السلايدر الرئيسيحقوق إنسان
رغم القانون مغربيات يسقطن في ايدي شبكات الاتجار بالبشر وبعضهن يتم استغلالهن في الدعارة بدول الخليج
فاطمة الزهراء كريم الله
ـ الرباط ـ من فاطمة الزهراء كريم الله ـ بالرغم من أن الحكومة المغربية سبق وأن أعلنت وقف التصديق على وثائق المغربيات الراغبات في العمل خادمات بدول الخليج، لأجل “تفادي المشاكل والوضعيات الصعبة التي تعاني منها المعنيات بالأمر”، إلا أن هناك تقارير دولية وأخرى وطنية توثق حالات ومظاهر الاستغلال بكافة أنواعه، سواء فيما يتعلق بعمالة الأطفال أو استغلال الفتيات، ومظاهر العبودية.
أرقام مهمة…
جاء في اخر تقرير الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة والاتجار بالبشر، أن السلطات المغربية أبلغت خلال عام 2017 عن 20 حالة تتعلق بالاتجار بالبشر.
وقد شهدت المحاكم الابتدائية، خلال السنة نفسها، 8 قضايا ذات صلة بهذه الجريمة.
وأبرز التقرير، أن السلطات المغربية رصدت 27 ضحية خلال سنة 2017، بينهم 17 طفلا، 9 ذكور و8 إناث، بالإضافة إلى 10 ضحايا من النساء البالغات. وأن 22 شخصا كانوا ضحايا للاتجار بالبشر لأغراض الاستغلال الجنسي، بينما استُغل 5 ضحايا في العمل القسري.
الدعارة والسخرة بمبرر الحصول على عقد عمل…
وكشفت تقارير دولية ووطنية، عن كيف يتم استغلال عدد من المغربيات في الدعارة في عدد من بلدان الخليج.
وحسب تقرير للرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، “فإنه تم رصد مواطنين مغاربة ضحية اتجار في البشر، وأن عددا من المغربيات تواجه عملية تضييق على حركتهن وتنقلاتهن في البلدان التي يرغم فيها على ممارسة الدعارة مع تهديدات وممارسات للعنف النفسي والجسدي، حيث تسقط المغربيات في شراك هذه الشبكات بعد تلقيهن وعودا بالحصول على عقود عمل، وما إن تصلن إلى بلدان الاستقبال حتى تنتزع منهن جوازات السفر، ويتم احتجازهن وإرغامهن على ممارسة الدعارة والسخرة،
في هذا الصدد أكد رئيس الرابطة ادريس السدراوي، في تصريح لصحيفة “” أنه أصبح من المسلمات أن الكثير من النساء المغربيات اللائي يهاجرن للعمل في بعض الدول الخليجية “يتم استغلالهن جنسيًا أو يتم تسخيرهن قسرا لخدمة بعض الأسر في وضع أشبه بالعبودية” وأن غالبية المواطنين المغاربة الذين يهاجرون للعمل في بعض بلدان الخليج “غالبا ما يتعرضون للعمل القسري، أو يجبرون على ممارسات حاطة من كرامتهم”.
مشيرا إلى أن المصالح القنصلية بالعديد من بلدان الخليج تقف مكتوفة الأيدي أمام حالات الاستغلال القسري والاستعباد الممارسة ضد بعض النساء المغربيات اللواتي يرفضن الانصياع لرغبات الشبكات المنظمة للدعارة والتي يجعل من القضية مسألة حقوقية وليست أخلاقية حيث أن الامر يتعلق بظاهرة الاتجار بالبشر والتي يؤطرها بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال، المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، حيث تؤكد على ان “الاتجار بالأشخاص” يقصد به تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة استضعاف، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال. ويشمل الاستغلال، كحد أدنى، استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي، أو السخرة أو الخدمة قسرا، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء”.
وطالب رئيس الرابطة الحاصلة على الصفة الاستشارية لدى الأمم المتحدة، بتمتيع المواطنين المغاربة بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية التي تضطرهم للهجرة للبحث عن لقمة العيش بعيدًا عن اهاليهم وحماية كرامتهم والاهتمام بمشاكلهم، وبالعمل على تخليص المواطنات المغربيات ضحايا الاتجار بالبشر، خاصة بالخليج، ومساعدتهن على تجاوز المعاناة التي عشنها أو يعشنها بسبب الاستغلال الذي هن عرضة له.
معتبرا أن هذا النوع من الاستغلال هو من بين الجرائم المنظمة على المستوى الدولي التي تدّر مليارات الدولارات وتشكّل شكلًا جديدًا للعبودية”، متحدثة عن أن المغرب، ورغم مصادقته على عدة عهود واتفاقيات تخصّ محاربة ظاهرة الاتجار البشر، إلّا أنه يشهد غياب سياسة عمومية منسجمة في المجال وضعف وعدم التزام الدولة بالتوصيات الصادرة عن الهيئات واللجان الأممية الخاصة.
الفتيات القصر من أكثر الضحايا…
أكدت فاطمة بوغنبور المستشارة المنتدبة باللجنة الوطنية لرصد الخروقات بالمركز المغربي لحقوق الإنسان، على أن هناك الكثير من الشبكات تقوم على هذه العمليات باحترافية عالية، وبعضها يقع بين الحين والآخر، خاصة بعد رفع بعض الفتيات اللواتي يعتبرن من أكثر الضحايا قضاياهن أمام القضاء، إلا أنها في الغالب يصعب إثبات عمليات الاستغلال كونها تمت في دولة أخرى، حيث تتم عن طريق عقود رسمية مقننة لعمل في مجالات محددة، إلا أن بعضهن يجبرن على ذلك. مضيفة في تصريح صحفي، أن الوجه الآخر لعمليات الإتجار بالبشر تتم خارج المغرب، من خلال استقدام الفتيات القصر أو غيرهم بزعم العمل، ومن ثم يتم احتجاز أوراقهن وإجبارهن على العمل في الدعارة، أو الإهانة والضرب وهو أحد أنواع العبودية.
القانون…
يشار إلى أنه في سبتمبر/ ايلول 2016، دخل القانون المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر حيز التنفيذ بالمغرب، بناءً على انضمام المملكة إلى البرتوكول الملحق بالاتفاقية الدولية لمنع الجريمة عبر الوطنية المتعلق بالاتجار بالبشر، خاصة النساء والأطفال، وفي وقت كانت هذه الجريمة قد استأثرت بالاهتمام الأممي.
ويضم القانون سبعة فصول، وهي مكملة لمجموعة القانون الجنائي، إذ يعرف بالتفصيل ماذا يقصد بالاتجار بالبشر، ويشمل: تجنيد شخص أو استدراجه أو نقله أو تنقيله أو إيوائه أو استقباله، أو الوساطة في ذلك بواسطة التهديد بالقوة أو باستعمالها أو باستعمال مختلف أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع.
وحسب الفصل 2-448 من القانون، يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات وبغرامة من 10.000 إلى 500.000 درهم، كل من ارتكب جريمة الاتجار بالبشر. وترفع عقوبة الاتجار بالبشر إلى السجن من عشر إلى عشرين سنة وغرامة من 100.000 إلى 1.000.000 درهم في حالة ارتكاب الجريمة بواسطة التهديد بالقتل أو بالإيذاء أو التعذيب أو الاحتجاز أو التشهير.
وترتفع العقوبة حسب الفصل 4-448 ما بين عشرين إلى ثلاثين سنة وغرامة من 200.000 إلى 2.000.000 درهم في حالة ارتكاب الجريمة ضد قاصر دون الثامنة عشرة، وضد شخص يعاني من وضعية صعبة بسبب كبر سنه أو بسبب المرض أو الإعاقة أو نقص بدني أو نفسي أو ضد امرأة حامل سواء، كان حملها بينا أو كان معروفا لدى الفاعل؛ وإذا كان مرتكب الجريمة زوجاً للضحية أو أحد أصولها أو فروعها أو وصياً عليها أو كافلاً لها أو مكلفا برعايتها أو كانت له سلطة عليها.
كما ينص القانون أيضاً من خلال الفصل 5-448 على المعاقبة بالسجن من عشرين إلى ثلاثين سنة وغرامة من 1.000.000 إلى 6.000.000 درهم عن جريمة الاتجار بالبشر، إذا ارتكبت الجريمة بواسطة عصابة إجرامية أو في إطار عابر للحدود الوطنية، أو إذا نتجت عن الجريمة وفاة الضحية؛ وترفع إلى السجن المؤبد إذا ارتكبت الجريمة بواسطة التعذيب أو أعمال وحشية.