الرئيس السابق حسني مبارك، اختيرت هذه الأخيرة لسبب واحد فقط هو وقوعها في ملتقى شوارع مدينة الجزائر العاصمة وكأنها تتوسطها، بعض المتظاهرين قدموا من المدن المجاورة على غرار بومرداس والبليدة والبويرة وتمكنوا من الوصول إليها بسهولة تامة، فلأول مرة منذ بداية الحراك لم تشهد الطرق المؤدية إليها وأيضا ساحاتها وشوارعها إنزال أمني مكثف لقوات مكافحة الشغب والشرطة.
“مراناش حابسين وفي رمضان خارجين”
وكسرت الشعارات والهتافات التي صدحت بها حناجر المتظاهرين السكون الذي يخيم على العاصمة الجزائر كل جمعة خاصة في شهر الصيام، وأكدت أغلبها إصرارهم على مواصلة الدرب الذي انطلق في 22 فبراير / شباط الماضي رغم حرارة الطقس والصيام كـ “مراناش حابسين وفي رمضان خارجين” أي “لن نتوقف وسنخرج في رمضان”.
وتوحي المطالب التي رفعها المتظاهرون تؤكد حالة الانسداد السياسي الذي تعيشه البلاد منذ نحو ثلاثة أشهر، الأمر الذي سيقلص حظوظ الأزمة السياسية التي تفجرت بعد إعلان الرئيس السابق عن ترشحه لولاية رئاسية خامسة، بسبب رفض الحراك تمسك السلطة بمؤسساتها الانتقالية بدعم من المؤسسة العسكرية.
نريد أحمد طالب الإبراهيمي
وأكدت حشود المتظاهرين على مرحلة انتقالية تقودها إحدى الشخصيات التوافقية وبرز في الشعارات المرفوعة اسم أحمد طالب الإبراهيمي الذي ارتفعت أسهمه بشكل كبير في الساحة السياسية مؤخرا كـ”من أجل مرحلة انتقالية حقيقة نعم لأحمد طالب الإبراهيمي” و”أحمد طالب الإبراهيمي رئيسا للدولة تعيين حكومة نزيهة وانتخابات رئاسية نزيهة”.
ورد المتظاهرون بإصرارهم على التمسك بمرحلة انتقالية على ما ورد في افتتاحية مجلة الجيش لسان حال المؤسسة العسكرية، والتي هاجم فيها الجيش قوى سياسية وشخصيات مدنية وصفها بـ “الشرذمة”، قال إنها “تحاول دفع البلاد إلى الفوضى وتستدرج الجيش للتدخل في الشأن السياسي وتشكك في نوايا المؤسسة العسكرية وفي حملة التوقيفات الأخيرة التي شملت رموز نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة”.
وأفادت الافتتاحية بأنه “في الوقت الذي تعيش فيه بلادنا أزمة، يريد البعض ممن باعوا وضربوا المصلحة العليا للوطن عرض الحائط، ويتآمرون عليه جهارا نهارا، أن تراوح مكانها ويطول أمدها برفض الحلول المتاحة والممكنة التي من شأنها أن تتيح لبلادنا تجاوز هذه الأزمة”.
كذلك برزت في المسيرات الثانية عشرة شعارات منددة بالتدخل الأجنبي في الشأن الداخلي للبلاد كـ “فرنسا الإمارات السعودية أمريكا عصابات الخارج، الجزائر في خطر”.
ولأول مرة منذ بداية الحراك الشعبي في 22 فبراير/شباط الماضي، لم تشهد العاصمة إنزالا أمنيا، ففي ساحة أول ماي كانت مصالح الأمن غائبة تماما صبيحة اليوم، فيما لوحظ تواجد مكثف لأعوان الشرطة بالزي المدني.
واستهل المتظاهرون أمام ساحة البريد المركزي وقفتهم بدقيقة صمت ترحما على ضحايا مجازر 08 مايو 1945 التي ارتكبها المستعمر الفرنسي بسطيف وقالمة وخراطة، سوق أهراس وغيرها من المناطق آنذاك.
وفي الثامن مايو من عام 1945 خرج الجزائريون على غرار باقي سكان المعمورة للاحتفال من جهة ولتذكير فرنسا بالتزاماتها من جهة ثانية لكن في ذلك اليوم ظهر الوجه الحقيقي للاستعمار الذي كان لا يعرف لغة غير لغة السلاح والقتل، إذ توج الوعد الزائف بخيبة أمل ومجازر رهيبة تفنن فيها المستعمر في التنكيل بالجزائريين وشن حملة إبادة راح ضحيتها ما يناهز 45 ألف شهيد.