شرق أوسط
إيران تتهم الولايات المتحدة بتصعيد “غير مقبول” وتستبعد حوارا معها
ـ طوكيو ـ اتهمت إيران الخميس الولايات المتحدة بتصعيد “غير مقبول” للتوترات، مؤكدة أن طهران تتصرف “بأقصى درجات ضبط النفس” رغم انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي المبرم مع الدول الكبرى.
وتصاعد التوتر عقب انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق العام الماضي.
لكن وتيرة التصعيد تسارعت في الأسابيع الماضية مع إرسال الولايات المتحدة حاملة طائرات هجومية والقطع المرافقة، وقاذفات بي-52 إلى منطقة الخليج للتصدي كما تقول واشنطن لتهديدات إيران.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف خلال زيارة إلى طوكيو الخميس إن “ما تقوم به الولايات المتحدة من تصعيد غير مقبول”.
وأضاف ظريف في مستهلّ اجتماع مع نظيره الياباني تارو كونو “نحن نتصرّف بأقصى درجات ضبط النفس رغم انسحاب الولايات المتحدة في أيار/مايو الماضي” من الاتفاق المعروف رسميا باسم “خطة العمل المشترك الشامل”.
جاءت تصريحات ظريف بعيد طلب الولايات المتحدة من موظفيها غير الأساسيين مغادرة سفارتها في بغداد بسبب تهديد “وشيك” من فصائل عراقية مرتبطة بإيران.
وقال مسؤولون كبار في وزارة الخارجية مشترطين عدم كشف هوياتهم إن التهديد يأتي من ميليشيا عراقية “يأمرها ويسيطر عليها” الحرس الثوري الإيراني، فيما أشار أحدهم إلى أنها مرتبطة بشكل مباشر بإيران، وتهديدات عدة مرتبطة بشكل مباشر بإيران”.
ولفت آخر إلى أن هناك “تهديدا وشيكا لموظفينا وطلب لمغادرة جزئية (من السفارة) هو الشيء المنطقي”.
“حرب نفسية” ولا مفاوضات
لكن تلك التصريحات ليست إلا “ذرائع وحرباً نفسية”، بحسب ما اعتبر فصيلا “عصائب أهل الحق” و”حركة النجباء” العراقيان المنضويان في هيئة الحشد الشعبي.
وأكد هذان الفصيلان المقربان من طهران أن واشنطن “تحاول صنع ضجة في العراق والمنطقة تحت أي ذريعة” وأن قراراتها “مجرد استفزازات”.
وعزز القرار الأمريكي المخاوف من إمكانية انفلات الوضع الأمني الإقليمي، ونشوب نزاع بين الخصمين، رغم تأكيد الجانبين عدم رغبتهما في خوض حرب.
غير أن ترامب توقع أن ترغب إيران “قريبا” في التفاوض، ونفى أي خلاف في البيت الأبيض بشأن خطوات يقول منتقدون إنها يمكن أن تؤدي إلى نشوب حرب في الشرق الأوسط.
وكتب ترامب في تغريدة على تويتر “أنا على ثقة بأن إيران سترغب قريبا في إجراء محادثات”. وندد أيضا بتقارير في وسائل الاعلام عن خلاف داخلي في البيت الأبيض قائلا “ليس هناك أي خلاف داخلي. يتم التعبير عن آراء مختلفة، وأتّخذ القرار النهائي والحاسم”.
لكن رغم تشديد ظريف، الذي يزور الصين الجمعة أيضا، على أن طهران لا تزال “ملتزمة” بالاتفاق، استبعد “أي إمكانية لمفاوضات” مع واشنطن بهدف خفض التصعيد.
ويقول معارضو ترامب إن متشددين يقودهم مستشار الأمن القومي جون بولتون، الذي طالما سعى للإطاحة بالنظام الإيراني، يدفعون الولايات المتحدة إلى حرب.
ورغم تشكيك دولي، تشير الحكومة الأميركية إلى تصاعد التهديدات من إيران، العدو منذ وقت طويل وخصم حليفتي الولايات المتحدة، إسرائيل والسعودية.
“اختبار إرادة”
غير أن المرشد الأعلى لإيران آية الله علي خامنئي أكد الثلاثاء إن الازمة مع الولايات المتحدة ليست سوى “اختبار إرادة”.
وقال “هذه المواجهة ليست عسكرية لأنه لن تندلع أي حرب. لا نحن ولا هم يسعون إلى حرب. هم يعرفون أنها ليست في مصلحتهم”.
وأبدى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو موقفا مماثلا إذ قال في سوتشي بروسيا “نحن لا نسعى مطلقا الى حرب مع إيران”.
ورغم تأكيد الجانبين على عدم السعي إلى حرب، سارعت الدول الكبرى للدعوة إلى الهدوء وأعربت عن القلق إزاء تصعيد التوتر.
وقالت واشنطن إنها تلقت معلومات استخبارية بشأن هجمات محتملة تشنها قوات إيرانية أو مدعومة من إيران، تستهدف ربما قواعد أميركية في العراق أو سوريا.
غير أن حلفاء الولايات المتحدة يواصلون إظهار التشكيك في تحذيرات واشنطن.
وقال الميجور جنرال البريطاني كريس غيكا المتحدث باسم التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الذي يحارب تنظيم الدولة الإسلامية قد نفى الثلاثاء وجود “أي تزايد للمخاطر”.
وبعد أن استدعت تصريحاته ردا حادا من القيادة المركزية الأمريكية قالت وزارة الدفاع البريطانية الأربعاء “كنا دائما واضحين بشأن مخاوفنا المتعلقة بسلوك إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة” — بدون أن يؤكد وجود أي خطر وشيك.
استهداف ناقلات
يرى بعض المراقبين أن طهران تسعى للرد على قرار واشنطن في نيسان/أبريل إدراج الحرس الثوري الإيراني على لائحتها السوداء ل”المنظمات الإرهابية الأجنبية” — خطة سعت من خلالها واشنطن إلى وقف انشطته في الشرق الأوسط.
لكن منذ التحذير الأمريكي الأول في الخامس من أيار/مايو، لم تقع أي حادثة باسثناء “هجوم” غامض الاثنين على ناقلات راسية قبالة الفجيرة، المرفأ الإماراتي الذي يقع في المدخل الاستراتيجي المهم إلى الخليج.
وتعرضت ناقلة او اثنتان لأضرار طفيفة في الهيكل، لكن اسباب الحادثة والجهة التي تقف خلفها لا تزال غير معروفة.
وفي تطور منفصل نفذ التحالف العسكري بقيادة السعودية في اليمن الخميس غارات على صنعاء التي يسيطر عليها المتمردون.
وجاءت تلك الغارات بعد إعلان المتمردين الحوثيين المدعومين من اليمن المسؤولية عن ضربات بطائرات من دون طيار الثلاثاء ادت إلى إلحاق أضرار بخط أنابيب نفط سعودي.
واتهم نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان في تغريدة الخميس إيران بإعطاء الأوامر للمتمردين اليمنيين بمهاجمة منشآتها النفطية قرب الرياض.
وفي الكونغرس الأمريكي طالب الديموقراطيون بمعرفة سبب تعزيز إدارة ترامب التواجد العسكري في الخليج، ووفق تقارير في وسائل إعلام، تدرس مخططات حرب يمكن أن تتضمن إرسال 120 ألف عسكري أمريكي إلى الشرق الأوسط في حال هاجمت إيران مصالح أميركية.
وقال السناتور الكبير في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ بوب مينينديز إن “الكونغرس لم يأذن بحرب مع إيران إذا كانت (الإدارة) تفكر في تحرك عسكري مع إيران، يجب أن تأتي إلى الكونغرس لأخذ الموافقة”. (أ ف ب)