شرق أوسط
مرشح المعارضة لرئاسة بلدية اسطنبول يغيّر المشهد السياسي في تركيا
ـ اسطنبول ـ لا يستسيغ مرشح المعارضة لرئاسة بلدية اسطنبول اكرم إمام اوغلو المواجهات ويفضل عليها التسويات، كما يحبذ القيام بالحملات الانتخابية عبر وسائل التواصل الاجتماعي بدلا من التلفزيونات.
وقد جعل هذا التوجه من مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض في انتخابات الإعادة على رئاسة بلدية اسطنبول، النقيض تماما من الرجل المسيطر على السياسة في تركيا خلال العقدين الماضيين الرئيس رجب طيب اردوغان.
وخلال مسيرته السياسية الطويلة، انتهج اردوغان سياسة الهجمات المباشرة، متهما خصومه السياسيين دائما بأنهم على صلات بتنظيمات ارهابية او يسعون لتقويض البلاد.
لكن إمام اوغلو ظهر من العدم خلال الأشهر القليلة الماضية وبنهج مختلف تماما، ويقول أمام أنصاره “لم اتعارك قط في حياتي لكنني أيضا لم اخسر ابدا”.
وشكّل قرار إمام اوغلو اختيار خطاب جامع توحيدي متنفسا جديدا للكثير من الناخبين الأتراك.
ويتعارض هذا النهج بشكل صارخ مع أسلوب القيادات السابقة في حزبه الشعب الجمهوري.
ففي العام 2018، حين نافس محرم انجه المنتمي لحزب الشعب الجمهوري اردوغان في الانتخابات الرئاسية، استخدم نفس الاسلوب شديد اللهجة المشابه لاسلوب خصمه اردوغان.
“أرى أملا”
وحتى مع حرمانه المثير للجدل من فوزه الصعب في الانتخابات البلدية في آذار/مارس الفائت وإجباره على إعادة الانتخابات الاحد المقبل، تمكن إمام اوغلو من الحفاظ على رباطة جأشه.
وجاء قرار اللجنة العليا للانتخابات بعد أن ندّد حزب العدالة والتنمية الحاكم بحصول “تجاوزات واسعة” في انتخابات المدينة الرئيسية التي يسيطر عليها واسلافه منذ 25 عاما.
ورغم الغضب العارم بين أنصاره، لم يدع إمام اوغلو الناس الى التظاهر في الشوارع دعما لموقفه، رغم خروج تظاهرات صغيرة بالفعل.
عوضا عن ذلك، تعهد بالقتال لاسترجاع “ما كسبناه بالفعل”.
وقال في مقابلة مع وكالة فرانس برس “ليس هناك حاجة لهذه الأعمال”، وتابع “سنقاتل من أجل الديموقراطية في صندوق الاقتراع”.
وتشبه حملته الانتخابية خصوصا حملة الرئيس الأميركي السابق باراك اوباما في العام 2008.
وقال إمام اوغلو مع صدور قرار إعادة الانتخابات “انظر الى الناس في اسطنبول وأرى أملا. هل تعلم ما هو الأمل؟ أن ترى الضوء حتى في الظلام”.
ولد إمام اوغلو في العام 1970 في مدينة طرابزون في شمال شرق تركيا، وبدأ حياته المهنية بالعمل في شركة بناء مملوكة لأسرته قبل أن يدخل المعترك السياسي المحلي قبل عقد.
وفي العام 2014، انتخب رئيسا لبلدية بيليك دوزو، ولم يكن إمام اوغلو معروفا في بداية حملته الانتخابية في آذار/مارس الفائت حين دفع به حزبه كمرشح مفاجئ في المدينة الكبيرة التي تضم 15 مليون نسمة.
ورغم مواجهته مرشح حزب العدالة والتنمية ورئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم على الورق، بدا أن منافسه الحقيقي هو اردوغان الذي شارك بكثافة في التجمعات الانتخابية.
ودأب اردوغان في خطبه شبه اليومية على وصف الانتخابات المحلية بالحاسمة لانقاذ البلاد، داعيا الناخبين لدعم مرشح حزبه يلدريم.
وقال انتوني سكينر مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى مركز دراسة المخاطر فيريسك مايبلكروف إن تركيز إمام اوغلو على الجمع بدلا من التفرقة وعلى التسامح وسع من دائرة أنصاره في اسطنبول.
وأوضح أن “إمام اوغلو تحول من معارض غامض نسبيا قبل اقتراع آذار/مارس إلى حامل راية الأمل الرئيسي للناخبين الذين لا يدعمون حزب العدالة والتنمية في اسطنبول”.
“الشاشات في أيديهم”
ورغم أنه بدأ الظهور أخيرا في وسائل الإعلام الرئيسية، التي تواجه دوما اتهامات بمحاباة الحكومة، فإنّ إمام أوغلو أجبر قي البداية على التركيز في شكل رئيسي على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال “أنصاري يتابعونني بالفعل من الشاشات التي في أيديهم”.
ووصف زيلان كاراكورت، الذي يقوم باستمرار ببث حي لمسيرات حملة إمام أوغلو، وسائل التواصل الاجتماعي بالسلاح الرئيسي.
وأفاد فرانس برس على عجل بين تجمعين انتخابيين “وضع وسائل الإعلام في تركيا معروف. لم نتمكن من إيجاد مساحة كافية قبل اقتراع 31 آذار/مارس”.
وتابع أنّ “وسائل التواصل الاجتماعي هي أكبر قوة في أيدينا الآن، لذا نستخدمها بفاعلية منذ البداية”.
وقال إنّ شعبية إمام اوغلو تزايدت بشكل كبير للغاية منذ قرار إعادة الانتخابات. فعدد متابعي حسابه على تويتر زادوا من 350 ألف متابع إلى 2,6 مليون متابع، فيما اصبحت مقاطع الفيديو الخاصة به تجتذب أكثر من مليون مشاهدة بعد ان كانت لا تتجاوز 30 ألف مشاهدة في آذار/مارس الفائت.
وأوضح أن الفارق بين الحملة الأولى والحملة الحالية كالفارق بين “الليل والنهار”.
وحاولت بعض وسائل الإعلام الموالية للحكومة تلطيخ صورة إمام اوغلو بالقول إنّه مدعوم من اليونان الغريم التاريخي لتركيا أو أنه نفسه يونانيا.
لكن المحلل سيكنر قال إنّ حملات التشويه من هذا النوع تعطي نتائج عكسية، مشيرا إلى أن احجام إمام اوغلو عن التورط في حملات دعائية قذرة تمنحه “قوة وتميّزه” عن بقية السياسيين في تركيا. (أ ف ب)