تحقيقات
الهواجس الأمنية تلقي بظلالها على أنشطة موانئ الخليج
ـ نيويورك ـ تتجنب شركات ناقلات النفط الدولية إرسال ناقلاتها إلى موانئ الشحن الرئيسية في الشرق الأوسط بعد سلسلة الهجمات التي تعرض لها عدد من هذه الناقلات خلال الشهرين الماضيين في مياه الخليج، مع تزايد التوترات الإقليمية وتزايد مخاطر عمل ناقلات النفط في المنطقة.
كان الهجوم الذي استهدف ناقلات نفط في خليج عمان منتصف حزيران/يونيو الماضي، هو الثاني الذي يستهدف الناقلات بالقرب من مضيق هرمز خلال نحو شهر، حيث سبقه هجوم استهدف ناقلات نفط في إمارة الفجيرة بالإمارات العربية المتحدة. والآن تراجع الطلب على خدمات تموين السفن في ميناء الفجيرة، وهو من الموانئ الرئيسية لشحن النفط وخدمات السفن بالقرب من مضيق هرمز، مع اتجاه بعض شركات النقل البحري إلى الابتعاد عن مياه الخليج ككل، بحسب ما نقلته وكالة بلومبرج للأنباء عن تجار يتعاملون في السوق الإقليمية للنفط في الخليج.
يقول”مات ستانلي” السمسار في شركة “ستار فويلز” إحدى أكبر شركات تجارة المواد البترولية في دبي: إن “هناك توقعات بتدهور الأوضاع بصورة أكبر قبل أن تبدأ في التحسن”، مضيفا أن ميناه الفجيرة يشهد “تراجعا كبيرا في الطلب بسبب ارتفاع تكاليف التأمين على ناقلات النفط ضد مخاطر الحرب”.
ولم يتضح تماما السبب الرئيسي لهذا التراجع، سواء نتيجة تجنب شركات ناقلات النفط منطقة الشرق الأوسط ككل، أو ميناء الفجيرة بشكل خاص.
منذ الهجمات الأولى التي استهدفت ناقلات النفط في الفجيرة، في أوائل أيار/مايو الماضي، ارتفعت تكاليف التأمين على الناقلات، في حين دفع القلق بعض أصحاب الناقلات إلى وقف تشغيلها في الخليج. وقد أوقفت شركة “فرونت لاين ليمتد” مؤقتا أنشطتها في منطقة الخليج.
يذكر أن ميناء الفجيرة، يزود ناقلات النفط بالوقود والإمدادات وأعمال الصيانة أثناء عبور هذه السفن من الخليج إلى مصافي النفط في مختلف أنحاء العالم عبر مضيق هرمز.
يقول مسؤولون محليون في الميناء، إنه لا يوجد أي تراجع في أعمال إعادة تموين السفن والناقلات من المنشآت القائمة في موانئ الخليج نفسها، لكن هناك بعض التراجع في حركة التجارة. ورغم أنه لا توجد بيانات رسمية عن حركة مبيعات النفط في منطقة الخليج حاليا، فإن التجار والوسطاء يقولون إنها تراجعت بنسبة 15% منذ هجمات أيار/مايو الماضي، رغم التباين الحاد في التقديرات بين الوسطاء والتجار بحسب وكالة بلومبرج. يقول أحد الوسطاء إن الطلب على خدمات مستودعات الخام، تراجع بأكثر من 30% إلى حوالي 500 ألف طن شهريا.
وبحسب تقديرات “بيانات الطاقة العالمية” فإن المبيعات في المنطقة تراجعت بمقدار 650 ألف طن شهريا، أي بنسبة 13% مقارنة بحجم المبيعات قبل حوادث الهجوم على ناقلات النفط. وكانت المبيعات قد وصلت إلى مليون طن شهريا في 2016، قبل أن تبدأ التراجع منذ ذلك الوقت.
وأشارت وكالة بلومبرج للأنباء إلى أن مسؤولي الموانئ والسلطات في الخليج رفضوا التعليق على حجم تجارة وقود السفن بنظام “أوف شور” في الخليج وأعمال التموين بعد حوادث الهجوم على الناقلات.
وقال “ويليام ليست” مدير التشغيل في محطة مستودعات نفط الفجيرة، إن كمية المنتجات النفطية التي تدخل أو تخرج من مستودعات التخزين في ميناء الفجيرة، وصلت إلى أعلى مستوى لها خلال العام الحالي في حزيران/يونيو الماضي، مضيفا أن هذه البيانات لا تتضمن المستودعات العاملة بنظام”أوف شور”.
أما المستشار الاقتصادي لحكومة الفجيرة سالم خليل، فقال إن أي تراجع في كميات المنتجات النفطية المخزنة في المستودعات، قد يكون نتيجة القواعد البيئية الجديدة، والتي ستدخل حيز التطبيق في العام المقبل. وتتوقع الفجيرة ارتفاع الطلب على خدمات الميناء في .2020
وبحسب بلومبرج، فإن التفجيرات الأخيرة، ليست سوى أحدث تحد يواجه ميناء الفجيرة، والذي تحول خلال السنوات الأخيرة إلى مركز لتجارة النفط الخام والمنتجات النفطية المقررة، إلى جانب دوره التقليدي كمركز لإعادة تموين السفن العابرة.
يأتي ذلك في الوقت الذي تواجه فيه إيران، وهي منتج رئيسي لوقود النفط عالي الكبريت الذي تستخدمه أغلب السفن اليوم، ضغوطا بسبب العقوبات الأمريكية التي تتضمن معاقبة الشركات أو الدول التي تشتري النفط الإيراني ومنتجاته.
في الوقت نفسه من المتوقع، أن يتراجع الطلب العالمي على هذا النوع من الوقود اعتبارا من العام المقبل مع دخول القواعد الدولية البيئية الجديدة حيز التطبيق. ووفقا لهذه القواعد ستلزم المنظمة الدولية للملاحة البحرية، إما باستخدام أنواع وقود أقل تلويثا، أو معالجة العوادم التي تنتجها.
ويقول التجار إن السفن والناقلات لن تتخلى عن ميناء الفجيرة تماما، لآنه لا توجد بدائل عديدة قادرة على تقديم نفس المجموعة الكبيرة من الخدمات في المنطقة. ومن بين البدائل المحتملة أمام شركات الملاحة، التوجه إلى سنغافورة في رحلة عودة إلى آسيا. وقد يكون هذا الخيار جيدا بالنسبة للشركات إذا كانت السفن ستتجه إلى سواحل غرب إفريقيا لاستكمال تحميلها.
في الوقت نفسه، فإن السفن التي تتجه إلى ميناء الفجيرة، للحصول على الوقود والخدمات فقط، قد تجد بدائل أكثر، بحسب التجار. ورغم ذلك فإن الجزء الأكبر من السفن التي تتحرك في مياه الخليج، لنقل النفط الخام أو المنتجات النفطية، ستظل تزور ميناء الفجيرة لأنها ستظل تدفع رسوم تأمين أعلى لعبورها مضيق هرمز سواء استفادت من خدمات الميناء الإماراتي أو بحثت عن ميناء آخر بديل. (د ب أ)