شرق أوسط
إيران تعاود تخصيب اليورانيوم بنسبة يحظرها الاتفاق النووي وترامب يحذرها
ـ طهران ـ أكّدت إيران الأحد أنّها باشرت تخصيب اليورانيوم بنسبة يحظّرها الاتّفاق حول برنامجها النووي، مهدّدةً بالتخلّي عن تعهّدات أخرى “خلال ستّين يومًا”، في محاولة للضّغط على الأطراف الأوروبيين في الاتّفاق للإيفاء بتعهّداتهم.
في المقابل، حذّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأحد إيران من خرقها الوشيك للحدّ الأقصى لتخصيب اليورانيوم المحدَّد في الاتّفاق النّووي. وقال ترامب للصحافيّين في موريستاون بولاية نيوجيرسي “على إيران أن تكون حذرةً، لأنّها تقوم بالتّخصيب لسببٍ واحد، ولن أقول ما هو هذا السبب. لكنّه ليس جيّدًا. من الأفضل أن يكونوا حذرين”.
وأعلن المتحدّث باسم المنظّمة الإيرانيّة للطاقة الذرّية بهروز كمالوندي للصحافيّين أنّ إيران ستستأنف “خلال ساعات” تخصيب اليورانيوم بمستوى “أعلى من 3,67%”ريثما تتمّ تسوية بعض التفاصيل التقنيّة.
ولم يكشف كمالوندي رقمًا محدّدًا لدرجة نقاء اليورانيوم 235 التي تعتزم إيران تحقيقها من خلال عمليّات التخصيب، مكتفيًا بالقول إنّه تلقّى الأمر بالتّخصيب بالقدر الذي تحتّمه “حاجات” البلاد.
وردّ وزير الخارجيّة الأمريكي مايك بومبيو متوَعّدًا طهران بعقوبات جديدة، وكتب على تويتر أنّ “التطوّر الأخير في البرنامج النووي الايراني سيؤدّي الى مزيد من العزلة والعقوبات إنّ امتلاك النظام الإيراني أسلحة نوويّة سيشكّل تهديدًا أكبر للعالم”.
وأكّد مستشار المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي للشؤون الدوليّة علي أكبر ولايتي السبت أنّ حاجات بلاده الحاليّة من أجل “أنشطتها السلميّة” تحتّم تخصيب اليورانيوم بنسبة 5% لتغذية مفاعل محطتها الكهربائية الوحيدة العاملة بالطاقة النووية في بوشهر بجنوب غرب إيران.
بدوره، قال وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف إنّ طهران قد تخفض تعهداتها في شكل أكبر لكن “كلّ هذه الخطوات يمكن الرجوع فيها” إذا نفذت الدول الأوروبية تعهداتها.
وفي مواجهة تنديد الأسرة الدولية، تؤكّد طهران أنّ الهدف الوحيد من قرارها هو إنقاذ الاتفاق النووي الموقّع في تموز/يوليو 2015 في فيينا.
وقرار استئناف تخصيب اليورانيوم بمستوى محظور هو أحد عناصر الردّ الإيراني على القرار الذي أعلنه ترامب في أيار/مايو 2018 بالانسحاب من الاتّفاق بشكل أحاديّ وإعادة فرض العقوبات الأمريكيّة التي رفعت عن طهران بموجبه.
وأمهل نائب وزير الخارجيّة عباس عراقجي شركاء إيران في الاتّفاق النووي “ستّين يومًا” للتوصّل إلى “حلّ” يلبّي مطالب بلاده، “وإلا سنطلق المرحلة الثالثة” من خطة خفض التعهّدات.
وتتعلّق مطالب إيران بشكل أساسي بتمكينها من مواصلة بيع إنتاجها النفطي ومزاولة التجارة مع الخارج بالالتفاف على العقوبات الأمريكيّة.
وعدَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي إعلانَ إيران الأحد “خطوةً خطيرة للغاية” ودعا فرنسا وبريطانيا وألمانيا لفرض “عقوبات قاسية” على طهران.
وقالت المتحدّثة باسم الخارجيّة الفرنسيّة أنييس فون در مول في بيان مساء الاحد “نطالب ايران بشدة بوضع حدّ لكلّ الانشطة التي لا تنسجم مع التزاماتها بموجب” الاتفاق النووي.
بدورها، أعلنت بريطانيا أنّ “إيران خالفت بنود الاتّفاق النووي”.
من جهته قال المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة الألمانيّة “نحضّ إيران بشدّة على وقف كلّ الأنشطة التي تتعارض مع التزاماتها والتراجع عنها”.
في الوقت “المناسب”
ولم يوضح عراقجي أيّ التزاماتٍ جديدة تعتزم بلاده التخلّي عنها، مكتفيًا بالقول إنّ ذلك سيُكشَف في الوقت “المناسب”.
وأشار إلى أنّ بإمكان إيران الرّجوع في أيّ لحظة عن تدابيرها في حال تحقيق مطالبها.
وتمّ توقيع اتّفاق فيينا بين إيران ومجموعة الستّ المؤلّفة من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي (الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا) إضافة إلى ألمانيا.
وتعهّدت إيران بموجب الاتّفاق عدم امتلاك السلاح النووي والحدّ بشكل كبير من أنشطتها النووية، لقاء رفع العقوبات الدوليّة التي كانت تخنق اقتصادها.
وأدّت إعادة فرض العقوبات الأمريكيّة على إيران اعتبارًا من آب/أغسطس 2018، إلى إبعاد الشركات الأجنبيّة التي عادت إلى البلد بعد 2016، وتسبّبت بانكماش اقتصادي كبير.
“صدمة”
مع تشديد العقوبات الأمريكية، أعلنت طهران في 8 أيار/مايو، بعد عام بالتّمام على الانسحاب الأمريكي، التخلّي عن اثنين من التعهدات التي قطعتها في فيينا، يضعان حدًا اقصى لمخزونها من المياه الثقيلة قدره 1,3 طن، ولمخزونها من اليورانيوم الضعيف التخصيب قدره 300 كلغ.
وأرفقت طهران هذا الإعلان بتحذير يُمهل شركاءها 60 يومًا لمساعدتها على الالتفاف على الحظر الأمريكي ولا سيّما على صادراتها النفطيّة، وإلّا فسوف تُخالف التزامين آخرين منصوص عليهما في الاتفاق.
وتسعى إيران من خلال هذه الخطوة لإحداث صدمة. فإن كان الاتّفاق جيدًا كما يؤكّد الأوروبيون، لا بدّ للأطراف الآخرين من أن يتّخذوا التدابير اللازمة لإنقاذه.
وإزاء عدم استجابة الشركاء لمطالب بلاده، تجاهل روحاني الدعوات إلى “ضبط النفس” والتحلي بـ”المسؤولية” وأعلن الأربعاء أنه اعتبارًا من 7 تموز/يوليو ستعاود بلاده تخصيب اليورانيوم بنسبة تفوق 3,67% “بقدر ما يلزم وبحسب ما تتطلب احتياجاتنا”.
“قلق كبير”
وأرفقت إيران إعلانها بتحذير يمهل شركاءها ستين يوما لمساعدتها في الالتفاف على الحظر الأمريكي، وإلا فسوف تبدأ بتخصيب اليورانيوم بمستوى يفوق 3,67% وتستأنف مشروع بناء مفاعل أراك العامل بالمياه الثقيلة.
وعن هذه النقطة الثانية، قال عراقجي الأحد إن إيران لن تنفذ تهديدها في الوقت الحاضر، مفضلة مشروع تحويل موقع أراك الذي نص عليه اتفاق فيينا، مشيرا إلى تحقيق “تقدم” مشجع حول هذه النقطة خلال الأشهر الأخيرة.
وبمخالفتها التزاماتها، تجازف إيران برفع ملف برنامجها النووي إلى مجلس الأمن الدولي المخوَّل إعادة فرض العقوبات التي رفعت عنها.
ويسعى الأوروبيون والصينيون والروس لتسوية المسألة بدون إحالتها إلى مجلس الأمن، وقد حذرت طهران بأنّ خطوةً كهذه ستعني سقوط الاتفاق.
وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرّية في فيينا أنّها أخذت علمًا بإعلان إيران الأخير.
وأفادت الوكالة المكلّفة التثبّت من وفاء إيران بالتزاماتها، في بيان “سيرفع مفتشونا تقريرًا إلى مقرّنا ما إن يتثبتوا” من واقع هذا القرار.
وقال كمالوندي إنّ المفتّشين الدوليين سيتثبّتون منذ صباح الإثنين من أنّ إيران تخصّب بنسبة أعلى من 3,67%.
وأعلنت الوكالة الدولية عقد اجتماع طارئ في 10 تموز/يوليو بطلب من الولايات المتحدة لبحث انتهاك إيران لبنود الاتفاق.
ويرتقب ردّ الفعل الأمريكي بقلق وسط التصعيد العسكري بين واشنطن وطهران في الخليج. (أ ف ب)