شرق أوسط

مجلس الأمن يفشل بإصدار بيان بشأن السودان والمحتجون عازمون على مواصلة حراكهم

ـ الخرطوم ـ فشل مجلس الأمن الدولي الثلاثاء بإدانة قتل مدنيّين في السّودان وبإصدار نداء دولي ملحّ لوقف فوري للعنف في هذا البلد، وذلك بسبب اعتراض الصين مدعومةً من روسيا، بسحب ما أعلن دبلوماسيّون.

ودعا قادة الحركة الاحتجاجيّة في السودان من جهتهم الثلاثاء، أنصارهم إلى تنظيم تظاهرات جديدة، رافضين دعوة وجّهها المجلس العسكري إلى إجراء انتخابات عامّة في فترة لا تتجاوز تسعة أشهر.

ووزّعت بريطانيا وألمانيا خلال اجتماع مُغلق لمجلس الأمن بيانًا يدعو الحكّام العسكريّين والمتظاهرين في السّودان إلى “مواصلة العمل معًا نحو حلّ توافقي للأزمة الحاليّة”، وفقًا لمسوّدة البيان الذي اطّلعت عليه وكالة فرانس برس.

غير أنّ الصّين اعترضت بشدّة على النصّ المقترح، فيما شدّدت روسيا على ضرورة أن ينتظر المجلس ردًّا من الاتّحاد الإفريقي، بحسب ما قال دبلوماسيّون.

واعتبر نائب السّفير الروسي ديمتري بوليانسكي أنّ النصّ المقترح “غير متوازن”، مشدّدًا على ضرورة “توخّي حذر شديد” حيال الوضع. وقال “لا نريد الترويج لبيانٍ غير متوازن. فذلك قد يُفسد الوضع”.

وبعد فشل مجلس الأمن في الاتّفاق، قالت ثماني دول أوروبّية في بيان مشترك إنّها “تدين الهجمات العنيفة في السّودان من جانب أجهزة الأمن السودانية ضدّ المدنيّين”.

وقالت كُلّ من بلجيكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وهولندا والسّويد إنّ “الإعلان الأحادي” الصّادر عن المجلس العسكري “بوَقف المفاوضات وتشكيل حكومة والدّعوة إلى إجراء انتخابات في غضون فترة زمنيّة قصيرة جدًا، هو أمر يُثير قلقًا كبيرًا”.

ومساء الثلاثاء، ندّدت الولايات المتحدة وبريطانيا والنروج بتوجّه المجلس العسكري إلى تنظيم انتخابات في أعقاب إنهاء الاعتصام، ودعت بدلاً من ذلك إلى “انتقال منظّم” للسلطة نحو حكم مدني.

وأطاح المجلس العسكريّ في نيسان/أبريل الرئيس عمر البشير بعد أشهر من الاحتجاجات. وكان المجلس وافق على فترة انتقاليّة مدّتها ثلاث سنوات لتسليم السُلطة إلى المدنيّين.

لكنّ رئيس المجلس الفريق أوّل ركن عبد الفتّاح البرهان أعلن فجر الثلاثاء التخلّي عن هذه الخطّة، لصالح إجراء انتخابات بإشراف إقليمي ودولي.

وقال البرهان “قرّر المجلس العسكري وقف التفاوض مع تحالف قوى إعلان الحرّية والتغيير، وإلغاء ما تمّ الاتّفاق عليه، والدّعوة إلى إجراء انتخابات عامّة في فترة لا تتجاوز تسعة أشهر (بدءًا) من الآن”.

ورفض تجمّع المهنيّين السودانيّين، أبرز مكوّنات تحالف الحرّية والتغيير الذي يقود الحركة الاحتجاجيّة، الإعلان الذي أصدره المجلس العسكري.

ودعت الحركة الاحتجاجيّة أنصارها إلى المشاركة في “عصيان مدني” في أرجاء البلاد لإطاحة المجلس العسكري الحاكم، وذلك بعد العمليّة الدامية لفضّ اعتصامٍ استمرّ أسابيع خارج مقرّ القيادة العامّة للجيش في الخرطوم.

وأفاد بيان للتجمّع “لا المجلس الانقلابيّ ولا مليشياته وقياداتها هي مَن يُقرّر مصير الشعب، ولا كيفيّة انتقاله لسلطةٍ مدنيّة”.

مجزرة دموية

ووصف تحالف “قوى إعلان الحرّية والتّغيير” ما تعرّض له “الثوّار المعتصمون” الإثنين بأنّه “مجزرة دمويّة”.

وكان المجلس العسكري الانتقالي أعرب في بيان على تويتر عن “أسفه” لتطوّر الأوضاع عقب فضّ الاعتصام، وقال “قامت قوّة مشتركة من القوّات المسلّحة والدّعم السريع وجهاز الأمن والمخابرات وقوّات الشرطة بإشراف وكلاء النيابة، بتنفيذ عمليّة مشتركة لنظافة بعض المواقع المتاخمة لشارع النيل والقبض على المتفلّتين ومعتادي الإجرام”.

من جانبها، أعلنت لجنة أطبّاء السودان المركزيّة، في بيان مساء الثلاثاء، أنّ “عدد شهداء الأمس (الإثنين) واليوم (الثلاثاء) الذين تمّ حصرهم في المستشفيات، 40 شهيداً”، غير أنّها استدركت أنّ “العدد أكبر من ذلك، حسب إفادات أطباء”.

واتّهم أعضاء من اللجنة، خلال مؤتمر صحافي في لندن، القوّات الأمنيّة بمهاجمة مستشفيات في كلّ أنحاء البلاد طيلة الفترة الماضية. وتحدّثوا عن عمليّات اغتصاب في الخرطوم، من دون تحديد مصدر المعلومات.

وقال حسام المجمر عضو اللجنة “إنهم يُهاجمون المستشفيات منذ فترة طويلة، منذ وصولهم إلى السلطة، وذلك في أجزاء مختلفة من السودان، بما في ذلك دارفور وجبال النوبة وولاية النيل الأزرق”.

وكان تجمّع المهنيّين دعا “أبناء الشعب السوداني” إلى إقامة صلاة عيد الفطر وصلاة الغائب على الشهداء الثلاثاء 4 حزيران/يونيو رغم إعلان السلطات المعنيّة أنّ العيد الأربعاء.

وفي مدينة بورتسودان على البحر الأحمر، تظاهر محتجّون عقب صلاة العيد، مردّدين “يسقط المجلس العسكري” و”لسلطةٍ مدنيّة”، وفق شاهد عيان.

من جهته، قال أحد سكّان منطقة شمبات “تجمّعنا في ساحتنا، كما اعتَدنا سنويًا، وأدّينا صلاة العيد، ولكنّ قوّات من الدعم السريع والشرطة أطلقت علينا الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية، وعقب الصلاة أغلق الشباب الشارع الرئيسي بوضع المتاريس”.

وبدت الشوارع المحيطة بوسط العاصمة شبه مهجورة الثلاثاء، إذ أغلق العديد من الأسواق والمتاجر أبوابها في غياب تام تقريبًا لأي سيارات في الشوارع.

واشتكى كثير من سكّان العاصمة من أنّهم لم يتمكّنوا من الاتّصال بالإنترنت بعدما بدأت تظهر مشاكل في الشبكة منذ الاثنين.

وشهدت حركة الملاحة الجوّية إلى الخرطوم اضطرابات، في وقت راقبت شركات الطيران التطوّرات على الأرض.

وقال متحدّث باسم شركة طيران الخليج البحرينيّة “لا تزال رحلاتنا إلى الخرطوم ملغية، إذ إنّ مطار الخرطوم مغلق جرّاء حالة عدم الاستقرار السياسي والمخاوف الأمنيّة”.

وألغت مصر للطيران رحلات كانت مقرّرة إلى الخرطوم ليل الإثنين وصباح الثلاثاء. وأعلنت الخطوط التركيّة كذلك إلغاء رحلاتها إلى الخرطوم لأسباب أمنيّة.

وكان الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش أدان الاستخدام المفرط للقوّة بالسودان، داعيًا إلى تحقيق مستقلّ.

ودعمت حكومات إفريقيّة وغربيّة المتظاهرين، إلا أنّ الحكومات العربيّة على رأسها السعودية دعمت المجلس العسكري بقيادة البرهان.

بدوره، حضّ رئيس مفوّضية الاتّحاد الإفريقي موسى فكي على إجراء “تحقيق فوري وشفّاف لمحاسبة كلّ المسؤولين”.

لكنّ الحكومات العربيّة دعت إلى استئناف المحادثات بين المتظاهرين والجيش. وقبيل الحملة الأمنيّة، زار البرهان مصر والإمارات والسعوديّة. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق