رياضة
عائلات القدس تتنافس في دورة لكرة القدم
– تمريرة من عقل الى عقل، تتحول الى عقل المتواجد في مساحة مفتوحة على الجناح، فعرضية إضافية من عقل الى عقل الذي يحولها في المرمى على وقع تشجيع أفراد العائلة وأصدقائهم المتابعين لدورة في كرة القدم، “أنديتها” عائلات القدس.
على ملعب “برج اللقلق” الصغير ذي العشب الاصطناعي والمضاء بالأنوار الكاشفة، والواقع ضمن أسوار المدينة القديمة التي احتلتها إسرائيل عام 1967، أقيمت المباراة ضمن دورة “القدس تجمعنا” التي انطلقت قبل عامين، وتشارك فيها العائلات المقدسية.
وتحمل دورة هذه السنة رمزية خاصة لكونها تأتي في أعقاب اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، ما أثار غضب الفلسطينيين الذين يرون في القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المنشودة.
في الملعب القريب من سور القدس الذي يعود تاريخه الى القرن السادس عشر، جلس مشجعون في مدرجه وعلى السور، لمتابعة مباراة بين عائلتي عقل وسنقرط. وبالنسبة للاعبين والمشجعين، تشكل الدورة حدثا فيه من الفخر الوطني بقدر ما فيه من اللعبة الشعبية الأولى.
ويقول منظم الدورة منتصر إدكيدك لوكالة فرانس برس “هذه أرضنا، لذلك نحن نريد أن نؤكد أننا أصحاب الأرض من خلال تنظيم بطولة فلسطينية هنا”، مضيفا “يجمع الحدث شباب القدس في روح رياضة عالية”.
– أزقة… وتدقيق بالهويات –
تشكل العائلات الكبرى جزءا أساسيا من هوية القدس وتربطها بها علاقة تتشعب جذورها في الدين والثقافة والتاريخ. ويقدر عدد الفلسطينيين في القدس الشرقية بنحو 300 ألف.
وفي العام الماضي، فازت عائلة أبو اسنينة التي تعد من العائلات الكبيرة في القدس ويقدر عدد أفرادها بالآلاف، بلقب الدورة. لكن فريقها خرج من الدور الأول هذه السنة، ما رفع من آمال عائلات صغيرة نسبيا بإحراز اللقب.
وللوصول الى ساحة ملعب “برج اللقلق”، يتوجب على اللاعبين والمشجعين المرور عبر أزقة قديمة ملتوية في البلدة القديمة التي تبلغ مساحتها كيلومترا مربعا فقط ويصل عدد سكانها لنحو 35 ألف نسمة.
ويتسع المدرج الوحيد في الملعب لنحو مئة شخص، ورفعت على جانبه رفعت صورة كبيرة لإدكيدك ولأحد مؤسسي الدورة نهاد زغير المعتقل بتهمة الانتماء الى “تنظيم شباب الأقصى” الذي تعتبره إسرائيل “محظورا”، بحسب تقارير صحافية.
وقبل انطلاق مباراة عائلتي عقل وسنقرط، يدقق الحكم بالمستندات والأسماء، اذ لا يحق لأي كان من خارج العائلتين النزول لأرض الملعب.
ونسي محمد عقل، وهو أحد لاعبين اثنين في فريق العائلة يحملان الاسم نفسه، بطاقة هويته. الا أن اللاعب ذا البنية الضخمة المغايرة للصورة النمطية عن المحترفين، سأل الحكم “هل تكفي صورة؟” عن البطاقة يحتفظ بها في ذاكرة هاتفه الخليوي.
أتى الرد إيجابيا، ودافع محمد عن ألوان فريق عائلته.
– “نحن أبناء القدس” –
وعلى رغم أن المباراة هي بين هواة وودية الى حد كبير، الا أنها تثير حماسة المشجعين. في المدرجات حضر حمزة عبيدي الذي أدار ظهره للاعبين، ولم يكن يتابع المباراة بقدر ما يتولى قيادة مشجعي عائلة عقل بترداد هتاف “بالطول بالعرض إحنا (نحن) أصحاب الأرض”.
ويقول عبيدي لفرانس برس “نحن جميعا أبناء القدس، لذلك أحضرت معي كل الفريق”، مرفقا ذلك بضحكة وإشارة الى مراهقين متحمسين.
ويبدي الفلسطينيون قلقهم على مستقبل الملعب، اذ أن محكمة إسرائيلية قد تمنح موافقتها لخطة بناء 20 وحدة استيطانية جديدة في المنطقة المحيطة به، على رغم أن أي تطور في القضية لم يسجل منذ فترة طويلة، بحسب ما يقول أفيف تاتارسكي من جمعية “عير عميم” المناهضة للاستيطان.
ويوضح تاتارسكي أن الموضوع لا يزال يقلق السكان الفلسطينيين الذين يبدون خشية من التوسع الاستيطاني في القدس الشرقية.
وتشكل دورة مثل هذه للعائلات المشاركة فيها، إحدى أشكال الثبات في الجزء الشرقي من المدينة، حيث وصل عدد الإسرائيليين الى نحو 200 ألف شخص يقيمون في كتل استيطانية حديثة تتوافر فيها كل مقومات الحياة، في حين يشكو السكان العرب من أن إسرائيل تحرمهم الحقوق والمزايا التي تمنحها لليهود من المستوطنين وغير المستوطنين، على رغم أنهم يدفعون كل المستحقات الضريبية المترتبة عليهم.
ويقول عبيدي “اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل جعل الفلسطينيين أكثر تصميما على البقاء في المدينة”، معتبرا أن ما يقوله الرئيس الأميركي “يذهب أدراج الرياح (…) هو لا يستطيع إلغاء وجودنا”.
يضيف “أحد لا يستطيع إخراجنا من هنا”.
في المباراة ضد عائلة سنقرط، سجل محمد عقل هدفا واحدا وصنع اثنين آخرين، مساهما بفوز كبير لفريقه 6-1. النتيجة ليست الأهم بالنسبة إليه، فهو يرى أن “الرياضة هي أفضل شيء لتوحيد العرب”، مضيفا “العائلات تلتقي وتعرف بعضها البعض. كل العالم يحب كرة القدم”. (أ ف ب)