شرق أوسط
خطيبة خاشجقي: التخلي عن النضال من أجل العدالة هو التخلي عن الحياة ذاتها
ـ إسطنبول ـ تقول خديجة جنكيز خطيبة الصحفي السعودي المنشق الراحل جمال خاشجقي، إنه ليست ثمة إجابة على السؤال بشأن ما الذي يمكن أن يسكن آلام وفاة خطيبها.
وتضيف إنه في “النضال من أجل الشرف”، وفي سعيها لتحقيق العدالة لن يكون هناك أي تعويض آخر بخلاف عقاب أولئك المسؤولين عن اغتياله.
وقُتل خاشجقي ، وهو كاتب عمود بصحيفة واشنطن بوست ومنتقد لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، داخل مبنى القنصلية السعودية في إسطنبول في الثاني من تشرين أول /أكتوبر الماضي، حيث توجه إليها للحصول على وثائق تسمح له بالزواج من جنكيز، وكانت هذه هي المرة الأخيرة التي تراه فيها.
وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) ، ردت جنكيز على سؤال بشأن ما إذا كانت العدالة ستتحقق بعد ثمانية أشهر من مقتل خطيبها، قائلة “هذا سؤال ليس له إجابة، لأن جمال لن يعود مرة أخرى، أليس كذلك ؟”
وأضافت ” العدالة كانت ستتمثل في عدم قتله “.
وكانت أنجس كالامارد المقررة الخاصة للأمم المتحدة حول عمليات القتل التي تتم خارج نطاق القضاء، قد اتهمت السعودية في تقرير صدر الأسبوع الماضي بارتكاب “عملية قتل مع سبق الإصرار والترصد “.
وقالت في التقرير إن ولي العهد السعودي ، إلى جانب مجموعة من كبار المسؤولين السعوديين يجب أن يخضعوا للتحقيق حول عملية القتل، والتي ستتم مناقشتها في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في مقرها الأوروبي بجنيف.
ومن المتوقع أن تلقي جنكيز كلمة اليوم الأربعاء أمام المجلس الذي تتمتع السعودية بعضويته.
ووصفت جنكيز التقرير بأنه “ذا قيمة ويبعث على الأمل “، وقالت إنه لا يمكن “عدم الإصغاء لما يتضمنه”.
وأضافت لـــ (د.ب. أ) إن هذه “كانت عملية قتل وحشية للغاية، ربما لم يكن الجناة يتوقعون أن تكتشف”.
وتابعت “لكي نتجنب وقوع حوادث مثل هذه مستقبلا، يجب إنزال العقاب بمرتكبيها، ويتعين محاسبة أولئك الذين أعطوا الأوامر، وإذا لم يحدث شيئء من ذلك فستتكشف مرة أخرى مدى قوة المال، ومن هنا فستكون النتيجة مشاعر كبرى من الإحباط”.
وهي تعتزم إخبار مجلس حقوق الإنسان بجنيف أنه يجب على الأمم المتحدة أن “تتخذ الإجراءات الضرورية لكي تتجنب فقدان شرعيتها كمؤسسة”.
ودعت كالامارد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إلى بدء تحقيق جنائي لمتابعة تطورات قضية خاشجقي، بينما قال المتحدث باسم جوتيريش إنه لكي تتم عملية التحقيق الجنائي بشكل يلزم كل الدول بالتعاون يجب على مجلس الأمن الدولي أن يصدر قرارا في هذا الشأن.
بينما أصرت جنكيز على أنه “لا يمكن أن يواصلوا التصرف كما لو أن شيئا لم يحدث، وستلحق مؤسسة الأمم المتحدة الضرر بنفسها بتجاهلها التقرير الذي أصدرته”.
ويصف التقرير بتفاصيل تجعل الدم يتجمد في العروق الحوارات التي تم تسجيلها داخل القنصلية السعودية، والتي استمعت إليها كالامارد، ودارت قبل دقائق من دخول خاشجقي إلى القنصلية، حيث سأل أحد الرجال عما إذا كان “خروف الأضحية” قد وصل.
ومن بين التسجيلات قول رجلين “سيتم فصل الأطراف، فالجسد ثقيل، وإذا مزقناه إلى قطع ووضعناه داخل أكياس بلاستيكية فسينتهي الأمر”، ويشير التقرير إلى عدم ذكر اسم خاشجقي في التسجيلات.
وقالت كينجيز لـ (د.ب.أ) “إذا لم يتم اتخاذ أي إجراء – خاصة بعد نشر تقرير الأمم المتحدة – فلن يكون هناك ما يمكن قوله”.
وساندت واشنطن بقوة حليفتها الوفية السعودية، ومن بين المطالب التي تقدمت بها كالامارد أن يفتح مكتب التحقيقات الاتحادي الأمريكي تحقيقا” وأن “تبدأ إجراءات قضائية جنائية داخل الولايات المتحدة حسب الضرورة”.
ورفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا المطلب في مقابلة مع محطة (إن.بي.سي) التليفزيونية أمس الأول الأحد.
وقال ترامب “أعتقد أنه تم التحقيق في هذه القضية بالتفصيل، من جانب الجميع، ورأيت كثيرا من التقارير المختلفة”.
ووصف ترامب منطقة الشرق الأوسط بأنها “مكان شرير وعدائي” وقال إذا كنتم ستنظرون إلى السعودية فيجب أن تنظروا إلى إيران، وانظروا إلى دول أخرى”، وأضاف إن السعودية تعد من كبار المشترين لمعدات الدفاع الأمريكية.
وكانت جنكيز قد انتقدت ترامب في وقت سابق بسبب تجاهله قضية خطيبها الراحل.
وقالت جنكيز التي تحمل الجنسية التركية إنه في الوقت الذي توصف فيه الولايات المتحدة بأنها أرض الحرية، فإن حرية التعبير والصحافة من جهة أخرى “هي مسؤولة أيضا عن القلاقل في الشرق الأوسط”.
وأضافت “وفقا لتقرير الأمم المتحدة تم قُتل شخص يدافع عن هذه القيم بوحشية، وبالتالي علينا أن نحقق في كل شيء تفعله الولايات المتحدة”.
وكان خاشجقي مقيما بالولايات المتحدة، وكتبت جنكيز بصحيفة نيويورك الأسبوع الماضي عن زيارتها لواشنطن لحضور جلسة الاستماع بالكونجرس، وهي الزيارة التي تعد أول نظرة خاطفة لها للعالم الذي كان بعيش فيه خاشقجي.
وقالت “لقد قُتل جمال في تركيا، وقابلته في تركيا، وكنت أعرف كل شيء عن حياته بالخارج وعن الظروف المحيطة به منه شخصيا”.
غير أنها عندما زارت العاصمة الأمريكية قالت وهي تستدعي ذكرياتها “إننى أرى بعيناي أن جمال موجود في واشنطن أيضا، حيث عاش حياة خاصة به وكان له أصدقاء كثيرون، وكان جزءا من حياة الناس، وكان الأمر مؤلما للغاية في تركيا، ولست الشخص الوحيد الذي يعاني من فقدانه هناك”.
لكن السؤال هو ” : هل تتخلى عن نضالها الرامي للبحث عن الحقيقة ؟ وترد قائلة “كيف يمكنني التخلي عن هذا الهدف ؟. شخص في حياتي تم قتله، شخص كان قريبا للغاية مني، كيف يمكنكم التصرف كما لو كان شيء لم يحدث وتنحوه جانبا وتواصلون الحياة ؟”
وتضيف “عليكم التخلي عن الحياة حال تخليكم هن هذه القضية”.