رامي دباس
ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” قبل شهر واحد تقريبا أن ارهابيا انتحاريا واحدا على الأقل في هجمات عيد الفصح في سريلانكا ، والتي قتل فيها أكثر من 250 شخصًا ، قد تم تدريبهم مع بتنظيم “داعش”.
حيث اعتقدت وقتها الحكومة السيرلانكية في البداية أن المهاجمين قد استلهموا افعالهم من عقيدة تنظيم داعش الجهادية الارهابية، لكن مع تقدم التحقيقات، اكتشف المسؤولون في سيريلانكا أن الارهابيين قد تم تدريبهم ودعمهم من قبل تنظيم “داعش” الارهابي، مما يعكس استمرار الجماعة المتطرفة بعد انهيار نظامها الذاتي في سوريا والعراق. هذا لأن تنظيم “داعش” أصبح الآن جماعة إرهابية دولية ، تشبه إلى حد كبير تنظيم “القاعدة” .
في عام 2016 انتخب الأمريكيون دونالد ترامب على أمل أن يجفف المستنقع. بالنسبة للكثيرين من الناخبين الامريكان قد تأملوا ان يقوم دونالد ترامب بوقف تهديد الارهاب الاسلاموي و وقف الاسلمة في امريكا الذي اساسه الاسلام السياسي و الذي يسعى إلى القضاء على حرية التعبير وحرية ممارسة الدين و فرض الصورة المشوهة من الدين الاسلامي السمح على الاخر والذي يتجاوز أي ارتباط عرقي وثقافي بأرض الفرد الأصلية. ومع ذلك، فإن الضربات التي تقودها الولايات المتحدة ضد “داعش” وعملية تدريب دول الشرق الأوسط وأفريقيا لمحاربة التطرف و الارهاب لم تطيل القتال فحسب بل فقد جلبت عن غير قصد مقاتلي “داعش” وعقيدتهم داخل الدول الغربية.
السياسة الأمريكية منذ سنوات في الشرق الأوسط قد فشلت في معالجة جذور المشكلة سواء الاجتماعية او السياسية.
وبدلاً من كبح الانتشار الوهابي وتصنيف جماعة “الإخوان المسلمين” بأنها منظمة إرهابية، فقد اتبعت حتى الآن مقاربة سياسية حقيقية مع هذه الجماعة. لا ينبغي لي أن أضع نفسي في منصب صانع القرار، لكن الولايات المتحدة لم تحافظ على العلاقات الاقتصادية مع الدول الإسلامية المعتدلة التي تشارك في تنفيذ عمليات عسكرية ضد “داعش” والحركات المنبثقة عنها.
هناك أيضا عدم وجود استراتيجية واضحة بشأن كيفية إعادة بناء المناطق التي سيطرت عليها “داعش” بعد هزيمتها.
على سبيل المثال، جزء من قوات الحشد الشعبي، التي ساعدت في محاربة “داعش”، تتألف من أعضاء من المقاتلين المواليين الى ايران، وهي وحدة شبه عسكرية شيعية في الغالب. فقد قاتل نصفهم ضد الغزو الامريكي الذي قادته الولايات المتحدة ضد العراق في عام 2003 ،حيث واجهتهم مزاعم بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان. فهل سيكون لهم دور سياسي مستقبلي في المنطقة؟
على الرغم من بعض التناقضات ، فقد أظهر الرئيس ترامب ثباتًا في محاربة التطرف الذي يقوم على الاساس الديني أكثر من سابقيه. وأهمها انه ربط الإرهاب الذي يمارسه بعض المسلمون بدينهم، مثلا التطرف الإسلامي على حد تعبيره.
لقد فرض مجموعة من العقوبات الجديدة على منظمة إرهابية تدعمها إيران ،و هي حزب الله ، وكبار حلفائها في حركة حماس العاملة في قطاع غزة، فضلاً عن للواء الثورة الإسلامي، الذي اغتال الجنرال المصري عادل رجائي في عام 2016، وغيرهم، الذين قتلوا شخصيات من الأمن القومي المصري .
كما اوقف الرئيس ترامب بعض من المنظمات غير الحكومية التي ساعدت على الأقل بشكل غير مباشر الإرهابيين الإسلاميين، فمثلا قرار الرئيس ترامب بتجميد مبلغ 65 مليون دولار من قسط تمويل بقيمة 125 مليون دولار من أجل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل فلسطين، وبالتحديد منها 45 مليون دولار الى وكالة اللاجئون الفلسطينيون الأونروا. تقوم حماس بتدريب عسكري لأطفال الأونروا حيث يتم إعطائهم بنادق آلية وتجهيزهم للحرب، في حين يشجع كبار المسؤولين في حماس الجهاد ، ويحاضرون حول أهمية استعادة قراهم بقوة السلاح.
حقيقة الأمر هي أن إقناع الجمهور في الدول الغربية بأن الأعمال الوحشية التي يرتكبها الجهاديون عفوية امر صعب و الحقيقة ان هذه الاعمال هي مفتعلة من قبل النصوص التي تحث عليها في كتب التراث الديني. حيث أوضحت آيان هيرسي علي النائب الهولندي السابق، ان الغرب متراخي الى حد كبير مع الارهاب وهذا يجعله أعمى باتجاه التهديد القادم من قبل الجماعات المتطرفة التي تقوم على اساس ديني ونصوص دينية، حيث يجب تحديد الأيديولوجية الكامنة وراء الهجمات الإرهابية.
لا يمكننا إلا أن نأمل أن ترامب وحلفائه ان يتمكنوا من القضاء على التهديد الجهادي الذي يهدد الجميع، المسلم قبل غير المسلم الذي لا يعرف دينا بل يقوم على عقيدة جهادية تكفيرية و هذا سيتم من خلال الوصول إلى جذر المشكلة، ولكن يتعين علينا نحن القيام بدورنا الخاص، نحن كسكان للكرة الارضية في القرن الحادي والعشرين.
*كاتب و ناشط سياسي اردني