العالم
الصين تعزز حضورها بهدوء في الأمم المتحدة المنقسمة
– وسط انتقادات من البيت الأبيض لتدخلها المفترض في السياسة الأميركية شقت الصين بهدوء مسارا في الأمم المتحدة حيث تعزز نفوذها شيئا فشيئا في المنظمة الدولية.
في مجلس الأمن حيث تشغل مقعدا دائما من خمسة لها حق الفيتو، لا تزال بيانات الصين لا تعبر عن مواقف جازمة، وكثيرا ما تعود إلى التذكير بميثاق الأمم المتحدة مثل السيادة الوطنية ومبادئ عدم التدخل.
وقال دبلوماسي أوروبي “بحسب مفهومهم، الديموقراطية خيار مثل حقوق الإنسان”.
لكن في مهمات حفظ السلام أو عند شغور وظائف في الذراع التنفيذي للأمم المتحدة في نيويورك، فإن بكين تعزز تواجدها.
ويشارك أكثر من 2500 عسكري صيني في مهمات الأمم المتحدة لحفظ السلام في ليبيا ومالي وجمهورية الكونغو الديموقراطية وجنوب السودان.
وقال دبلوماسي إن الصين “زادت بشكل كبير” إسهاماتها المالية الطوعية في الهيئة الدولية في وقت خفض الرئيس الأميركي دونالد ترامب المساهمة الأميركية.
وأضاف الدبلوماسي إن تقارير التمويل والبعثات تسمح للصين “بشراء بعض النفوذ” والدفع بمرشحيها إلى مراكز رفيعة مؤكدا إن تولي صينيين أدوارا متعددة في الأمم المتحدة “مصدر للمعلومات والنفوذ”.
وقال دبلوماسي آخر طلب أيضا عدم الكشف عن اسمه إن “الصين تعزز حضورها في الأمم المتحدة”.
– مجالات النفوذ –
في 2017 و2018 أصبح العملاق الآسيوي التي يتوسع اقتصاديا في إفريقيا وسواها، لاعبا أساسيا في أزمتين دوليتين هما كوريا الشمالية وبورما.
وتحت ضغط أميركي فرضت بكين عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على بيونغ يانغ ولكن مع أمل أن يؤدي اتفاق حول نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية، إلى انسحاب نحو 30 ألف جندي أميركي يتمركزون في كوريا الجنوبية — وهي استراتيجية غير معلنة للصين في المنطقة.
وعلى صعيد آخر تعتبر الصين أزمة أقلية الروهينغا المسلمة في بورما، والذين فر 700 ألف منهم إلى بنغلادش هربا من حملة قمع، قضية ثنائية بين الدولتين، وتمكنت من منع أي قرار حازم في مجلس الأمن.
– قوة وتراجع –
ألمح دبلوماسيون أوروبيون إلى أن صعود الصين في الأمم المتحدة جاء في وقت عادت فيه بكين وموسكو تقدمان لبعضهما البعض الدعم الفوري المتبادل.
وعندما تستخدم موسكو ورقة الفيتو تمتنع الصين أحيانا عن ذلك.
وحتى في مواقف أقل أهمية مثل النقاش على صياغة نصوص بين الاعضاء ال15 في مجلس الأمن على مستوى الخبراء، فإن الصين “حاضرة في كل المواضيع” بحسب ما قاله دبلوماسي مشترطا عدم ذكر اسمه.
فبكين مثلا تسعى حاليا لتصبح المعد الأساسي للنصوص المتعلقة بأفغانستان مكان هولندا التي تغادر في الأول من كانون الأول/يناير مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن، بحسب ما قاله عدد من الدبلوماسيين.
والغالبية العظمى لقرارات مجلس الأمن لا تزال تقوم بصياغتها الولايات المتحدة وبريطانيا أو فرنسا، وهو ما يعكس نظاما عالميا أقدم.
والصين مثل روسيا، نادرا ما تقوم بصياغة النصوص رغم إنها كانت تتولى في السابق ملف الصومال.
ويبرز السؤال: إلى أي حد ستذهب الصين؟ يقول البعض إن ذلك ليس سوى رأس جبل الجليد.
وقال مصدر دبلوماسي “بالنسبة للصين فإن التعددية القطبية ليست سوى محطة واحدة في خط مترو انفاق”.
وقال دبلوماسي آخر إن بكين، سترى إذن مجموعة من دولتين — الصين والولايات المتحدة — وبنهاية الأمر ستكون الغلبة للصين.
وقال مصدر دبلوماسي آخر “إنهم لاعبون على المدى البعيد. لا يريدون إثارة ضجة”.
فرضت الولايات المتحدة رسوما على ما قيمته 250 مليار دولار من السلع الصينية وذهب ترامب إلى حد اتهام بكين بالتدخل في انتخابات منتصف الولاية في تشرين الثاني/نوفمبر بهدف العمل على خسارة حزبه الجمهوري بسبب سياسته التجارية المتشددة.
ومتحدثا أمام مركز أبحاث أميركي الأسبوع الماضي رفض وزير الخارجية الصيني وانغ يي المخاوف من أن تكون بلاده تسعى لأخذ مكان الولايات المتحدة كقوة عظمى.
وقال إن الاستنتاج بأن الصين تسعى للسيطرة هو “حكم استراتيجي خاطئ إلى حد كبير”. (أ ف ب)