تحقيقات
التوتر بين حفتر وأنقرة يهدد بإشعال حرب بالوكالة في لييبا
ـ طرابلس ـ يرى محللون أن المشير خليفة حفتر يحاول استدراج تركيا إلى الانخراط المباشر في النزاع الليبي لتحويل الأنظار عن النكسة التي منيت بها قواته في معركة طرابلس والحصول على إسناد إضافي من الدول الداعمة له، مجازفا في ذلك بإشعال حرب بالوكالة بين قوى متنافسة في الشرق الأوسط.
والجمعة هدد الرجل القوي في الشرق الليبي الذي تشن قواته منذ ثلاثة أشهر هجوما للسيطرة على العاصمة الليبية، بمهاجمة المصالح التركية في البلاد، متّهما أنقرة بتقديم الدعم العسكري لخصومه في حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا.
وقد نفّذت قواتها التهديد بتوقيف ستة من الرعايا الأتراك عادت وأفرجت عنهم الإثنين غداة تلويح تركيا برد انتقامي.
وزاد من التوترات إعلان قوات حفتر الأحد أنها دمّرت “طائرة تركية مسيّرة” في مطار طرابلس الدولي.
وجاءت تهديدات حفر لتركيا غداة إعلان القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني استعادتها لمدينة غريان التي تبعد نحو مئة كيلومتر عن طرابلس.
وكان المشير قد جعل من هذه المدينة مركز عمليات للهجوم الذي يشنّه على طرابلس، الواقعة على بعد أكثر من ألف كيلومتر من معقله بنغازي في الشرق الليبي.
“هواجس” حفتر
ويقول محللون إن حفتر بمحاولته إقحام تركيا بشكل مباشر في النزاع الليبي إنما يسعى لتحويل الأنظار عن النكسة التي منيت بها قواته في غريان والتي تعتبر هزيمة مذلّة.
ويقول الباحث في معهد كلينغنديل في لاهاي جلال حرشاوي إن “الأمر هو بمثابة ذر الرماد في العيون”.
ويعتبر حرشاوي أن لدى حفتر هاجسين كبيرين. أولا خسارة غريان التي تشكل “عائقا حقيقيا أمام مواصلة حملته العسكرية على طرابلس”، ومن ثم العثور في المدينة على عدد من صواريخ “جافلين” الأميركية التي يبدو أن الإمارات قد زوّدته بها.
وتعتبر الإمارات ومصر والسعودية أبرز الدول الداعمة لحفتر في المنطقة.
وأكد حرشاوي أن الصواريخ التي عرضت هذا الأسبوع أمام الصحافة في طرابلس “تثبت أن الإمارات العربية المتحدة قد انتهكت تعهّدها لواشنطن بعدم تسليم أسلحة متطورة لطرف ثالث”.
ويقول إن “ذلك يخلق جوا من عدم الارتياح بين الأميركيين والإماراتيين في توقيت حساس”.
ويقول أرنو دولالاند الاختصاصي في الشؤون الدفاعية إن حفتر بمهاجمته تركيا يأمل في استدراج “أنقرة إلى التورط بشكل مباشر، ما سيجبر حليفتيه (الإمارات ومصر) على القيام بالمثل”.
لكن حرشاوي يعتبر أن أنقرة تريد تجنّب هذا الفخ، ويقول إنها “نجحت في مهمتها في غرب ليبيا في الوقت الراهن، بفضل الطائرات المسيّرة التي سلّمتها في أيار/مايو” للقوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني.
ويؤكد أن تركيا “لا تريد تصعيدا في هذه المرحلة”.
“استبداد صارم” أم “شعبوي”؟
ويقول دولالاند إن تركيا تزوّد حكومة الوفاق الوطني بـ”سيارات وطائرات مسيّرة مسلّحة وغير مسلّحة، وبمؤازرة تقنية (بخاصة التدريب) وإنها تتدخل أيضا بشكل مباشر خاصة في قيادة الطائرات المسيرة +بيرقدار تي بي 2+، بانتظار أن يصبح (المقاتلون) الليبيون قادرين على ذلك”.
ويضيف أن داعمي حفتر “يأخذون تهديد الطائرات المسيرّة التركية على محمل الجد” وقد دمّروا طائرتين على مدرج مطار معيتيقة في 8 حزيران/يونيو وأعلنوا تدمير أخرى الأحد.
وهو يقول إن أنقرة سلّمت حكومة الوفاق الوطني أربع طائرات مسيّرة، وإن الأخيرة طلبت أربع طائرات أخرى بعد فقدان اثنتين يؤكد أن طائرات إماراتية دمّرتهما.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد أكد في حزيران/يونيو أن بلاده تزوّد حكومة الوفاق الوطني بالأسلحة، معتبرا أن هذه التجهيزات قد أتاحت لطرابلس إيجاد “توازن” قوة في مواجهة قوات حفتر.
ويقول حرشاوي إن أنقرة بدعمها الحكومة الليبية المعترف بها دوليا “تأمل في إظهار نفسها على أنها قوة قادرة على إنقاذ التعددية السياسية من عدوان تشنّه دول الخليج ومصر التي تفضّل الاستبداد الصارم على الاستبداد الشعبوي الذي يعتمده إردوغان”.
وتقول جنى جبور المتخصصة في السياسة الخارجية التركية إن النزاع الليبي تحوّل إلى “حرب بالوكالة بين محورين إقليميين: من جهة المحور التركي القطري (…) ومن جهة أخرى المحور السعودي المصري الإماراتي الذي يقاتل القوات الإسلامية بدعمه عودة الأنظمة الاستبدادية”.
وتضيف أن تركيا بانخراطها في النزاع الليبي تريد “أن تلقي بثقلها في ميزان القوى الإقليمية وأن توجد نظاما يحمي مصالحها في مواجهة تزايد نفوذ مصر والسعودية والإمارات”. (أ ف ب)